البحث
سَدِّدُوا وَقَارِبُوا
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ
"سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ" قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ".
كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يوصي أصحابه بالسداد في القول والعمل تأكيداً لما جاء في قوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا }
(سورة الأحزاب: 70).
والسداد في القول هو الصدق فيه، والسداد في الفعل هو إصابه وجه الخير فيه.
والمقاربة في القول تحري الصدق بقدر الوسع بغير تكلف ولا اعتساف ولا تحريف، فهي صدق على قدر درجة المتكلم، كما سنبينه هنا إن شاء الله.
والمقاربة في الفعل: هي تحصيل بعض الخير منه، فما فات جله لا يترك كله.
فالشهادة مثلاً ينبغي أن تؤدي على أكمل وجه وأتمه من غير تحريف ولا التواء، ولا مجاملة ولا محابة، وأن تكون خالصة لوجه الله، لقوله تعالى:
{ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ }
(سورة الطلاق: 2)،
أي قوموها تقويماً لا عوج فيه واجعلوها مستقيمة على الطريق السوي، وألزموا فيها العدل الدقيق، وهو ما أطلق القرآن عليه لفظ القسط، والقسط ميزان محرر ليس فيه تفاوت بزيادة أو بنقصان.
ولذلك لا يؤدي الشهادة على وجهها إلا الخبير بضروب الكلام وفنون القول ومجريات الأمور وتغير الأحوال، وغير ذلك مما هو في طريقها من الثبات وحسن المواجهة، والرغبة الملحة في إحقاق الحق وإبطال الباطل من غير أدنى محابة أو هوى.