البحث
قصة الحجاج بن علاط ودخوله مكة لأخذ ماله
41 ـ قصة الحجاج بن علاط ودخوله مكة لأخذ ماله
* عن أنس قال : لما أفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله إن لي بمكة مالا وإن لي بها أهلاً وإني أريد أن آتيهم أفأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئاً ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء . فأتى إمرأته حين قدم فقال : اجمعي لي ما كان عندك فأني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم . قال : وفشى ذلك بمكة فانقمع المسلمون وأظهر المشركون فرحا وسروراً ، قال : وبلغ الخبر العباس فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم به قال معمر : فأخبرني عثمان الخزرجي عن مقسم قال : فأخذ ابنا يقال له قثم واستلقى ووضعه على صدره وهو يقول :
حبي قثم شبيه ذى الأنف الأشم بني ذي النعم برغم من زعم
قال ثابت عن أنس : ثم أرسل غلاماً له إلى حجاج بن علاط فقال :ويلك ما جئت به وماذا تقول ؟ فما وعد الله خير مما جئت به ، فقال حجاج بن علاط : اقرأ على أبي الفضل السلام وقل له فليخل لي في بعض بيوته لآتيه فإن الخبر على ما يسره ، فجاء غلامه فلما بلغ الدار قال : أبشر يا أبا الفضل ، قال : فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال حجاج فأعتقه ، قال : ثم جاءه الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفتتح خيبر وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي واتخذها لنفسه ، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجه أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، قال : ولكني جئت لمال كان هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لي أنا أقول ما شئت ، فأخف علي ثلاثا ثم أذكر ما بدا لك .
قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي أو متاع فجمعته ودفعته إليه ثم انشمر به ، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته الخبر أنه ذهب يوم كذا وكذا , وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك ، قال : أجل لا يحزنني الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحبننا ، فتح الله خيبر على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به . قالت : أظنك والله صادقا ؟
قال : فإني صادق والأمر على ما أخبرتك ، ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم : لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله ، أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى صفيه لنفسه ، وقد سألني أن أخفى عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله و ما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب ، قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين علىالمشركين ، وخرج المسلمين من كان دخل بيته مكتئباً حتى أتى العباس فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون ورد ما كان من كآبة أوغيظ أو حزن على المشركين .
درجة الحديث عند أهل العلم :
صححه ابن حبان ، وقال ابن كثير : هذا الإسناد على شرط الشيخين . وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
غريب القصة :
- خيبر : مدينة كبيرة تبعد عن المدينة ثمانية برد لمن يريد الشام ، ذات حصون وزارع ونخل كثير ،وأما لفظ خيبر فهو بلسان اليهود الحصن ، وقيل سميت بام رجل من العماليق .
- الحجاج بن علاط : بكسر المهملة وتخفيف اللام ابن خالد السلمي ثم الفهري ، وهو والد نصر بن حجاج الذي نفاه عمر بن الخطاب عندما سمع أم الحجاج ابن يوسف تذكره وتتشبب به ليلا ؛ قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر فاسلم وحسن إسلامه ، ومات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
- انقمع المسلمون: أي اصابتهم كآبة وغيظ وحزن .
- معمر : راوي الحديث .
- عقر : أي بقى مكانه لم يتقدم أو يتأخر ، لفزع أصابه ، كأنه مقطوع الرجل .
- صفية بنت حيي : أرملة كنانة بن أبي الحقيق الذي هلك في غزوة خيبر ، وأنظر ترجمتها بتوسع في الإصابة (4/346) ، وأسد الغابة .
- انشمر به : أسرع به .
الفوائد والعببر :
1- اليهود والمشركون أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين .
2- فتح خيبر بعداختراق حصونها المنيعة دليل على قوة إيمان المسلمين ورسوخ عقيدتهم
3- يجوز للمسلم أن يستخدم الخدع علىالأعداء دفعاً للأخطار .
4- مما يستحب للإمام التسامح مع رعيته في النيل منه في غيبته إذا كان في ذلك صلاح أحوالهم في الدين والدنيا .
5- المؤمن كيس فطن لا تعييه الحيلة وحسن التدبير .
6- أخذ الحذر والحيطه مع الاعداء من ضروريات النصر .
7- الكافر والمنافق يفرح بمصاب المسلمين .
8- الاخبار المحزنة لها أثر في نفوس الناس ، فرفع المعنويات من دواعي النصر .
9- مشروعية تقسيم الغنائم .
10- شدة حب العباس لمحمد صلى الله عليه وسلم .
11- الوفاء بالوعد من شيم المسلم .
12- بعد الحزن والعسر يأتي مع الصبر الفرج .
13- المؤمن يبتلى علىقدر دينه .
14- جواز زواج المسلم من أهل الكتاب .
تقدم أيضاً فوائد أخرى لهذه القصة في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث رقم (34) فانظرهاغير مأمور .