1. المقالات
  2. الجزء الثاني_زاد المعاد
  3. فصل في فقه هذه القصة

فصل في فقه هذه القصة

3906 2007/11/26 2024/11/05

 
فصل في فقه هذه القصة


فيها أن من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يستيقظ أو يذكرها وفيها أن السنن الرواتب تقضى كما تقضى الفرائض وقد قضى رسول الله سنة الفجر معها وقضى سنة الظهر وحدها وكان هديه قضاء السنن الرواتب مع الفرائض وفيها أن الفائتة يؤذن لها ويقام فإن في بعض طرق هذه القصة أنه أمر بلالا فنادى بالصلاة وفي بعضها فأمر بلالا فأذن وأقام ذكره أبو داود وفيها قضاء الفائتة جماعة وفيها قضاؤها على الفور لقوله فليصلها إذا ذكرها وإنما أخرها عن مكان معرسهم قليلا لكونه مكانا فيه شيطان فارتحل منه إلى مكان خير منه وذلك لا يفوت المبادرة إلى القضاء فإنهم في شغل الصلاة وشأنها وفيها تنبيه على اجتناب الصلاة في أمكنة الشيطان كالحمام والحش بطريق الأولى فإن هذه منازله التي يأوي إليها ويسكنها فإذا كان النبي ترك المبادرة إلى الصلاة في ذلك الوادي وقال إن به شيطانا فما الظن بمأوى الشيطان وبيته

 

 


فصل


ولما رجع رسول الله إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل فكانت أم سليم وهي أم أنس بن مالك أعطت رسول الله عذاقا فأعطاهن أم أيمن مولاته وهي أم أسامة بن زيد فرد رسول الله على أم سليم عذاقها وأعطى أم أيمن مكانهن من حائطه مكان كل عذق عشرة

 

 


فصل


وأقام رسول الله في المدينة بعد مقدمه من خيبر إلى شوال وبعث في خلال ذلك السرايا فمنها سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى نجد قبل بني فزارة ومعه سلمة بن الأكوع فوقع في سهمه جارية حسناء فاستوهبها منه رسول الله وفادى بها أسرى من المسلمين كانوا بمكة ومنها سرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ثلاثين راكبا نحو هوازن فجاءهم الخبر فهربوا وجاؤوا محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة فقال له الدليل هل لك في جمع من خثعم جاؤوا سائرين وقد أجدبت بلادهم فقال عمر لم يأمرني رسول الله بهم ولم يعرض لهم ومنها سرية عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبا فيهم عبدالله بن أنيس إلى يسير بن رزام اليهودي فإنه بلغ رسول الله أنه يجمع غطفان ليغزوه بهم فأتوه بخيبر فقالوا أرسلنا إليك رسول الله لستعملك على خيبر فلم يزالوا حتى تبعهم في ثلاثين رجلا مع كل رجل منهم رديف من المسلمين فلما بلغوا قرقرة نيار وهي من خيبر على ستة أميال ندم يسير فأهوى بيده إلى سيف عبد الله بن أنيس ففطن له عبد الله بن أنيس فزجر بعيره ثم اقتحم عن البعير يسوق القوم حتى إذا استمكن من يسير ضرب رجله فقطعها واقتحم يسير وفي يده مخرش من شوحط فضرب به وجه عبد الله فشجه مأمومة فانكفأ كل رجل من المسلمين على رديفه فقتله غير رجل من اليهود أعجزهم شدا ولم يصب من المسلمين أحد وقدموا على رسول الله قبصق في شجة عبد الله بن أنيس فلم تقح ولم تؤذه حتى مات ومنها سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك في ثلاثين رجلا فخرج إليهم فلقي رعاء الشاء فاستاق الشاء والنعم

 

 

 ورجع إلى المدينة فأدركه الطلب عند الليل فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فني نبل بشير وأصحابه فولى منهم من ولى وأصيب منهم من أصيب وقاتل بشير قتالا شديدا ورجع القوم بنعمهم وشائهم وتحامل بشير حتى انتهى إلى فدك فأقام عند يهود حتى برئت جراحه فرجع إلى المدينة ثم بعث رسول الله سرية إلى الحرقة من جهينة وفيهم أسامة بن زيد فلما دنا منهم بعث الأمير الطلائع فلما رجعوا بخبرهم أقبل حتى إذا دنا منهم ليلا وقد احتلبوا وهدؤوا قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأن تطيعوني ولا تعصوني ولا تخالفوا أمري فإنه لا رأي لمن لا يطاع ثم رتبهم وقال يا فلان أنت وفلان ويا فلان أنت وفلان لا يفارق كل منكما صاحبه وزميله وإياكم أن يرجع أحد منكم فأقول أين صاحبك فيقول لا أدري فإذا كبرت فكبروا وجردوا السيوف ثم كبروا وحملوا حملة واحدة وأحاطوا بالقوم وأخذتهم سيوف الله فهم يضعونها منهم حيث شاؤوا وشعارهم أمت أمت وخرج أسامة في أثر رجل منهم يقال له مرداس بن نهيك فلما دنا منه ولحمه بالسيف قال لا إله إلا الله فقتله ثم استاقوا الشاء والنعم والذرية وكانت سهمانهم عشرة أبعرة لكل رجل أو عدلها من النعم فلما قدموا على رسول الله أخبر بما صنع أسامة فكبر ذلك عليه وقال أقتله بعد ما قال لا إله إلا الله فقال إنما قالها متعوذا قال فهلان شققت عن قلبه ثم قال من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة فما زال يكرر ذلك عليه حتى تمنى أن يكون أسلم يومئذ وقال يا رسول الله أعطي الله عهدا ألا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله بعدي فقال أسامة بعدك

 


فصل


وبعث رسول الله غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم قال ابن إسحاق فحدثني يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله الجهني عن جندب بن مكيث الجهني قال كنت في سريته فمضينا حتى إذا كان بقديد لقينا به الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي فأخذناه فقال إنما جئت لأسلم فقال له غالب بن عبد الله إن كنت إنما جئت لتسلم فلا يضرك رباط يوم وليلة وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود وقال له امكث معه حتى نمر عليك فإذا عازك فاحتز رأسه فمضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلناه عشية بعد العصر فبعثني أصحابي إليه فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر فانبطحت عليه وذلك قبل غروب الشمس فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل فقال لامرأته إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك فنظرت فقالت لا والله لا أفقد شيئا قال فناولني قوسي وسهمين من نبلي فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك فقال لامرأته أما والله لقد خالطه سهامي ولو كان ربيئة لتحرك فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما الكلاب علي قال فأمهلناهم حتى إذا راحت روائحهم واحتلبوا وسكنوا وذهبت عتمة الليل شننا عليهم الغارة فقتلنا من قتلنا واستقنا النعم فوجهنا قافلين به وخرج صريخهم إلى قومهم وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك وصاحبه فانطلقنا به معنا وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به خثى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي من قديد أرسل الله عز وجل من حيث شاء سيلا لا والله ما رأينا قبل ذلك مطرا فجاء بما لا يقدر أحد يقدم عليه فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم أن يقدم عليه ونحن نحدوها فذهبنا سراعا حتى أسندناها وفي المشلل ثم حدرناها عنه فأعجزنا القوم بما في أيدينا وقد قيل أن هذه السرية هي السرية التي قبلها والله أعلم

 

 


فصل


ثم قدم حسيل بن نويرة وكان دليل النبي إلى خيبر فقال له النبي ما وراءك قال تركت جمعا من يمن وغطفان وحيان وقد بعث إليهم عيينة إما أن تسيروا إلينا وإما أن نسير إليكم فأرسلوا إليه أن سر إلينا وهم يريدونك أو بعض أطرافك فدعا رسول الله أبا بكر وعمر فذكر لهما ذلك فقالا جميعا ابعث بشير بن سعد فعقد له لواء وبعث معه ثلاثمائة رجل وأمرهم أن يسيروا الليل ويكمنوا النهار وخرج معهم حسيل دليلا فساروا الليل وكمنوا النهار حتى أتوا أسفل خيبر حتى دنوا من القوم فأغاروا على سرحهم وبلغ الخبر جمعهم فتفرقوا فخرج بشير في أصحابه حتى أتى محالهم فيجدها ليس بها أحد فرجع بالنعم فلما كانوا بسلاح لقوا عينا لعيينة فقتلوه ثم لقوا جمع عيينة وعيينة لا يشعر بهم فناوشوهم ثم انكشف جمع عيينة وتبعهم أصحاب رسول الله فأصابوا منهم رجلين فقدموا بهما على النبي فأسلما فأرسلهما وقال الحارث بن عوف لعيينة وقد لقيه منهزما تعدو به فرسه قف قال لا أقدر خلفي الطلب فقال له الحارث أما آن لك أن تبصر بعض ما أنت عليه وأن محمدا قد وطأ البلاد وأنت توضع في غير شيء قال الحارث فأقمت من حين زالت الشمس إلى الليل وما أرى أحدا ولا طلبوه إلا الرعب الذي دخله

 

 


فصل


وبعث رسول الله ابن أبي حدرد الأسلمي في سرية وكان من قصته ما ذكر ابن إسحاق أن رجلا من جشم بن معاوية يقال له قيس بن رفاعة أو رفاعة بن قيس أقبل في عدد كثير حتى نزلوا بالغابة يريد أن يجمع قيسا على محاربة رسول الله وكان ذا اسم وشرف في جشم قال فدعاني رسول الله ورجلين من المسلمين فقال اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم فقدم إلينا شارفا عجفاء فحمل عليها أحدنا فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت وقال تبلغوا على هذه فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس فكمنت في ناحية وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم قلت لهما إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا وشدا معي فوالله إنا كذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه فقام صاحبهم رفاعة بن قيس فأخذ سيفه فجعله في عنقه وقال والله لأتبعن أثر راعينا هذا والله لقد أصابه شر فقال نفر ممن معه والله لا تذهب نحن نكفيك فقال والله لا يذهب إلا أنا قالوا فنحن معك وقال والله لا يتبعني منكم أحد وخرج حتى يمر بي فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده فوالله ما تكلم فوثبت إليه فاحترزت رأسه ثم شددت في ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباي فكبرا فوالله ما كان إلا النجاء ممن كان فيه عندك عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله وجئت برأسه أحمله معي فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي فجمعت إلى أهلي وكنت قد تزوجت امرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم فجئت رسول الله أستعينه على نكاحي فقال والله ما عندي ما أعينك فلبثت أياما ثم ذكر هذه السرية

 

 


فصل

 

 

وبعث سرية إلى إضم وكان فيهم أبو قتادة ومحلم بن جثامة في نفر في المسلمين فمر بهم عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له ووطب من لبن فسلم عليهم بتحية الإسلام فأمسكوا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه فلما قدموا على رسول الله أخبروه الخبر فنزل فيهم القرآن ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خيبرا ) ( النساء 94 ) فلما قدموا أخبر رسول الله بذلك فقال رسول الله أقتلته بعد ما قال آمنت بالله ولما كان عام خيبر جاء عيينة بن بدر يطلب بدم عامر بن الأضبط الأشجعي وهو سيد قيس وكان الأقرع بن حابس يرد عن محلم وهو سيد خندف فقال رسول الله لقوم عامر هل لكم أن تأخذوا الآن منا خمسين بعيرا وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة فقال عيينة بن بدر والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي فلم يزل به حتى رضوا بالدية فجاؤوا بمحلم حتى يستغفر له رسول الله فلما قام بين يديه قال اللهم لا تغفر لمحلم وقالها ثلاثا فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه قال ابن إسحاق وزعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك قال ابن إسحاق وحدثني سالم أبو النضر قال لم يقلبوا الدية حتى قام الأقرع بن حابس فخلا بهم فقال يا معشر قيس سألكم رسول الله قتيلا تتركونه ليصلح به بين الناس فمنعتموه إياه أفأمنتم أن يغضب عليكم رسول الله فيغضب الله عليكم لغضبه أو يلعنكم رسول الله فيلعنكم الله بلعنته والله لتسلمنه إلى رسول الله أو لآتين بخمسين من بني تميم كلهم يشهدون أن القتيل ما صلى قط فلأطلن دمه فلما قال ذلك أخذوا الدية
 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day