البحث
أخلاقه صلى الله عليه وسلم في الحرب مع الأسرى
أخلاقه صلى الله عليه وسلم في الحرب مع الأسرى
إن أسير الحرب هوالذي يقع في حوزة أعداءه، إما في أثناء نشوب الحرب، أو في أعقابها[1].
وإذا نظرنا إلى مواد القانونالدولي الإنساني المعاصر-ونخص بذلك معاهدات جنيف 1929م، 1949م ولاهاي لحقوق الإنسان، وحقوق أسرى الحروب-لوجدنا أنها لم تبلغ إلى سماحة الإسلام ورحمته...فلقد أفردت اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949م –على سبيل المثال- معاملة خاصة لأسرى الحروب؛كما يقول الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي بحقوق القاهرة، ومن الضمانات التي كفلتها لهم:
أولاً:أنهم يكونون تحت سلطة دولة العدو لا سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم
(المادة 12 من الاتفاقية)؛لذا تعتبر الدولة الحاجزة مسئولة عن كيفية معاملة الأسرى.
ثانياً: ترحيلهم لمنطقة آمنة بعيدة عن القتال وذلك في أقرب وقت ممكن بعد الأسر، حتى يكونوا في مأمن من الخطر( المادة 19 من الاتفاقية).
ثالثا: مزايا يتمتع بها الأسير:
1- توفير الأماكن والملابس والأغذية.
2- توفير العناية الصحية والطبية لهم.
3- له الحق في ممارسة الشعائر والواجبات الدينية.
4- يجب توفير الاتصال بينه وبين العالم الخارجي(كاستلام وإرسال الخطابات، والطرود والبرقيات..).
5- يمكن تكليفه ببعض الأعمال كالزراعة أو النقل والخدمات مقابل أجر.أ.هـ [2]
أما إذا نظرنا إلى تعاليم الدين الإسلامي،لوجدنا فيه العدالة الحقيقية والمطلقة ، لأن المشرِّع في الإسلام هو الله سبحانه وتعالى ، والخلق كلهم عيال الله وعباده، لذا فقد أمر عز وجل بالعدل المُطلق حتى مع الأعداء الذين يبغضوننا ، قائلا ً: < يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون >(المائدة -8 ) أي أن الله سبحانه يأمرنا أن نكون قوامين بالحق لله ، لا لأجل الناس والسمعة ، شهداء بالحق دون محاباة ولا جَوْر سواء للمشهود له أو عليه : أي : أدوا الشهادة بالعدل ، لأن العدل هو ميزان الحقوق ،إذ متى وقع الجَوْر في أمة انتشرت المفاسد فيها؟!
و قال تعالى أيضاً : < يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقِسط شهداء لله ولو على أنفسكم > النساء -135
أي لا يحملكم بغض قوم وعداوتهم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في معاملتكم مع الجميع : الصديق والعدو .
فقد حرص الإسلام "على احترام آدمية المغلوبين في الحرب ومن بينهم الأسرى.. وبهذا يسبق ديننا الحنيف القوانين الدولية واتفاقيات جنيف بشأن أسرى الحرب في تقرير معاملتهم بالحسنى، ورعايتهم جسدياً ونفسياً." [3]
وقد بيَّن الله في كتابة العزيز ثلاثة أوجه في شأنهم:.
الأول: التلطف معهم وترغيبهم في الإسلام .
وقد جاء هذا الوجه في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحيم " الأنفال-70
والوجه الثاني: هو إطلاق سراحهم مجاناً بشرط ألا يُخشى منهم خطرا في المستقبل ،وهذا يرجع إلى إمام المسلمين .
أما الوجه الثالث فهو أخذ الفِدية منهم شخصيا أو من دولتهم وتُقدَّر الفدية حسب ما يراه ولى أمر المسلمين شريطة ألا يكون فيها إجحاف أو تعجيز للأسير عن دفعها؛
ولقد ورد هذان الوجهان في قوله تعالى:(فإما منَّاً بَعدُ وإما فداءَ )سورةمحمد –وقد أضاف الفقهاء إلى ما ورد في القرآن الكريم وجهين آخرين هما:
الاسترقاق، أي بقاؤهم في الأسر مملوكين لمن أسرهم ملك يمين*
*والقتل، إذا خشي منهم الضرر في المستقبل على المسلمين
أما النساء فلا يجوز قتلهن ولا قتل الذراري الصغار، ويكون التصرف معهم إما بالعفو مجانا أو أخذ الفدية ، أو البقاء فى الاسترقاق.
وفى كل الأحوال تجب معاملتهم بالحسنى، ولا تجوز الإساءة إليهم أو الاعتداء عليهم لأنهم صاروا ضعفاء،والإسلام شديد العطف على الضعفاء أيا كان نوع ضعفهم[4]
وهذا هو العدل المطلق والرحمة المطلقة اللذان لا نجدهما إلا في الإسلام ؛أما المسلم الذي لا يطبق ذلك فآثم بعيد عن التقوى
--------------------------------------------------------------------------------
[1]عبد العظيم المطعنى. معاملة الأسرى في الإسلام ، متاح في:
https://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=242047
أحمد أبو الوفا. الإعلام بقواعد القانون الدولي: العلاقات الدولية في الإسلام، متاح في: [2]
ممدوح إبراهيم الطنطاوي.أخلاقيات الحرب في الإسلام.- مجلة الجندي المسلم، ع112،1/8/2003متاح في: [3]
https://jmuslim.naseej.com/detail.asp?innewsitemid=124046
[4]عبد العظيم المطعنى،المصدر السابق