1. المقالات
  2. محمد رسول الله حقًا وصدقًا_محمد السيد محمد
  3. نسب رسول الله وصفاته وحال دعوته

نسب رسول الله وصفاته وحال دعوته

نسب رسول الله :

إن رسول اللهr هو أفضل وأعظم قريش نسبًا، تُعرف أسرته بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف.

1- هاشم: هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف، وكان موسرًا ذا شرف كبير، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وكان اسمه عمرو فما سمي هاشمًا إلا لهشمه الخبز، وهو أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء والصيف، وفيه يقول الشاعر:

 عمرو الذي هشم الثريد لقومه

 

قوم بمكة مسنتين عجاف

سنت إليه الرحلتان كلاهما

 

سفر الشتاء ورحلة الأصياف

2- عبد المطلب: صارت السقاية والرفادة والرفيدة بعد هاشم إلى عبد المطلب جد النبي   وكان شريفًا مُطاعًا، ذا فضل في قومه، كانت قريش تُسميه الفياض لسخائه وهو سيد مكة، ورسول الله  أفضلهم أخلاقًا وأعظمهم وأحسنهم صفاتًا، ويعلم القرشيون هذا ولا يستطيع أحد أن ينكره ويشهدون على ذلك.

فهو  الصادق الأمين، وتشهد قريش قاطبة على صدقه وأمانته ويدلل على ذلك:

ما رواه البخاري ضمن حديث طويل نص الكتاب الذي كتبه النبي  إلى ملك الروم هرقل وهو هذا:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فإنما عليك إثم الأريسيين، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

واختار لحمل هذا الكتاب دحية بن خليفة الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر.

وقد روى البخاري عن ابن عباس: (أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارًا بالشام في المدة التي كان رسول الله  ماد فيها أبا سفيان وكفارًا من قريش.

فأتوه وهم بإيلياء  فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟

قال أبو سفيان: أنا أقربهم نسبًا.

فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: إني سائل عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه.

ويقول أبو سفيان الذي أخبره بهذه القصة: فوالله لولا الحياء من أن يؤثروا عليّ كذبّا لكذبت عنه.

يقصد أبو سفيان: أنه لولا خاف واستحى أن تعيره قريش بكذبه لكذب، ولكنه اضطر لقول الحق والصدق الذي لا يخفى على قريش، فأصحاب أبي سفيان واقفين خلف ظهره يعلمون حقيقة ما سوف يقوله عن رسوله الله r.

ثم قال أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟

فقلت: هو فينا ذو نسب.

قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟

قلت: لا.

قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟

قلت: بل ضعفاؤهم.

قال: أيزيدون أم ينقصون؟

قلت: بل يزيدون.

قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن دخل فيه؟

قلت: لا.

قال: فهل يغدر؟

قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها- قال أبو سفيان: ولم تمكنني كلمة أدخل فيها شيئًا غير هذه الكلمة-.

قال: فهل قاتلتموه؟

قلت: نعم.

قال: فكيف كان قتالكم إياه؟

قلت: الحرب بيننا سجال ينال منا، وننال منه.

قال: ماذا يأمركم؟

قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.

فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.

وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله؟ فذكرت أن لا، قلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يتأسى بقول قيل قبله.

وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، فقلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت: رجل يطلب ملك أبيه.

وسألتكم هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.

وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم. فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل.

وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم.

وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.

وسألتك هل يغدر؟ فقلت: أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر.

وسألتك بماذا يأمر؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف.

فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أعلم أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقائه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.

ثم دعا بكتاب رسول الله  فقرأه فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا.

قال: فقلت لأصحابه حين أخرجنا: لقد أمر ابن أبي كبشة أنه ليخافه ملك بني الأصفر فما زلت موقنًا بأمر رسول اله r أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام).

[صحيح البخاري: 1/4، صحيح مسلم 2/ 97، 98، 99].

- ولنعد إلى العصر الذي نشأ فيه النبي  فنرى أنه  نشأ في عصر سادت فيه الجهالة وعمت فيه الضلالة، بين قوم أميين وثنيين غير موحدين، يكفرون باليوم الآخر، ويحيون حياة اللهو ويتعصبون لأتفه الأسباب، كانوا قبائل متدابرة وعشائر متناحرة، لم تكن لهم دولة لها مقومات الدولة؛ من حكومة لها سلطان، وجيش يدفع العدوان، ودستور يفصل الحقوق والواجبات، وقانون يبين العقوبات.([1])

في هذا العصر وهذه البيئة: نشأ رسول الله  ثاقب الفكر، عظيم النفس، كريم الخلق.([2])

- حال الرسول قبل الرسالة وبعدها؛ لنصدر أحكامنا عن بينة:

عاش رسول الله r إلى سن الأربعين يتمتع بين قومه بحسن السمعة ونباهة الذكر، مشهور بالصدق والأمانة، وندلل على ذلك بواقعتين نكتفي بهما:([3])

الواقعة الأولى:

ما جرى عند بناء الكعبة: فقد اختصمت القبائل فيمن يضع الحجر الأسود، كل قبيلة تريد أن تضعه موضعه، فقال أبو أمية -يومئذ أسنهم- حَكِّمُوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل عليكم من باب هذا البيت، ففعلوا، فكان أول من دخل محمدفلما رأوه قالوا جميعًا في صوت واحد: هذا  الأمين رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر أخذ الحجر ووضعه على ثوب، وأمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف منه، ففعلوا حتى إذا رفعوه، ودنوا من موضعه وضعهوبنى عليه.([4])

هذه الواقعة تشهد بما كان له في نفوس قومه من مكانة طيبة نتيجة ما اشتهر به من صفة الأمانة وعظيم الخلق، كذلك تشهد بقوة عقله وألمعيته وحسن فطنته ، وبقدرته البالغة على معالجة المشكلات، وإن بدت أمام الناس مستعصية الحل، فقد عرف  كيف يرضيهم جميعًا بحكمة فائقة، فقد أشركهم جميعًا في حمل الحجر، وفي الوقت نفسه فاز بشرف وضعه.([5])

الواقعة الثانية:

وقد رواها ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صعد  على الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي -لبطون قريش- حتى اجتمعوا فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مُصدقي؟

قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا.([6])

قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. قال أبو لهب: تبًّا لك يا محمد، ألهذا جمعتنا فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) [المسد].

هذه الواقعة تشهد ببعد نظره فقد رأى بحكمته أن يعرف رأيهم فيه، وظنهم به قبل أن يفاجئهم بأمر رسالته، وفي جو صاف خالص من الكدرات، بعيد عن الشوائب صارحوه وأجابوه على الفور ما جربنا عليك إلا صدقًا.([7])

من هاتين الواقعتين نستيقن أن الصدق والأمانة صفتان لازمتان لمحمد  من قبل الرسالة.

وعندما قرر الرسول  الهجرة بعد الرسالة بنحو ثلاثة عشر سنة ترك ابن عمه علي بن أبي طالب؛ ليرد الودائع التي كانت عنده إلى أهلها.

فهو r الصادق الأمين الذي كانت قريش تستأمنه على حاجاتها.

كذلك: نشأ منذ صباه يتحاشى عبادة الأصنام، وينفر من القرب منها.

كذلك: نشأ  عزوفًا عن الملاهي، وقد هم مرتين قبل رسالته أن يسمع عزفًا بالغرابيل والمزامير، ولكن الله عصمه وألقى عليه النوم، فما أيقظه إلا مس الشمس، ولما شب  حبب إليه الخلاء والتعبد ليالي ذوات عدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى البيت ويتزود لمثلها.([8])

نسأل: أيمكن لهذا الذي عُرف بالأمانة واشتهر بالصدق بين الناس أن يتجرأ على الكذب، وأن يكون أول من يتجرأ عليه الذي يدعو الناس إليه رب الناس، ملك الناس، إله الناس؟!([9])

ونسأل أيضًا: لماذا خرج على حكم البيئة، وللبيئة سلطانها وتأثيرها؟

لقد عاش  أربعين سنة كاملة وسط قوم مغرقين في الجهالة منهمكين في الضلالة، فلم تنتقل إليه عدواهم، ولم تصبه بلواهم.([10])

- ولقد مر عليه  شرخ الشباب، وهو الوقت الذي تجيش فيه الصدور بالآمال والأماني، فلم تبدُ منه كلمة تلميح بالرسالة أو إشارة لنبوة مع ما شاهده من وفاة أمة مع صغر عمرها، وهو في السادسة من عمره، ثم وفاة جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب، ومع علمه  بوفاة أبيه مع صغر عمره، وهو في بطن أمه .([11])

فكل هذه الأحداث التي مرت به لا تجعل له طول الأمل في تلك الحياة الدنيا التي يحياها، ومع ذلك فلم تبد منه r كلمة تلميح بالرسالة أو إشارة لنبوة، وفي الوقت الذي تهدأ فيه النفوس الثائرة، وتسكن فيه الآمال الفائرة بدأ بثورة غيرت مجرى التاريخ، أعلن أنه رسول الله، وأن رسالته لا تقتصر على العرب وحدهم، ولا على أهل عصر دون سواهم، بل إن رسالته عامة تشمل كل الذين في عهده، وكل الذين يجيئون من بعده، ولم لا وهو خاتم المرسلين الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى أن جاء وقت رسالته ؟([12])

فلقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون محمد  هو آخر المرسلين، ولما أنه آخر المرسلين فسوف تكون رسالته  للناس كافة في كل مكان وزمان، وأن يحفظها سبحانه وتعالى من التحريف وأن يحفظ كتابها القرآن الكريم من التحريف، سواء بالزيادة والإضافة أو النقصان أو إلى غير ذلك مما قد تعرضت إليه الرسالات والكتب السابقة عن طريق تناول أيدي البشر لها وفقًا لأهوائهم وشهواتهم. ([13])

وكان  على علم من أنه منذ لحظة رسالته ونزول الوحي عليه، عليه أن يجتهد طويلًا ويصطبر كثيرًا إلى أن ينصره الله سبحانه وتعالى، وبالتأكيد فإن هذا الأمر- رسالته - سيطول وقته إلى أن تنتشر دعوته ورسالته.([14])

والسؤال الذي يفرض نفسه، ما الذي اضطره  إلى هذا كله من إعلان نبوته ورسالته؟

بالتأكيد: ليس إلا لأنه رسول الله  حقًّا وصدقًا، يستجيب لأمر ربه تبارك وتعالى في الوقت الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وفقًا لمشيئته وحكمته جل شأنه.([15])



([1]) (2) (3) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

 

(1)(2) (3) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

(1)(2)(3) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

 

 

(1)(2)(3) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

 

(1)(2) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

([13])(2)(3)(4) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day