البحث
"لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ"
المعاندون للشرائع تتعلق دائماً قلوبهم بما يرونه ملموساً من متاع الدنيا وزينتها وزخرفها وفي سياق ما تطلبه قلوبهم يريدون من أهل الرسالات أن يبهروهم بالآيات التي تتسق مع أمزجتهم وحسب.
ولو أفرغوا قلوبهم مما بها من أمراض وحاولوا التخلص من طبقات الران واستمعوا بصدق وإنصاف إلى أهل الشرائع لوجدوا خيري الدنيا والآخرة ولعلموا من أنواع النعيم ما يفوق نعيم المادة وغرورها ولتمتعوا بانتظار ما وعدهم به الرحمن من نعيم يفوق كل ما تتعلق به قلوبهم بما لم يخطر لهم على بال وساعتها سيضعون الرسل وأهل الشرائع في مكانهم الطبيعي كمبلغين ومبشرين بالرسالات وليسوا آلهة مطالبين بإظهار الآيات المادية التي تتماشى مع أمزجتهم.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7].
قال السعدي في تفسيره: أي: ويقترح الكفار عليك من الآيات، التي يعينونها ويقولون: {لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} ويجعلون هذا القول منهم، عذرًا لهم في عدم الإجابة إلى الرسول، والحال أنه منذر ليس له من الأمر شيء، والله هو الذي ينزل الآيات.
وقد أيده بالأدلة البينات التي لا تخفى على أولي الألباب، وبها يهتدي من قصده الحق، وأما الكافر الذي -من ظلمه وجهله- يقترح على الله الآيات فهذا اقتراح منه باطل وكذب وافتراء.
فإنه لو جاءته أي آية كانت لم يؤمن ولم ينقد؛ لأنه لم يمتنع من الإيمان، لعدم ما يدله على صحته وإنما ذلك لهوى نفسه واتباع شهوته {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أي: داع يدعوهم إلى الهدى من الرسل وأتباعهم، ومعهم من الأدلة والبراهين ما يدل على صحة ما معهم من الهدى.