البحث
يرفق بهم ويحترم آدميتهم
ثانياً : يرفق بهم ويحترم آدميتهم
فلما نزل المسلمون قريباً من بدر بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا ًوالزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر ،فأصابوا غلمانا ًوعبيداً لقريش يرتوون ، فأمسكوا باثنين منهم وأفلت الباقون إلى قريش ،أما الاثنان فهما أسلم غلام بني الحجاج، وأبو يسار غلام بني العاص، أتوا بهما وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي فسألوهما: < لمن أنتما ؟> قالا:< نحن سُقاة قريش بعثوا بنا نستقي لهم من الماء > فكره القوم خبرهما وظنوا أنهما لأبي سفيان ونكران العير ، فضربوهما ، فلما أوجعوهما ضرباً قالا: < نحن لأبي سفيان> فأمسكوا عن الضرب فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال لأصحابه معاتبا ً:< إذا صدقاكم ضربتموهما ، وإذا كذباكم تركتموهما؟ والله لقد صدقا : إنهما لقريش ، ثم قال صلى الله عليه وسلم للغلامين : < أخبراني عن قريش> وظل يسألهما .[1]
ولما فرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى بدر بين أصحابه بالقرعة قال لهم : < استوصوا بالأُسارى خيراً> فكانوا يؤثرونهم بالطعام الشهي ويُحسنون معلماتهم استجابة لأمره صلى الله عليه وسلم .
وفي غزوة بني قريظة قبل قسمة السبايا اصطفى رسول الله صلى الله ريحانة من بني عمرو بن قريظة ،وعرض عليها الزواج بها ويضرب عليها الحجاب فأبت وقالت :< يا رسول الله .. أتركني في ملكك فهو أحق علي وعليك> فتركها ، وعرض عليها الإسلام فأبت إلا اليهودية ؛فعزلها ووجد في نفسه ذلك من أمرها... فبينما هو مع أصحابه إذ سمع نعلين خلفه فقال:<إن هذا لثعلبة يبشرني بإسلام ريحانة> ، فجاء فقال< يا رسول الله قد أسلمت ريحانة>، فسره ذلك من أمرها فكانت عنده صلى الله عليه وسلم حتى توفي وهي في ملكه رضي الله عنها[2]
فلم يأمرها بالزواج به ، بل عرض عليها، ولم يُجبرها على الزواج بعد رفضها ، رغم أنها أسيرة لا حول لها ولا قوة ؛ ولم يُكرهها على الإسلام ، بل أعطاها حرية الاختيار ، حتى اختارت الإسلام ، واختارت أيضا عدم الزواج منه صلى الله عليه وسلم بعد إسلامها ، فأي احترام هذا لحقوق الأسرى؟!
في غزوة الخندق ، سقط نوفل بن عبد الله عن فرسه في الخندق،فدقت عنقه ورُمي بالحجارة حتى قُتل ، ،فلما انتهت الحر ب أرسل بنو مخزوم يطلبون جثة نوفل بن عبد الله ، يشترونها بعشرة آلاف درهم ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الثمن وخلى بينهم وبينه،وقال : < خذوه ، فإنه خبيث الديَّة ، خبيث الجُثة >
--------------------------------------------------------------------------------
محمد مهدي عامر. قصة كبيرة في تاريخ السيرة ،ص 131-132[1]
أبو بكر الجزائري. هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا مُحب ، ص210.[2]