1. المقالات
  2. مقالات و خواطر
  3. من حقوق المصطفى – الحذر من معصيته (الجزء الاول )

من حقوق المصطفى – الحذر من معصيته (الجزء الاول )

تحت قسم : مقالات و خواطر
714 2021/01/12 2024/04/26

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما).

أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، وأطيعوه ولا تعصوه، واعلموا أن من حقوق النبي   ﷺ الحذر من معصيته، فقد جاء التحذير من معصيته في قوله تعالى (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)، وقوله (ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضل ضلالا مبينا)، وقوله (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا)، وقال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً، وقال فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبَهم عذاب أليم، قـال ابن كثــير رحمه الله في تفسير قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره: أي عن أمر رسول الله   ﷺ، وهو سبيله ومنــهاجه وطريقــته وسنتـه وشريـعته، فتـوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائناً من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله   ﷺ أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، أي فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول ظاهرا وباطنا أن تصيبهم فتنة، أي في قلوبهم، مِن كُفرٍ أو نفاقٍ أو بدعةٍ، أو يصيبَهم عذاب أليم، أي في الدنيا، بِقتل أو حَـدٍّ أو حَبس أو نحو ذلك. انتهى بتصرف يسير.


وقد جاءت السنة كذلك بالتحذير من معصيته كما في قوله: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. 
ومعصيته سبب للعقوبة في الدنيا قبل الآخرة، فقد ثبت من حديث سلمة بن الأكوع أن رجلاً أكل عند رسول الله   ﷺ بشماله، فقال له: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، فقال له   ﷺ: (لا استطعت، ما منعه إلا الكِبـْــر)، قال: فما رفعها إلى فِـيهِ.. 
وعن سعيد بن المسيَّب بن حَــــزْن  عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي   ﷺ فقال: ما اسمك؟
قال: حَــــزْن. (ومعنى حَـزْن أي صعب)
قال: أنت سَهل.
قال: ما أنا بمغير اسماً سمانيه أبي.
قال ابن المسيَّب: فما زالت فينا الـحُزونةُ بعدُ.  (يعني صُعوبةَ الأمورِ وامتِناع التَّسهيلِ فيما يُريد)
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله   ﷺ غزوة تبوك، فلما أتينا تبوك قال: أما إنها ستهبُّ ريحٌ شديدة، فلا يقومن أحدٌ، ومن كان معه بعير فليعقِلْه.
فعقلناها، وهبَّت ريح شديدةٌ فقام رجل فألقته بجبل طَيْء. 


وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي   ﷺ دخل على أعرابي يعوده، وكان النبي   ﷺ إذا دخل على مريض يعوده قال: (لا بأس، طهور إن شاء الله)، فقال له: لا بأس، طهور إن شاء الله.
قال : قلتَ: طهور؟ كلا، بل هي حمى تفور - أو تثور -، على شيخ كبير، تُزيره القبور.


فقال النبي   ﷺ : فنعم إذا. 
أيها المسلمون، إن معصية النبي   ﷺ تنقسم إلى أربعة أنواع، صغائر وكبائر وبدع وكفر.
فأما الكبيرة فهي كل ذنب ورد في حق فاعله لعنة أو غضب أو وعيد بالنار أو حَـــدٌّ، وصاحب الكبيرة تحت المشيئة في الآخرة، إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، فعلى هذا فينبغي الحذر من الوقوع في الكبائر، قال تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما. 
ومن ذلك السرقة وشرب الخمر وأكل الربا والزنا وقطيعة الرحم وتبرج النساء ونحو ذلك، فكل هذه ورد فيها إما حدٌّ في الدنيا أو نص على عقوبة في الآخرة أو كلاهما.


وأما الصغيرة فهي الذنب الذي لم يرد فيه حَـــدٌّ في الدنيا ولا وعيد خاص في الآخرة. 
غير أنه ينبغي التنبيه إلى أن الصغيرة إذا استمر عليها الإنسان ولم يتب منها صارت كبيرة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله   ﷺ قال: (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)، وإن رسول الله   ﷺ ضرب لـهُنَّ مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم (أي حضر وقت صنع طعامهم)، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادا فأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها) . انتهى كلام ابن مسعود رضي الله عنه.


ولهذا صح عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. رواه ابن جرير.
وأما الكفر فيكون بارتكاب شيء من نواقض الإسلام، كعبادة غير الله، من الأنبياء أو الصالحين أو قبورهم، أو سب الله أو رسوله أو الدين، أو الاستهزاء بشيء منها، أو رد شيء معلوم من الدين بالضرورة،كالإيمان بالله أو إنكار أن شرب الخمر حرام – مثلا، أو اعتقاد أن غير هدي النبي   ﷺ أفضل من هديه، أو ارتكاب السحر، أو مظاهرة الكافرين على المؤمنين رغبة في دينهم.


وموجبات الوقوع في الكفر كثيرة، ذكرها الفقهاء في كتب الفقه في باب المرتد، إلا أن هذه بعض أمثلتها.
وأما البدعة ؛ فالابتداع لغة هو الاختراع والإحداث، وشرعا هو إحداث عبادة أو اعتقاد في الدين لم تأت به الشريعة، والبدع تكون في الاعتقادات وتكون في الأعمال، أي العبادات. 


ومن بدع العبادات التسبيح الجماعي بعد الصلوات، وصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، والاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج، وغير ذلك من الأفعال التي يرتكبها بعض الناس يتقربون بها إلى الله بزعمهم، وهي لا تزيدهم إلا بعدا، لأن الله لم يشرعها، وقد سماها النبي   ﷺ ضلالة، كما في الحديث: كل بدعة ضلالة.  


والواجب هو الاعتصام بالكتاب والسنة، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، والحذر من معصية النبي   ﷺ أيا كان نوعها وأيا كانت دوافعها، فإن من اعتصم بالكتاب والسنة نجا، ومن حاد عنهما هلك، كما قال النبي   ﷺ : خلَّفتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما؛ كتاب الله وسنتي. 
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه كان للتوابين غفورا.

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day