البحث
المستشرق:شاخت جوزيف_لحديث النبوي لا يعتبر بالنسبة للإمام مالك المستوى الأعلى أو الوحيد في الموثوقية
الحديث النبوي لا يعتبر بالنسبة للإمام مالك المستوى الأعلى أو الوحيد في الموثوقية
يقول شاخت إن الحديث النبوي لا يعتبر بالنسبة للإمام مالك المستوى الأعلى أو الوحيد في الموثوقية، ذلك أنه من جهة أولى يعطي لعمل أهل المدينة الأولية على الأحاديث النبوية عندما يتعارضان· ومن جهة أخرى فإنه عندما لا يعثر على حديث أو إجماع مدني فإنه يضع نفسه مشرعاً ii se posait lui méme en législteur، أي أنه يستعمل رأيه إلى الحد الذي رمي فيه بالتعرق نسبة إلى الرأي بالعراق
الرد
لا شك أن الذي يقرأ كلام جوزيف شاخت السابق الذي يفيد أن مالكاً يقدم عمل أهل المدينة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تمييز سيعتقد أن الحديث النبوي لا اعتبار له في أصول المذهب المالكي وخصوصاً إذا لم يتم استيعاب العمل المدني وكيف أنه بمنزلة رواية جماعة عن جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم· وهو خير من رواية واحد عن واحد كما قال ربيعة الرأي: ألف عن ألف أحب إليَ من واحد عن واحد، لأن واحداً عن واحد ينزع السنَّة من أيديكم
وأعتقد أنه لا يخفى على هذا المستشرق وغيره تلكم المقولة الشهيرة عن الإمام مالك "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، كما أن العمل بخبر الواحد يعتبر من أصول مذهبه، ومن زعم أن مالكاً يشترط في خبر الواحد موافقته لعمل أهل المدينة فقد تقوَّل على مالك ما لم يقل، فلا يشترط في الخبر إلا الصحة ولا شيء غير ذلك· ولعل أبرز مثال وجدته في كتابات المستشرقين عن عمل أهل المدينة والذي يمكن اعتباره مغرضاً مبنياً على سوء النية ما ذكره المستشرق الفرنسي لوي ميليو louis milliotعندما قال: لقد أولى الإمام مالك لعمل أهل المدينة أهمية كبرى حتى إنه فضله على الأحاديث الصحيحة (ii lui a accordé le pas sur les hadith authentiques) فإضافة لفظة الصحيحة كانت كافية للتدليل على أن الرجل كان يهدف إلى قلب الحقائق واتهام الإمام مالك بأنه كان يعرض عن الحديث الصحيح إعراضاً تماماً
نعم إذا كان خبر الواحد وارداً من طريق غير صحيح وخالف ما عليه أهل المدينة فإنه كان يرى أن تقديم العمل أرجح في الأخذ وأقرب إلى الحق والصواب وقد سبق أن ردَّ القاضي عياض على من ذهب إلى أن المالكية لا يقبلون من الأخبار إلا ما صحبه عمل أهل المدينة ووصف ذلك بالجهل والكذب وأنهم لم يفرقوا بين ردِّ الخبر الذي في مقابل عملهم وبين ما لا يقبل منه إلا ما وافقه عملهم ويظهر أنه في هذا يرد على ابن حزم الذي قال: ذهب أصحاب مالك إلى أنه لا يجوز العمل بالخبر حتى يصحبه العمل وتتضح مسألة تعارض عمل أهل المدينة بخبر الآحاد عندما يتم تفصيل القول في أساس العمل المدني، هل هو النقل أم الاجتهاد؟ فإذا كان أساسه النقل فهو من دون شك مقدم على خبر الآحاد لأنه نقل متواتر وخبر الآحاد لا يعارض المتواتر لأنه ظني والمتواتر قطعي، وهذا أمر لا خلاف فيه عند المالكية أما إذا كان عمل أهل المدينة أو إجماعهم أساسه الاجتهاد، فالخبر مقدم عند جمهور المالكية، وقد لخص الإمام ابن القيم (ت 157) هذا الأمر ببرعة عندما ذهب إلى أن كل عمل مجمع عليه أساسه النقل لا تخالفه سنَّة صحيحة قط، وكل عمل أساسه الاجتهاد لا يقدم على سنَّة قط·