البحث
فصل في الاجوبه عن اعتراضكم على ادلتنا 2
فصل في الاجوبه عن اعتراضكم على ادلتنا 2
بعد الدخول فعدتها ثلاثة أقراء إن كانت من ذوات الأقراء وقال اللبان عليها الإستبراء بحيضة دليلنا قوله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ولم يقف شيخ الإسلام على هذا القول وعلق تسويغه على ثبوت الخلاف فقال كان فيه نزاع كان القول بأنه ليس عليها ولا على المعتقة المخيرة إلا الإستبراء متوجها ثم قال ولازم هذا القول أن الآيسة لا تحتاج إلى عدة بعد الطلقة قال وهذا لا نعلم أحدا قاله وقد ذكر الخلاف أبو الحسين فقال مسألة إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا وكانت ممن لا لصغر أو هرم فعدتها ثلاثة أشهر خلافا لابن اللبان أنه لا عدة عليها دليلنا تعالى ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر لم يحضن ) قال شيخنا وإذا مضت السنة بأن على هذه ثلاثة أقراء لم يجز مخالفتها ولو لم يجمع فكيف إذا كان مع السنة إجماع قال وقوله لفاطمة بنت قيس اعتدي قد فهم منه أنها تعتد ثلاثة قروء فإن الإستبراء قد يسمى عدة قلت كما في حديث أبي سعيد سبايا أنه فسر قوله تعالى ( والمحصنات من النساء ) بالسبايا ثم قال أي فهن لكم حلال انقضت عدتهن فجعل الإستبراء عدة قال فأما حديث عائشة رضي الله عنها أمرت بريرة تعتد ثلاث حيض فحديث منكر فإن مذهب عائشة رضي الله عنها أن الأقراء الأطهار قلت جعل أن عدة المختلعة حيضة فبطريق الأولى تكون عدة الفسوخ كلها عنده حيضة لأن الذي هو شقيق الطلاق وأشبه به لا يجب فيه الإعتداد عنده بثلاثة قروء فالفسخ وأحرى من وجوه أحدها أن كثيرا من الفقهاء يجعل الخلع طلاقا ينقص به عدده بخلاف الفسخ لرضاع الثاني أن أبا ثور ومن وافقه يقولون إن الزوج إذا رد العوض ورضيت المرأة برده فلهما ذلك بخلاف الفسخ الثالث أن الخلع يمكن فيه رجوع المرأة إلى زوجها في عدتها بعقد جديد بخلاف الفسخ أو عدد أو محرمية حيث لا يمكن عودها إليه فهذه بطريق الأولى يكفيها استبراء ويكون المقصود مجرد العلم ببراءة رحمها كالمسبية والمهاجرة والمختلعة على أصح القولين فيهما دليلا وهما روايتان عن أحمد
فصل
ومما يبين الفرق بين عدة الرجعية والبائن أن عدة الرجعية لأجل الزوج وللمرأة فيها والسكنى باتفاق المسلمين ولكن سكناها هل هي كسكنى
فيجوز أن ينقلها المطلق حيث شاء أم يتعين عليها المنزل فلا تخرج ولا تخرج قولان وهذا الثاني هو المنصوص عن أحمد وأبي حنيفة وعليه يدل القرآن والأول قول وهو قول بعض أصحاب أحمد والصواب ما جاء به القرآن فإن سكنى الرجعية من جنس سكنى المتوفى عنها ولو تراضيا لم يجز كما أن العدة فيها كذلك بخلاف البائن فإنها لا سكنى لها ولا عليها له أن يخرجها ولها أن تخرج كما قال النبي لفاطمة بنت قيس لا نفقة لك ولا وأما الرجعة فهل هي حق للزوج يملك إسقاطها بأن يطلقها واحدة بائنة أم هي حق لله يملك إسقاطها ولو قال أنت طالق طلقة بائنة وقعت رجعية أم هي حق لهما فإن بالخلع بلا عوض وقع طلاقا بائنا ولا رجعة فيه فيه ثلاثة أقوال فالأول مذهب أبي حنيفة وإحدى الروايات عن أحمد والثاني مذهب الشافعي والرواية الثانية عن أحمد والثالث مذهب مالك والرواية الثالثة عن أحمد والصواب أن الرجعة حق لله تعالى ليس لهما أن يتفقا علىإسقاطها وليس له أن يطلقها بائنة ولو رضيت الزوجة كما أنه ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض فإن قيل فكيف يجوز الخلع بغير عوض في أحد القولين في مذهب مالك وأحمد وهل هذا إلا من الزوجين على فسخ النكاح بغير عوض قيل إنما يجوز أحمد في إحدى الروايتين بلا عوض إذا كان طلاقا إذا كان فسخا فلا يجوز بالإتفاق قاله شيخنا رحمه الله قال ولو جاز هذا لجاز يتفقا على أن يبينها مرة بعد مرة من غير أن ينقص عدد الطلاق ويكون الأمر إليهما أرادا أن يجعلا الفرقة بين الثلاث جعلاها وإن أرادا لم يجعلاها من الثلاث من هذا إذا قالت فادني بلا طلاق أن يبينها بلا طلاق ويكون مخيرا إذا سألته شاء أن يجعله رجعيا وإن شاء أن يجعله بائنا وهذا ممتنع فإن مضمونه أنه يخير إن أن يحرمها بعد المرة الثالثة وإن شاء لم يحرمها ويمتنع أن يخير الرجل بين أن الشيء حلالا وأن يجعله حراما ولكن إنما يخير بين مباحين له وله أن يباشر الحل وأسباب التحريم وليس له إنشاء نفس التحليل والتحريم
والله سبحانه إنما له الطلاق واحدة بعد واحدة ولم يشرع له إيقاعه مرة واحدة لئلا يندم وتزول نزغة التي حملته على الطلاق فتتبع نفسه المرأة فلا يجد إليها سبيلا فلو ملكه أن يطلقها طلقة بائنة ابتداء لكان هذا المحذور بعينه موجودا والشريعة على مصالح العباد تأبى ذلك فإنه يبقى الأمر بيدها إن شاءت راجعته وإن فلا فال والله سبحانه جعل الطلاق بيد الزوج لا بيد المرأة رحمة منه وإحسانا لمصلحة الزوجين نعم له أن يملكها أمرها باختياره فيخيرها بين القيام معه وفراقها وأما أن يخرج عن يد الزوج بالكلية إليها فهذا لا يمكن فليس له أن يسقط حقه من الرجعة ولا ذلك فإن الشارع إنما يملك العبد ما ينفعه ملكه ولا يتضرر به ولهذا لم يملكه من ثلاث ولا ملكه جمع الثلاث ولا ملكه الطلاق في زمن الحيض والطهر المواقع ولا ملكه نكاح أكثر من أربع ولا ملك المرأة الطلاق وقد نهى سبحانه الرجال أن السفهاء أموالهم التي جعل الله لهم قياما فكيف يجعلون الأبضاع إليهن في الطلاق والرجعة فكما لا يكون الطلاق بيدها لا تكون الرجعة فإن شاءت راجعته وإن شاءت فلا فتبقى الرجعة موقوفة على اختيارها وإذا كان لا الطلاق البائن فلأن لا يملك الطلاق المحرم ابتداء أولى وأحرى لأن الندم في المحرم أقوى منه في البائن فمن قال إنه لا يملك الإبانة ولو أتى بها لم تبن هو قول فقهاء الحديث لزمه أن يقول إنه لا يملك الثلاث المحرمة ابتداء بطريق والأحرى وأن له رجعتها وإن أوقعها كان له رجعتها وإن قال أنت طالق واحدة فإذا كان لا يملك إسقاط الرجعة فكيف يملك إثبات التحريم الذي لا تعود بعده بزوج وإصابة فإن قيل فلازم هذا أنه لا يملكه ولو بعد اثنتين قلنا ليس ذلك بلازم فإن الله ملكه الطلاق على وجه معين وهو أن يطلق واحدة ويكون أحق برجعتها ما لم تنقض ثم إن شاء طلق الثانية كذلك ويبقى له واحدة وأخبر أنه إن أوقعها حرمت عليه تعود إليه إلا أن تتزوج غيره ويصيبها ويفارقها فهذا هو الذي ملكه إياه لم أن يحرمها ابتداء تحريما تاما من غير تقدم تطليقتين وبالله التوفيق
فصل
قد ذكرنا حكم رسول الله في المختلعة أنها تعتد بحيضة وأن هذا مذهب عثمان بن وابن عباس وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه اختارها ونحن نذكر الأحاديث بذلك بإسنادها قال النسائي في سننه الكبير باب في عدة المختلعة أخبرني أبو علي بن يحيى المروزي حدثنا شاذان عبد العزيز بن عثمان أخو عبدان حدثنا أبي حدثنا بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن أن ربيع بنت بن عفراء أخبرته أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت بن أبي فجاء أخوها يشتكيه إلى رسول الله فأرسل رسول الله إلى ثابت خذ الذي لها عليك وخل سبيلها فقال نعم فأمرها رسول الله أن تتربص حيضة وتلحق بأهلها أخبرنا عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال حدثني عمي قال أخبرنا أبي عن ابن قال حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن ربيع بنت معوذ قال قلت لها حديثك قالت اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألت ماذا علي من العدة قال لا عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين حتى تحيضي حيضة قالت وإنما تبع في ذلك رسول الله في مريم المغالية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فاختلعت منه وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل رسول عدتها حيضة رواه أبو داود عن محمد بن عبدالرحيم البزاز عن علي بن بحر عن هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة ورواه الترمذي عن بن عبدالرحيم بهذا السند بعينه وقال حديث حسن غريب وهذا كما أنه موجب السنة وقضاء رسول الله وموافق لأقوال الصحابة فهو مقتضى فإنه استبراء لمجرد العلم ببراءة الرحم فكفت فيه حيضة كالمسبية والأمة والحرة والمهاجرة والزانية إذا أرادت أن تنكح وقد تقدم أن الشارع من تمام حكمته جعل عدة الرجعية ثلاثة قروء لمصلحة المطلق ليطول زمان الرجعة وقد تقدم النقض على هذه الحكمة والجواب عنه