البحث
نبيُّ الله عيسى عليه السلام
خلق الله عيسى عليه السلام بطريقةٍ خاصَّة. وكما حدث في حالة آدمَ؛ فإنَّ الله خلق عيسى مِن دُونِ أبٍ .ويُخبِرنا الله بهذا في القرآن كما يلي:
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (سورة آل عمران 59 )
ويُشِير القرآنُ إلى عيسى بِكونه اِبنًا لِمريمَ عليها السلام .ومريمُ امرأةٌ نَبِيلةُ شريفة، يَعرِضُها الله لنا نموذجًا من النماذج الفذَّة، إذْ كانت اِمرأةً شديدةَ العِفَّة، ومُؤمِنةً مُخلِصَةً لله. وقد وَهَبَها اللهُ عيسى بواسطة مَلَكِه "جِبريل" دُونَ أبٍ بِمُعجِزة منه، كما بشَّرَها أنَّ ابنَها سوف يكون نبيًّا.
وجعل اللهُ عيسى نبيًّا، وأنزل عليه الإنجيلَ وهو أحدُ الكتب السماوية التي أرسلها الله للبشرية (بعد اختفاء عيسى بدَّل الناسُ الإنجيل، واليوم ليس لدينا نسخة من الإنجيل الأصليِّ، ولا يُمكن الاعتمادُ على الكتب التي يُطلِق عليها المسيحيُّون إنجيلاً. وقد أمر الله عيسى أن يدعوَ الناسَ إلى صراطِ الله المستقيم، ومنَحَه العديدَ مِن المُعجِزات .وتكلَّم عيسى وهو رَضِيعٌ في المهد، وذكَّر الناسَ بالله. كما بشَّر عيسى بمُحمَّد (أحمد) عليه الصلاة والسلام، رسول الله الذي سوف يأتي بعدَه، وقد أخبرنا الله في القرآن بهذا كما يلي:
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) (سورة الصف: 6)
ولم يُؤمِن بِعِيسى ولم يُعاوِنْه في زَمَنِه إلا أُناسٌ قليلون جدًّا .أمَّا أعداءُ عيسى فقد اِبْتَكروا مُؤَامراتٍ لِقتله، وظنُّوا أنَّهم قَبَضوا عليه وصلبوه، ولكنَّ اللهَ يُخبِرُنا في القرآنِ أنَّهم لم يقتُلُوه:
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (سورة النساء157)
وبعد اختفاءِ عيسى عليه السلام، حاول أعداؤُه أن يُغيِّروا الوحيَ الذي جاء به، فبَدَأُوا يَرسُمُون عيسى ومريمَ على شكل كائِناتٍ فوق الطبيعة، بل وحتى على شكل آلِهَةٍ .ويُوجَد إلى يومِنا هذا مَن يَتَمسَّك بهذه المُعتقداتِ الباطِلَة .ويُخبِرُنا القرآنُ على لِسانِ عيسى ابنِ مريم أنَّ هذه المُعتقداتِ خاطِئَةٌ، كما يلي:
(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (سورة المائدة: 116-117)
وبعد اختفائِه ازداد عددُ الذين يؤمنون بعيسى بنِ مريم بِدَرَجة كبيرة، ولكنَّهم اليومَ بَعُدُوا عن الطريقِ المستقيمِ لأنَّهم يتَّبِعُون الكتابَ المُقَدَّسَ الذي تَغيَّرَ بِالإضافة والحذف. ولا يُوجَد طريقٌ مُستقيم في يومنا هذا إلا الذي دعانا إليه النبيُّ مُحمَّدٌ عليه الصلاة والسلام، لأنَّه وَحْيُ اللهِ الوحيدُ الذي لم يتغيَّر.