1. المقالات
  2. الجزء الرابع_زاد المعاد
  3. حرف اللام

حرف اللام

3631 2007/11/24 2024/03/29


حرف اللام


لحم ..  قال الله تعالى (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ) وقال (ولحم طير مما يشتهون ) وفي سنن ابن ماجه من حديث ابي الدرداء عن رسول الله سيد طعام أهل الدنيا واهل الجنة اللحم ومن حديث بريدة يرفعه خير الإدام في الدنيا والآخرة اللحم
وفي الصحيح عنه فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
والثريد الخبز واللحم قال الشاعر :  


إذا ما الخبز تأدمه بلحم % فذاك امانة الله الثريد


وقال الزهري أكل اللحم يزيد سبعين قوة وقال محمد بن واسع اللحم يزيد في البصر ويروى عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه كلو اللحم فإنه يصفي اللون ويخمص البطن ويحسن الخلق وقال نافع كان ابن عمر إذا كان رمضان لم يفته اللحم وإذا سافر لم يفته اللحم ويذكر عن علي من تركه أربعين ليلة ساء خلقه واما حديث عائشة رضى الله عنها الذي رواه ابو داود مرفوعا لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ فرده الإمام أحمد بما صح عنه من قطعة بالسكين في حديثين وقد تقدما واللحم اجناس يختلف باختلاف أصوله وطبائعه فنذكر حكم كل جنس وطبعه ومنفعه ومضرته لحم الضأن حار في الثانية رطب في الأولى جيده الحولي يولد الدم المحمود القوي لمن جاد هضمه يصلح لأصحاب الأمزجة الباردة والمعتدلة ولأهل الرياضيات التامة في المواضع والفصول الباردة نافع لأصحاب المرة السوداء يقوي الذهن والحفظ ولحم الهرم والعجيف ردىء وكذلك لحم النعاج وأجوده لحم الذكر الأسود   منه فإنه أخف وألذ وأنفع والخصي أنفع وأجود الأحمر من الحيوان السمين اخف وأجود غذاء والجذع من المعز اقل تغذية ويطفو في المعدة

 

 


وأفضل اللحم عائذه بالعظم والأيمن أخف وأجود من الأيسر والمقدم افضل من المؤخر وكان أحب الشاة إلى رسول الله مقدمها وكل ما علا منه سوى الرأس كان أخف وأجود مما سفل وأعطى الفرزدق رجلا يشتري له لحما وقال له خذ المقدم وإياك والرأس والبطن فإن الداء فيهما ولحم العنق جيد لذيذ سريع الهضم خفيف ولحم الذراع أخف اللحم وألذه وألطفه وأبعده من الأذى وأسرعه أنهضاما ..وفي الصحيحين أنه كان يعجب رسول الله ولحم الظهر كثير الغذاء يولد دما محمودا..وفي سنن ابن ماجه مرفوعا أطيب اللحم لحم الظهر لحم المعز قليل الحرارة يابس وخلطه المتولد منه ليس بفاضل وليس بجيد الهضم ولا محمود الغذاء ولحم التيس ردىء مطلقا شديد اليبس عسر الانهضام مولد للخلط السوداوي ..قال الجاحظ قال لي فاضل من الأطباء ياابا عثمان إياك ولحم المعز فإنه يورث الغم ويحرك السوداء ويورث النسيان ويفسد الدم وهو والله يخبل الأولاد ..وقال الأطباء إنما المذموم منه المسن ولا سيما للمسنين ولا رداءة لمن اعتاده وجالينوس جعل الحولي منه من الأغذية المعتدلة المعدلة للكيموس المحمود وإناثه انفع من ذكوره ..وقد روى النسائي في سننه عن النبي أحسنوا إلى الماعز وأميطوا عنها الأذى فإنها من دواب الجنة وفي ثبوت هذا الحديث نظر وحكم الأطباء عليه بالمضرة حكم جزئي ليس بكلي عام وهو بحسب المعدة الضعيفة والأمزجة الضعيفة التي لم تعتده واعتادت المأكولات اللطيفة وهؤلاء أهل الرفاهية من أهل المدن وهم القليلون من الناس لحم الجدي قريب إلى الاعتدال خاصة ما دام رضيعا ولم يكن قريب العهد بالولادة وهو أسرع هضما لما فيه قوة اللبن ملين للطبع موافق لأكثر الناس في أكثر الأحوال وهو ألطف من لحم الجمل والدم المتولد عنه معتدل لحم البقر بارد يابس عسر الانهضام بطيء الانحدار يولد دما سوداويا لا يصلح إلا لأهل الكد والتعب الشديد ويورث إدمانه الأمراض السوداوية كالبهق والجرب والقوباء والجذام وداء الفيل والسرطان والوسواس وحمى الربع وكثير من الأورام وهذا لمن لم يعتده أو لم يدفع ضرره بالفلفل والثوم والدارصيني والزنجبيل ونحوه وذكره أقل برودة وأنثاه أقل يبسا ولحم العجل ولا سيما السمين من أعدل الأغذية وأطيبها وألذها وأحمدها وهو حار رطب وإذا انهضم غذى غذاء قويا  لحم الفرس ثبت في الصحيح عن أسماء رضي الله عنها قالت نحرنا فرسا فأكلناه على عهد رسول الله وثبت عنه أنه أذن في لحوم الخيل ونهى عن لحوم الحمر أخرجاه في الصحيحين

 

 


ولا يثبت عنه حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أنه نهى عنه قاله أبو داود وغيره من أهل الحديث واقترانه بالبغال والحمير في القرآن لا يدل على أن حكم لحمه حكم لحومها بوجه من الوجوه كما لا يدل على أن حكمها في السهم في الغنيمة حكم الفرس والله سبحانه يقرن في الذكر بين المتماثلات تارة وبين المختلفات وبين المتضادات وليس في قوله تعالى (لتركبوها ) ما يمنع من أكلها كما ليس فيه ما يمنع من غير الركوب من وجوه الانتفاع وإنما نص على أجل منافعها وهو الركوب والحديثان في حلها صحيحان لا معارض لهما وبعد فلحمها حار يابس غليظ سواداوي مضر لا يصلح للأبدان اللطيفة لحم الجمل فرق ما بين الرافضة وأهل السنة كما أنه أحد الفروق بين اليهود وأهل الإسلام فاليهود الرافضة تذمه ولا تأكله وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام حله وطالما اكله رسول الله وأصحابه حضرا وسفرا  ولحم الفصيل منه من الذ اللحوم وأطيبها وأقواها غذاء وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن لا يضرهم البتة ولا يولد لهم داء وإنما ذمة بعض الأطباء بالنسبة إلى أهل الرفاهية من أهل الحضر الذين لم يعتادوه فإن فيه حرارة ويبسا وتوليدا للسوداء وهو عسر الانهضام وفيه قوة غير محمودة لأجلها أمر النبي بالوضوء من أكله في حديثين صحيحين لا معارض لهما ولا يصح تأويلهما بغسل اليد لأنه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه لتفريقه بينه وبين لحم الغنم فخير بين الوضوء وتركه منها وحتم الوضوء من لحوم الإبل ولو حمل الوضوء على غسل اليد فقط لحمل على ذلك في قوله من مس فرجه فليتوضأ وأيضا فإن آكلها قد لا يباشر اكلها بيده بأن يوضع في فمه فإن كان وضؤوه غسل يده فهو عبث وحمل لكلام الشارع على غير معهوده وعرفه ولا يصح معارضته بحديث كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار لعدة أوجه أحدها أن هذا عام والأمر بالوضوء منها خاص الثاني أن الجهة مختلفة فالأمر بالوضوء منها بجهة كونها لحم   إبل سواء كان نيئا أو مطبوخا أو قديد ولا تأثير للنار في الوضوء وأما ترك الوضوء مما مست النار ففيه بيان أن مس النار ليس بسبب للوضوء فأين احدهما من الآخر هذا فيه إثبات سبب الوضوء وهو كونه لحم إبل وهذا فيه نفي لسبب الوضوء وهو كونه ممسوس النار فلا تعارض بينهما بوجه الثالث أن هذا ليس فيه حكاية لفظ عام عن صاحب الشرع وإنما هو إخبار عن واقعة فعل في أمرين أحدهما متقدم على الآخر كما جاء ذلك مبينا في نفس الحديث انهم قربوا إلى النبي لحما فأكل ثم حضرت الصلاة فتوضأ فصلى ثم قربوا إليه فأكل ثم صلى ولم يتوضأ فكان آخر الأمرين منه ترك الوضوء مما مست النار هكذا جاء الحديث فاختصره الراوي لمكان الاستدلال فأين في هذا ما يصلح لنسخ الأمر بالوضوء منه حتى لو كان لفظا عاما متأخرا مقاوما لم يصلح للنسخ ووجب تقديم الخاص عليه وهذا في غاية الظهور لحم الضب تقدم الحديث في حله ولحمه حار يابس يقوي شهوة الجماع لحم الغزال الغزال أصلح الصيد وأحمده لحما وهو حار يابس وقيل معتدل جدا نافع للأبدان المعتدلة الصحيحة وجيدة الخشف

 

 

 


لحم الظبي حار يابس في الأولى مجفف للبدن صالح للأبدان الرطبة قال صاحب القانون وأفضل لحوم الوحش لحم الظبي مع ميله إلى السوداوية ..لحم الأرانب ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك قال أنفجنا أرنبا فسعوا في طلبها فأخذوها فبعث ابو طلحة بوركها إلى   رسول الله فقبله لحم الأرنب معتدل إلىالحرارة واليبوسة وأطيبها وركها وأحمده اكل لحمها مشويا وهو يعقل البطن ويدر البول ويفتت الحصى وأكل رؤوسها ينفع من الرعشة لحم حمار الوحش ثبت في الصحيحين من حديث ابي قتادة رضي الله عنه أنهم كانوا مع رسول الله في بعض عمره وأنه صاد حمار وحش فأمرهم النبي بأكله وكانوا محرمين ولم يكن أبو قتادة محرما .. وفي سنن ابن ماجه عن جابر قال اكلنا زمن خبير الخيل وحمر الوحش لحمه حار يابس كثير التغذية مولد دما غليظا سوداويا إلا أن شحمه نافع مع دهن القسط لوجع الظهر والريح الغليظة المرخية للكلى وشحمه جيد للكلف طلاء وبالجملة فلحوم الوحوش كلها تولد دما غليظا سوداويا واحمده الغزال وبعده الأرنب لحوم الأجنة غير محمودة لاحتقان الدم فيها وليست بحرام لقوله تعالى ذكاة الجنين ذكاة أمه   ومنع أهل العراق من أكله إلا أن يدركه حيا فيذكيه وأولوا الحديث على أن المراد به أن ذكاته كذكاة أمه قولوا فهو حجة على التحريم وهذا فاسد فإن أول الحديث أنهم سألوا رسول الله فقالوا يا رسول الله نذبح الشاة فنجد في بطنها جنينا أفنأكله فقال كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه
وأيضا فالقياس يقتضى حله فإنه ما دام حملا فهو جزء من اجزاء الأم فذكاتها ذكاة لجميع اجزائها وهذا هو الذي اشار إليه صاحب الشرع بقوله تعالى ذكاته ذكاة أمه كما تكون ذكاتها ذكاة سائر أجزائها فلو لم تأت عنه السنة الصريحة بأكله لكان القياس الصحيح يقتضي حله لحم القديد في السنن من حديث ثوبان رضي الله عنه قال ذبحت لرسول الله شاة ونحن مسافرون فقال اصلح لحمها فلم أزل أطعمه منه إلى المدينة القديد انفع من النمكسود ويقوي الأبدان ويحدث حكة ودفع ضرره بالأبازير الباردة الرطبة ويصلح الأمزجة الحارة والنمكسود حار يابس مجفف جيده من السمين الرطب يضر بالقولنج ودفع مضرته طبخه بالبن والدهن ويصلح للمزاج الحار الرطب

 

 

فصل في لحوم الطير

قال الله تعالى (ولحم الطير مما يشتهون ) وفي مسند البزار وغيره مرفوعا إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر مشويا بين يديك ومنه حلال ومنه حرام فالحرام ذو المخلب كالصقر والبازي والشاهين وما يأكل الجيف كالنسر والرخم واللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير وما نهى عن قتله كالهدهد والصرد وما أمر بقتله كالحداة والغراب والحلال أصناف كثيرة فمنه الدجاج ففي الصحيحين من حديث ابي موسى أن النبي أكل لحم الدجاج وهو حار رطب في الأولى خفيف على المعدة سريع الهضم جيد الخلط يزيد في الدماغ والمنى ويصفي الصوت ويحسن اللون ويقوي العقل ويولد دما جيدا وهو مائل إلى الرطوبة ويقال إن مداومة أكله تورث النقرس ولا يثبت ذلك لحم الديك اسخن مزاجا وأقل رطوبة والعتيق منه دواء   ينفع القولنج والربو والرياح الغليظة إذا طبخ بماء القرطم والشبث وخصيها محمود الغذاء سريع الانهضام والفراريج سريعة الهظم ملينة للطبع والدم المتولد منها دم لطيف جيد
لحم الدراج حار يابس في الثانية خفيف لطيف سريع الانهضام مولد الدم المعتدل والإكثار منه يحد البصر لحم الحجل يولد الدم الجيد سريع الانهضام ..لحم الإوز حار يابس ردئ الغذاء إذا اعتيد وليس بكثير الفضول ..لحم البط حار رطب كثير الفضول عسر الانهضام غير موافق للمعدة لحم الحبار في السنن من حديث برية بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال أكلت مع رسول الله لحم حباري وهو حار يابس عسر الانهضام نافع لأصحاب الرياضة والتعب لحم الكركي يابس خفيف وفي حره وبرده خلاف يولد دما سوداويا ويصلح لأصحاب الكد والتعب وينبغي أن يترك بعد ذبحه يوما أو يومين ثم يؤكل ..لحم العصافير والقنابرة روى النسائي في سننه من حديث عبد الله ابن عمرو رضى الله عنه أن النبي قال ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقه بغير حقه إلا سأله الله عز وجل عنها قيل يا رسول الله وما حقه قال تذبحه فتأكله ولا تقطع راسه وترمي به

 


وفي سننه ايضا عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال سمعت رسول الله يقول من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يقول يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة
ولحمه حار يابس عاقل للطبيعة يزيد في الباه ومرقه يلين الطبع وينفع المفاصل وإذا اكلت أدمغتها بالزنجبيل والبصل هيجت شهوة الجماع وخلطها غير محمود
لحم الحمام حار رطب وحشية أقل رطوبة وفراخه ارطب خاصية وما ربي في الدور وناهضة أخف لحما وأحمد غذاء ولحم ذكروها شفاء من الاسترخاء والخدر والسكتة والرعشة وكذلك شم رائحة أنفاسها وأكل فراخها معين على النساء وهو جيد للكلى يزيد في الدم وقد روى فيها حديث باطل لا اصل له عن رسول الله أن رجلا شكى إليه الوحد فقال اتخذ زوجا من الحمام وأجود من هذا الحديث أنه راى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانه 

 

 


وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه في خطبته يأمره بقتل الكلاب وذبح الحمام
لحم القطا يابس يولد السوداء ويحبس الطبع وهو من شر الغذاء إلا أنه ينفع من الاستسقاء لحم السمان حار يابس ينفع المفاصل ويضر بالكبد الحار ودفع مضرته بالخل والكسفرة وينبغي أن يجتنب من لحوم الطير ما كان في الآجام والمواضع العفنة ولحوم الطير كلها أسرع انهضاما من المواشي وأسرعها انهضاما أقلها غذاء وهي الرقاب والأجنحة وأدمغتها أحمد من أدمغة المواشي ..الجراد في الصحيحين عن عبد بن أبي أوافى قال غزونا مع رسول الله سبع غزوات نأكل الجراد ..وفي المسند عنه أحلت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد والكبد والطحال يروى مرفوعا وموقوفا على ابن عمر رضي الله عنه ..وهو حار يابس قليل الغذاء وإدامه اكله تورث الهزال وإذا تبخر به نفع من تقطير البول وعسره وخصوصا للنساء ويتبخر به للبواسير وسمانه يشوى ويؤكل للسع العقرب وهو ضار لأصحاب الصرع رديء الخلط وفي إباحة ميتته بلا سبب قولان فالجمهور على حله وحرمه مالك ولا خلاف في إباحة ميتتة إذا مات بسبب كالكبس والتحريق ونحوه

 

 

فصل

وينبغي أن لا يداوم على أكل اللحم فإنه يورث الأمراض الدموية والامتلائية والحميات الحادة وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر ذكره مالك في الموطأ عنه وقال ابقراط لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان
اللبن قال الله تعالى (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ) وقال في الجنة (فيها انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه ) السنن مرفوعا من أطعمة الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا اعلم ما يجزىء من الطعام والشراب إلا اللبن
اللبن وإن كان بسيطا في الحس إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيبا طبيعيا من جواهر ثلاثة الجبنية والسمنية والمائية فالجبنية باردة رطبة مغذية للبدن والسمنية معتدلة الحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح كثيرة المنافع والمائية حارة رطبة مطلقة للطبيعة مرطبة للبدن واللبن على الإطلاق أبرد وأرطب من المعتدل   وقيل قوته عند حلبه الحرارة والرطوبة وقيل معتدل في الحرارة والبرودة

 

 


وأجود ما يكون اللبن حين يحلب ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات فيكون حين يحلب اقل برودة واكثر رطوبة والحامض بالعكس ويختار اللبن بعد الولادة باربعين يوما واجوده ما اشتد بياضه وطاب ريحه ولذ طعمه وكان فيه حلاوة يسيرة ودسومة معتدلة واعتدل قوامه في الرقة والغلظ وحلب من حيوان فتي صحيح معتدل اللحم محمود المرعى والمشرب وهو محمود يولد دما جيدا ويرطب البدن اليابس ويغذو غذاء حسنا وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة وشربه مع السكر يحسن اللون جدا والحليب يتدارك ضرر الجماع ويوافق الصدر والرئة جيد لأصحاب السل رديء للرأس والمعدة والكبد والطحال والإكثار منه مضر بالأسنان واللثة ولذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء وفي الصحيحين أن النبي شرب لبنا ثم دعا بماء فتمضمض وقال إن له دسما وهو رديء للمحمومين وأصحاب الصداع مؤذ للدماغ والرأس الضعيف والمداومة عليه تحدث ظلمة البصر والغشاء ووجع المفاصل  

 

وسدة الكبد والنفخ في المعدة والأحشاء وإصلاحه بالعسل والزنجبيل المربى ونحوه وهذا كله لمن لم يعتده
لبن الضأن أغلظ الألبان وأرطبها وفيه من الدسومة والزهومة ما ليس في لبن الماعز والبقر يولد فضولا بلغميا ويحدث في الجلد بياضا إذا ادمن استعماله ولذلك ينبغي أن يشاب هذا اللبن بالماء ليكون ما نال البدن منه أقل وتسكينه للعطش اسرع وتبريده اكثر لبن المعز لطيف معتدل مطلق للبطن مرطب للبدن اليابس نافع من قروح الحلق والسعال اليابس ونفث الدم واللبن المطلق انفع المشروبات للبدن الإنساني لما اجتمع فيه من التغذية والدموية ولاعتياده حال الطفولية وموافقته للفطرة الأصلية وفي الصحيحين ان رسول الله أتي ليلة أسري به بقدح من خمر وقدح من لبن فنظر إليهما ثم اخذ اللبن فقال جبريل الحمد لله الذي هداك للفطرة لو اخذت الخمر وغوت امتك والحامض منه بطيء الاستمرار خام الخلط والمعدة الحارة تهضمه وتنتفع به

 

 


لبن البقر يغذو البدن ويخصبه ويطلق البطن باعتدال وهو من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن ولبن المعز في الرقة والغلظ والدسم وفي السنن من حديث عبدالله بن مسعود يرفعه (عليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر ) لبن الإبل تقدم ذكره في أول الفصل وذكر منافعه فلا حاجة لإعادته   لبان هو الكندر قد ورد فيه عن النبي بخروا بيوتكم باللبان والصعتر ولا يصح عنه ولكن يروى عن علي أنه قال لرجل شكا إليه النسيان عليك باللبان فإنه يشجع القلب ويذهب بالنسيان ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن شربه مع السكر على الريق جيد للبول والنسيان ويذكر عن أنس رضي الله عنه أنه شكا إليه رجل النسيان فقال عليك بالكندر وانقعه من الليل فإذا أصبحت فخد منه شربة على الريق فإنه جيد للنسيان ولهذا السبب طبيعي ظاهر فإن النسيان إذا كان لسوء مزاج بارد بغلب على الدماغ فلا يحفظ ما ينطبع فيه نفع منه اللبان وأما إذا كان النسيان لغلبة شيء عارض أمكن زواله سريعا بالمرطبات والفرق بينهما أن اليبوسي يتبعه سهر وحفظ الأمور الماضية دون الحالية والرطوبي بالعكس
وقد يحدث النسيان أشياء بالخاصية كحجامة نقرة القفا وإدمان أكل الكسفرة الرطبة والتفاح الحامض وكثرة الهم والغم والنظر في الماء الوقف والبول فيه والنظر إلى المصلوب والإكثار من قراءة ألواح القبور والمشي بين جملين مقطورين وإلقاء القمل في الحياض وأكل سؤر الفأر وأكثر هذا معروف بالتجربة والمقصود أن اللبان مسخن في الدرجة الثانية ومجفف في الأولى وفيه قبض يسير وهو كثير المنافع قليل المضار فمن منافعه أن ينفع من قذف الدم ونزفه ووجع المعدة واستطلاق البطن ويهضم الطعام  ويطرد الرياح ويجلو قروح العين وينبت اللحم في سائر القروح ويقوي المعدة الضعيفة ويسخنها ويجفف البلغم وينشف رطوبات الصدر ويجلو ظلمة البصر ويمنع القروح الخبيثة من الانتشار وإذا مضغ وحده أو مع الصعتر الفارسي جلب البلغم ونفع من اعتقال اللسان ويزيد في الذهن وإن بخر به ماء نفع من الوباء وطيب رائحة الهواء


 

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day