1. المقالات
  2. الرسول المعلم وأساليبه في التعليم _ عبد الفتاح أبو غُدّة
  3. تأكيدُه صلى الله عليه وسلم التعليم بالقَسَم

تأكيدُه صلى الله عليه وسلم التعليم بالقَسَم

 

 تأكيدُه صلى الله عليه وسلم التعليم بالقَسَم


وكان صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان ، يَبدأُ حديثَه بالقَسَم بالله تعالى ، تنبيهاً منه إلى أهميّة ما يقولُه وتقويةً للحكم وتأكيداً له10.

 

 روى مسلم11عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفْسي بيده ، لا تَدْخُلون الجنّة حتى تُؤْمِنوا ، ولا تُؤْمِنوا حتى تَحابّوا12، أوَلا أَدُلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تَحاببْتُم؟ أَفشوا السلامَ بينكم))1.

 

وروى مسلم2عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((والذي نفسي بيده ، لا يُؤْمِنُ عبدٌ حتى يُحِبَّ لجارِهِ ـ أو قال : ـ لأخيهِ ما يُحِبُّ لنفسِه))3.

 

 

وروى البخاري4عن أبي شُرَيح الخُزاعي رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((واللهِ لا يُؤمِن! واللهِ لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل : من يا رسول الله؟ قال : الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَه))5.

وما كان القَسَمُ منه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث ، ـ وهو الصّادِقُ المَصْدوق ـ إلاّ للتنبيهِ على أهمية أثَرِ السَّلام ـ الذي هو شِعارُ الإسلام ـ في توثيق الصِّلة والتَّحابِّ بين الناس ، والتنبيهِ على لزومِ محبّة الخيرِ للجارِ والأخ ، والتنبيه على شَناعةِ أذى الجار وتنغيصِه ، حتى نَفى الإيمانَ عمن خالَفَ هَدْيَه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث .

 

 

---------------------------------

10 ـ قال الإمام ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى في ((إعلام الموقِّعين)) 4 :165 و((زاد المعاد)) 2 :313 : ((أقْسَمَ النبي صلى الله عليه وسلم على ما أَخبَر به من الحق ، في أكثرَ من ثمانين موضعاً ، وهي موجودة في الصحاح والمسانيد ، وأمَرَه الله تعالى بالحَلِفِ على تصديق ما أخبَر به في ثلاثة مواضع من القرآن ، في سورة يونس : 53 (قُلْ إيْ وربّي إنه لَحَقٌّ) ، وفي سورة سبأ : 3 (قُلْ بَلى وربّي لتَاْتِيَنَّكم) ، وفي سورة التغابُن : 7 (قُلْ ورَبّي لَتُبْعَثُنَّ) .

11 ـ 2 :35 في كتاب الإيمان (باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلاّ المؤمنون ، وأن محبة المؤمنين من الإيمان) .

12 ـ كذا الروايةُ في ((صحيح مسلم)) بحذفِ النون في قوله : (ولا تؤمنوا حتى تَحابوا...) ، قال العلماء : وإنما حُذِفَت النونُ هنا من هذا الفعل : (ولا تؤمنوا) ، مُشاكَلَةً لحذفها من الفعل السابق : (حتى تؤمنوا) ، فكأنه أورده بحذف النون في الثاني على الحكاية ، لِحذفها    في  الأول . =

= وانظر ـ إذا ـ شئت ـ كلام العلماء مطوَّلاً على حذف النون في هذا الحديث في ((شرح صحيح مسلم)) للنووي 2 :26 ، و((المِرقاة شرح المشكاة)) لعلي القاري 4 : 555 . ويُروى بحذف النون في قوله : (لا تدخلوا الجنة ...) كما أشار إليه في ((المرقاة شرح المشكاة)) . 

1 ـ قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 2 :10 و36 : ((في هذا الحديث : الحثُّ العظيمُ على إفشاءِ السلام وبَذْلِه للمسلمين كلّهم ، من عَرَفْتَ ومن لم تَعْرِف . والسَّلامُ أوَّلُ أسبابِ التألُّف ، ومِفتاحُ استجلابِ المودّة . وفي إفشائه تمكُّنُ أُلْفَةِ المُسلمين بعضِهم لبعض ، وإظهارُ شِعارِهم المميَّزِ لهم من غيرهم من أهل المِلَل ، مع ما فيه من رياضةِ النفس ـ أي ترويضِها على التواضع ـ ، ولزومِ التواضع ، وإعظامِ حُرُمات المسلمين .

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى : والأُلفَةُ إحدى فرائض الدّين وأركان الشريعة ، ونظامُ شَمْلِ الإسلام . وفي الحديث : إفشاءُ شِعار هذه الأُمّة ، وهو السَّلام)) . انتهى .

وفي هذا الحديث الشريف وما يليه مما جاء فيه قسمه صلى الله عليه وسلم : جواز الحلف ـ من المعلِّم وغيره ـ من غير استحلاف ، لتفخيم ما يخبر به ، وتعظيمه ، والمبالغة في صحته وصفته وأثره . وقد كثرت الأحاديث التي جاء فيها القَسَمُ من الصادق المَصْدوقِ صلى الله عليه وسلم ، حتى زادَتْ على ثمانين حديثاً كما تقدَّم نقلُه عن الإمام ابن القيم .

2 ـ 2 :17 في كتاب الإيمان (باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير) .

3 ـ قال العلماء : المرادُ بالأخ في قوله : ((حتى يحب لأخيه) عُمومُ الإخْوة حتى يَشمَلَ الكافرَ والمسلمَ ، فيُحِبُّ لأخيه الكافرِ ما يحب لنفسه من دخولِهِ في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دَوامَه على الإسلام . ولهذا كان الدُّعاءُ بالهداية للكافر مُستَحَبّاً . ونفيُ الإيمان في هذا الحديث مَحمولٌ على نفي الإيمان الكاملِ عمن لم يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه .

4 ـ 10 :370 في كتاب الأدب (باب إثم من لا يأمن جارُه بوائقَه) .

5 ـ أي شُرورَه وأذاياه .

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day