البحث
رؤية غير المسلمين للرحمة - حالهم في الحروب - في العصر الحديث
أما في العصر الحديث: وبالتحديد إذا نظرنا إلى القرن العشرين الميلادي الذي تولَّى زعامته العالم الغربي بلا منازع، وشهد طفرة علمية مذهلة .. إلا أنه - وللأسف - شهد كمًّا من العنف والدمار لم تشهده الإنسانية منذ بدء الخليقة، وفيما يلي نتعرض للبعض اليسير مما عاناه العالم الإنساني بصفة عامة خلال مائة عام فقط تحت قيادة الغرب المتحضِّر !!
الحرب العالميـة الأولى: (1914-1918)
حدثت عند مطالبة ألمانيا بمصالح استعمارية في العالم تتضارب مع مصالح الدول الاستعمارية الكبرى، فاشتعل العالم أجمع وانقسم إلى فريقين متحاربين، وكانت المعارك قاسية على الأطراف المتحاربة وظهرت فيها أسلحة جديدة أشد فتكًا!! وانتهت هذه الحرب بهزيمة ألمانيا وحلفائها، وقُدِّر عدد القتلى بنحو عشرة ملايين إنسان، وبلغ عدد الجرحى عشرين مليوناً، وقد أنشئت بعد ذلك عصبة الأمم لمنع مثل هذه الحروب مستقبلاً، ولكن هيهات!![1]
مذبحة قيرغيزستان: (1916-1917)
قامت روسيا القيصرية في أواخر أيامها بهذه المذبحة في إطار سياستها القمعية تجاه المسلمين بآسيا الوسطى بشكل عام بهدف القضاء على العقيدة الإسلامية، وبالفعل قامت القوات الروسية بالعديد من المذابح الدموية في هذه المنطقة، وفي قيرغيزستان فقط تم قتل 150.000 مسلم.[2]
الحرب الإسبانية: (1936-1939)
هي حرب أهلية ضارية اندلعت في إسبانيا إثر صراع على السلطة استمر 3 سنوات، وكانت محصلتها 600.000 قتيل، منهم 210.000 أعدموا من قبل الأطراف المتنازعة، وقد انتهى هذا الصراع الدامي باستيلاء الجنرال فرانشيسكو فرانكو على مقاليد الحكم في عام 1939م ليبدأ فترة حكمه الديكتاتوري والذي استمر لمدة 35 عامًا وانتهى بموته.[3]
حركة "التطهير" السوفيتية : (أغسطس 1936)
لقد رُوَّع العالم بما جرى في الاتحاد السوفيتي في أغسطس 1936م، حين تم القبض على مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين بتهمة التنظيم لاغتيال الزعيم الروسي ستالين، وبعد تقديمهم إلى محاكمات صورية، صدر الحكم بالسجن لمعظم المتهمين، وتم نفي بعضهم إلى سيبيريا الجليدية، كما تم إعدام بعض المتهمين رميًا بالرصاص.[4]
الحرب اليابانية الصينية : (1937-1943)
احتلت اليابانُ الصينَ، ومارست قواتها القسوة والوحشية بلا حساب، وقد بلغ عدد الضحايا الصينيين من القتلى والجرحى والمرضى بسبب غزو اليابان 5 مليون و620 ألف شخص، وقد حدثت في هذه الفترة العديد من المذابح الرهيبة، أشهرها مذبحة مدينة نانكين الصينية، والتي قتل فيها أكثر من 200.000 صيني، وتم اغتصاب 20.000 امرأة.[5]
الحرب العالميـة الثانيـة: (1939-1945)
في عام 1939م بدأت الأحداث المروعة للحرب العالمية الثانية، والتي شارك فيها 15.600.000 مقاتل، واستمرت زهاء ست سنوات 1939- 1945، وتُعَدُّ هذه الحرب أكثر الحروب البشرية دموية على مدار التاريخ، ولقد خسر فيها الجميع، حيث خرجت الولايات المتحدة الأمريكية المنتصرة بحصيلة قتلى بلغت 292.000 من قواتها المسلحة، وخسر الاتحاد السوفيتي 750.000 قتيل، وخسرت الصين بمفردها 2.200.000 قتيل[6]، وبلغ عدد الجرحى 80 مليوناً، كما خلّفت ملايين لا تحصى من المعوقين والمشردين والمفقودين!![7]
معركة بريطانيا: (أغسطس 1940)
وتُعدُّ من المعارك الشهيرة في الحرب العالمية الثانية، وبدأت عندما قرر الألمان غزو بريطانيا، وقد قاومت المدن الإنجليزية، واستعصت على الألمان، فلجأت ألمانيا النازية إلى شن غارات جوية عنيفة على مختلف المدن البريطانية، وقد استمرت هذه الغارات المتواصلة لمدة خمسة أشهر، مما أدى إلى دكِّ مدن بالكامل، مثل مدينة برمنجهام ومانشستر وشفيلد، بالإضافة إلى مقتل 23.000 مدني!![8]
الغارات الجوية على ألمانيا: (1943-1945)
بدأت سلسلة هذه الغارات في يناير 1943م، وقامت بها الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك مع بريطانيا وكانت موجهة بشكل مركز على المدن الألمانية، وقد خلفت هذه الغارات قرابة المليون شخص مابين قتيل وجريح، وكلهم من المدنيين الألمان، كما دمرت هذه الغارات أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون بيت ومبنى تدميرًا كاملاً، ولم تتوقف هذه الغارات إلا مع سقوط برلين وانهيار المقاومة الألمانية بعد أن صارت معظم مدنها خرابًا[9].
هيروشيما ونجازاكي: (أغسطس 1945)
إن من أبشع صور القسوة مع المدنيين ما حدث لسكان مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين، ففي صباح يوم 6 أغسطس 1945م أُسقطت القنبلة الذرية الأمريكية الأولى على مدينة هيروشيما، فمات على الفور 70.000 مواطن ياباني، والعجيب أنه بعد ثلاثة أيام فقط ألقت أمريكا القنبلة الثانية على مدينة نجازاكي فمات على الفور 60.000 مواطن آخر، وقد صرَّحَ مجلس مدينة هيروشيما إن عدد قتلاها ارتفع في سنوات قليلة إلى 230.000 إنسان بسبب ما خلفته القنبلة من إشعاعات، كما وصل عدد الجرحى إلى 157.000 شخص[10].
تقسيم الهند: (يوينو 1947)
فور إعلان قرار تقسيم الهند وإعلان دولة باكستان كموطن للمسلمين، بادر الهندوس إلى الاعتداء على المسلمين في الولايات التي صارت جزءً من الدولة الهندية، واتخذ الاعتداء صورًا وحشية بالغة القسوة، مما اضطر المسلمين إلى الفرار من الهند إلى الأراضي الباكستانية، مخلِّفين وراءهم أموالهم وديارهم، فكانت هجرة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، إذ بلغ عدد المهاجرين 10 مليون مسلم خلال بضعة شهور قليلة!![11]
الحرب الكورية: (1950-1952)
التي قامت فيما بين الكوريتين، كوريا الشمالية بدعم من الصين، وكوريا الجنوبية بدعم من أمريكا، وقد أسفرت الحرب الكورية عن مقتل قرابة 3 مليون شخص من الكوريتين!! وذلك بخلاف الجرحى والمعاقين والمفقودين[12].
تصفية المعارضين في الصين: (فبراير 1951)
قاد الزعيم الصيني "ماو تسي تونج" العديد من الحملات الداخلية للقضاء على المعارضين له، ففي عام 1951م - وتحت عنوان القضاء على الثورة المضادة - تم اعتقال عدد هائل من المواطنين،كما حُكِم بالإعدام على الكثير من الشخصيات العامة، وقد اعترف "ماو تسي تونج" أنه - في هذه الحملة فقط - تم تصفية 800.000 شخص من المناوئين لسياساته[13]، كما كان يفتخر بأنه دفن 46.000 عالم وهم أحياء[14]!!
مأساة تركستان الشرقية: (1949-1953)
لقد استخدمت الصين أبشع الوسائل لقمع الشعب المسلم في تركستان الشرقية، لقد قسَّمت بلادهم، وغيرت اسمه إلى إقليم سيكيانج، وحظرت تعليم الديانة الإسلامية، ونكلت بالمعارضين وقتلتهم، حتى بلغ عدد القتلى من المعارضين المدنيين 100.000 مسلم، وذلك فيما بين عامي 1949- 1953م.[15]
حرب فيتنام: (1964-1975)
شنت الولايات المتحدة حربًا شاملة ضد فيتنام الشمالية، وقد أسفرت الحرب عن مقتل 3 مليون فيتنامي معظمهم من المدنيين، وخلّفت أكثر من 30.000 معوق، و40.000 لاجيء، فضلاً عن المدن العديدة التي دُمرت تدميراً كاملاً[16].
مذبحة صبرا وشاتيلا: (سبتمبر 1982)
قامت بها القوات الإسرائيلية بقيادة (آرييل شارون) الذي عُيَّن رئيس وزراء لإسرائيل لاحقًا، وقد حاصر شارون مخيمي (صبرا وشاتيلا) في جنوب لبنان للاجئين الفلسطينيين، وقام بعملية بشعة من عمليات التصفية الجسدية الجماعية، فقد راح ضحيتها 800 ما بين 3000 - 3500 مدني من النساء والرجال والأطفال[17]، والعجيب أن المجزرة تمت في معظمها بالأسلحة البيضاء، وفي خلال 36 ساعة فقط!!... وكان شعار القائد شارون فيها: "بدون عواطف!!"[18].
حرب الإبادة في رواندا )1990-1994)
خلال أربعة سنوات حدثت توترات أهلية بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، تطورت بعد ذلك إلى حرب بهدف الإبادة، وقد بلغت الخسائر في الأرواح بسبب أزمة رواندا ملايين الأنفس، منهم 800.000 من ضحايا الإبادة، ومليونان من اللاجئين خارج رواندا، ومليون ونصف مشرَّد داخل بلده!![19]
مجزرة المسلمين في البوسنة والهرسك :(1992-1995)
حدثت هذه المجزرة في أعقاب تفكك الاتحاد اليوغسلافي، وبتحريض من بعض الدول الأوروبية المجاورة قام الصرب بسلسلة من الجرائم الإرهابية للمواطنين المسلمين في مدينتي البوسنة والهرسك، مما أسفر عن عشرات الآلاف من القتلى[20]، وإمعانًا في القسوة والقهر شرع الجنود الصرب في اغتصاب نساء المسلمين، وقد قدَّرت الأمم المتحدة عدد ضحايا هذه الجريمة بأنهم مابين 20.000 إلى 50.000 امرأة[21]، وقد تم اكتشاف ثلاثمائة مقبرة جماعية مليئة بجثث المسلمين المشوهة[22]، وما زالت المقابر الجماعية للمسلمين في البوسنة والهرسك تُكْتَشف يومًا بعد يوم حتى الآن!!
مأساة الشيشان : (1994-1997)
تمثل هذه الفترة إحدى المراحل الهامة في كفاح الشعب الشيشاني المسلم من أجل الحصول على استقلاله من القبضة الروسية، وتأتي أهمية هذه الفترة بأنها شهدت اعتراف الاتحاد السوفيتي السابق بالحق الشيشاني في الاستقلال وتقرير المصير، ولم تنتزع الشيشان هذا الاعتراف من الدبِّ الروسي بسهولة، فقد ضحى الشعب الشيشاني بالكثير وقاسى من ويلات العنف الروسي ما يصعب احتماله، فقد بلغ إجمالي ضحايا الشيشان 104.000 ضحية من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال بعد تعرُّضِهِم لعمليات إبادة وحشية، تم فيها استخدام أقسى أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا[23].
--------------------
[1] ماجد اللحام: معجم المعارك الحربية ص363.
[2] د. فؤاد السيد: أعظم أحداث العالم ص170.
[3] د. أحمد كنعان: ذاكرة القرن العشرين ص98.
[4] هـ.أ.ل.فِشر: تاريخ أوروبا الحديث ص667.
[5] د. هشام عبد الرءوف حسن: تاريخ اليابان الحديث والمعاصر ص241-244.
[6] هيثم هلال: موسوعة الحروب ص445.
[7] د. أحمد كنعان: ذاكرة القرن العشرين ص99.
[8] هـ.أ.ل. فِشر: تاريخ أوروبا الحديث 674،675بتصرف.
[9] المرجع السابق 702-710.
[10] د. هشام عبد الرءوف حسن: تاريخ اليابان الحديث والمعاصر ص238-240.
[11] د. رأفت غنيمي: تاريخ آسيا الحديث والمعاصر 101- 103.
[12] المرجع السابق 419، 420.
[13] كونراد زايتس: الصين 197-199.
[14] المرجع السابق، ص254.
[15] د.محمد حرب: الإسلام في آسيا الوسطى والبلقان ص173 بتصرف.
[16] ذاكرة القرن العشرين ص100.
[17] جواد أحمد، المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ص46.
[18] د. طارق محمد السويدان، فلسطين التاريخ المصور ص333ـ335.
[19] تقرير حالة اللاجئين في العالم ص245-247.
[20] بتصرف د/ أحمد بن علي تمراز، حسين عمر سباهيتش: جمهورية البوسنة والهرسك قلب أوربا الإسلامي، ص69 ـ 72.
[21] تقرير أشكال العنف ص60.
[22] هيثم هلال، موسوعة الحروب ص494.
[23] محمود عبد الرحمن: تاريخ القوقاز ص193بتصرف.