البحث
فصل في هديه في الإستسقاء
فصل في هديه في الإستسقاء
ثبت عنه أنه استسقى على وجوه أحدها يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا الوجه الثاني أنه وعد الناس يوما يخرجون فيه إلى المصلى فخرج لما طلعت الشمس متواضعا متبذلا متخشعا مترسلا متضرعا فلما وافى المصلى صعد المنبر إن صح وإلا ففي القلب منه شيء فحمد الله وأثنى عليه وكبره وكان مما حفظ من خطبته ودعائه الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحين مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت تفعل ما تريد اللهم لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه وأخذ في التضرع والإبتهال والدعاء وبالغ في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة وحول إذ ذاك رداءه وهو مستقبل القبلة فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وظهر الرداء لبطنه وبطنه لظهره وكان الرداء خميصة سوداء وأخذ في الدعاء مستقبل القبلة والناس كذلك ثم نزل فصلى بهم ركعتين كصلاة العيد من غير أذان ولا إقامة ولا نداء البتة جهر فيهما بالقراءة وقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب ( سبح اسم ربك الأعلى ) وفي الثانية ( هل أتاك حديث الغاشية )
الوجه الثالث أنه استسقى على منبر المدينة استسقاء مجردا في غير يوم الجمعة ولم يحفظ عنه في هذا الإستسقاء صلاة الوجه الرابع أنه استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا الله عز وجل فحفظ من دعائه حينئذ اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار الوجه الخامس أنه استسقى عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء وهي خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام نحو قذفة حجر ينعطف عن يمين الخارج من المسجد الوجه السادس أنه استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش فشكوا إلى رسول الله وقال بعض المنافقين لو كان نبيا لا ستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه فبلغ ذلك النبي فقال أو قد قالوها عسى ربكم أن يسقيكم ثم بسط يديه ودعا فما رد يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب وأمطروا فأفعم السيل الوادي فشرب الناس فارتووا وحفظ من دعائه في الإستسقاء اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل وأغيث في كل مرة استسقى فيها واستسقى مرة فقام إليه أبو لبابة فقال يا رسول الله إن التمر في المرابد فقال رسول الله اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره فأمطرت فاجتمعوا إلى أبي لبابة فقالوا إنها لن تقلع حتى تقوم عريانا فتسد ثعلب مربدك بإزارك كما قال رسول الله ففعل فاستهلت السماء ولما كثر المطر سألوه الإستصحاء فاستصحى لهم وقال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر
وكان إذا رأى مطرا قال اللهم صيبا نافعا وكان يحسر ثوبه حتى يصيبه من المطر فسئل عن ذلك فقال لأنه حديث عهد بربه قال الشافعي رحمه الله أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن الهاد أن النبي كان إذا سال السيل قال اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه وأخبرني من لا أتهم عن إسحاق بن عبدالله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا به وكان إذا رأى الغيم والريح عرف ذلك في وجهه فأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه وذهب عنه ذلك وكان يخشى أن يكون فيه العذاب قال الشافعي وروي عن سالم بن عبدالله عن أبيه مرفوعا أنه كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا
قال الشافعي رحمه الله وأحب أن يدعو الإمام بهذا قال وبلغني أن النبي كان إذا دعا في الإستسقاء رفع يديه وبلغنا أن النبي كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده قال وبلغني أن بعض أصحاب النبي كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم يقرأ ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ) فاطر 2
قال وأخبرني من لا أتهم عن عبدالعزيز بن عمر عن مكحول عن النبي أنه قال اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة قال البيهقي وقد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد عن النبي الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر وروينا عن أبي أمامة عن النبي قال تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف عند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة