البحث
كيف أنت مع تلاوة كتاب الله تعالى؟!
أخي المسلم: لا شيء يعدل ذكر الله تعالى.. فهو الحسنة العظمى.. ويكفيك في فضله أن الذاكر لله تعالى دائم الصلة بربه تبارك وتعالى!
قال النبي : «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟!» قالوا: بلى. قال: «ذكر الله تعالى!» رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم.
أخي: ولا تنس أن أعظم الذكر، وأفضله، وأعلاه درجة هو: (تلاوة كتاب الله تعالى).
أخي: كم فرط العباد في الأجر والثواب يوم أن غفلوا عن هذا الحديث العظيم.. قال رسول الله : «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها! لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» رواه الترمذي/ صحيح الترمذي: 2910.
أخي: وهل وقف فضل قراءة كتاب الله عند هذا الحديث؟!
لا.. لا.. فها هو النبي يخرج مرة على جماعة من أصحابه ليسوق لهم هذه البشارة!
عن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال: خرج رسول الله ونحن في الصفة فقال: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم؟!»
فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك!
قال: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين! وثلاث خير له من ثلاث! وأربع خير له من أربع! ومن أعدادهن من الإبل!» رواه مسلم.
أخي في الله: أي أنت من هذا الخير؟! فيا حسرة على من ضيع هذا الثواب العظيم!
وقف أخي.. وهذه بشارة أخرى.. قال رسول الله r : «من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة!» رواه أحمد والدارمي/ السلسلة الصحيحة: 644.
أخي: إن ثواب قراءة كتاب الله تعالى لم تقف بك عند هذا.. وهذه فضيلة أخرى.. فقف.. قف.. وتأمل..
قال رسول الله r : «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة! وغشيتهم الرحمة! وحفتهم الملائكة! وذكرهم الله فيمن عنده!!» رواه مسلم.
أخي: يا له من أجر شمر من أجله الصالحون.. وتسابق إلى ساحاته المتقون.. وتنافس فيه المتنافسون..
أخي: ألا ترى عظم ذلك الثواب؟! نزول الرحمة.. وقرب الملائكة.. وأعظمها وأجلها أن يذكرك الله تعالى في الملأ الأعلى!!
يالله ما أعلاها وما أغلاها من منزلة!!
وبالسعادة من نالها! تالله لقد ذهب بالأجر كله!
أخي: أرأيت إذا ذكرك ملك عظيم من ملوك الدنيا، وأثنى عليك عند جلسائه! ووصل إليك الخبر بذلك، فقل لي: كيف سيكون شعورك؟!
أظنك ستخرج من جلدك فرحا وسرورا! ويداعب خيالك نيل العطايا وقرب المنزلة!
أخي: إذا كان هذا حالك مع ملك من ملوك الدنيا! فكيف بك أخي إذا كان الذاكر لك هو ملك الملوك.. مالك الملك.. الغني.. من بيده خزائن السماوات والأرض؟!
أخي: أنت السعيد حقا إذا ذكرك الله تعالى في الملأ الأعلى! فأمل ما شئت! وتمنى ما شئت!
فيالله كيف غفلت قلوب الغافلين عن هذا الأجر الجزيل؟!!
ويالله أي عوض وجدوه؟!
أخي المسلم: حاسب نفسك حساب مسلم صادق.. وقل لها في حسابها: هل فكرت يا نفسي يوما في عظم هذا الثواب؟! وإذا فكرت في ذلك.. هل تحسرت على ما فاتك منه؟!
واسألها: هل أنت يا نفس حريصة على اغتنام ساعات العمر في تحصيل هذا الثواب الجزيل؟
واسألها: كم فات من عمرك؟! وكم مضى عليك من الأيام غفلت فيها عن تلاوة كتاب الله؟!
واسألها: هل تستطيعين يا نفس أن تحصي مقدار الثواب الذي فاتك؟!!
وقل لها في النهاية: ما فات فقد فات.. ولكن فلتغتنمي باقي أيامك فإنك إن بادرت إلى ذلك فستدركي إن شاء الله الخير العظيم.. فالعجل.. العجل.. قبل حلول الأجل..
أخي: كم تمضي من الأيام والسنين والكثيرون غافلون عن ذلك الثواب الجزيل: (الحرف بعشر حسنات!).
أخي: كيف بك إذا قيل لك: لك بكل حرف كذا من المال؟!
قدر وقتها أخي كم من الناس سيحرصون على التلاوة؟!
ولكن مساكين هؤلاء فقد نسوا أن عطاء الله تعالى عطاء غني عن خلقه؛ فهو عطاء بغير حساب! وهو عطاء باق لا يزول.. وأين هذا من عطاء المخلوق.. الضعيف.. الفاني؟!
أخي: ما أرغب أولئك الذين غفلوا عن سعادتهم الحقيقية! فضيعوا الباقي من أجل الفاني!
أخي: أليس غريبا أن لا يغفل الإنسان عن رصيده من المال! بينما يغفل عن رصيده من الحسنات؟!
نعم، إن من قل رصيده من المال أو أفلس يصيبه الفقر والضر! ولكنه حالما يعاود الكرة ليربح أموالا غيرها، وإن لم يتيسر له ذلك؛ استدان، أو عاش على الكفاف ولكنه لن يموت جوعا..
ولكن أخي هل تعلم ما هو مصير من قل رصيده من الحسنات أو خلا منها؟!
فإن من جاء ربه تبارك وتعالى غدا خفيف الحسنات كان من الخاسرين! }فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ{ [القارعة: 6 - 11].
أخي: هي (النار!) حرها شديد! وقعرها بعيد! فمن يطيقها؟!
أخي: يا لحسرة من صارت مسكنه! ويا لحسرة من ذاق زقومها! وشرب حميمها! وعاين أهوالها وشدائدها!
دار الخاسرين.. ومسكن الظالمين.. وشقاء الخاطئين..
أخي: تلك هي عاقبة خفيف الحسنات يوم القيامة.. فلا تغفلن أخي عن رصيدك من الحسنات.. فما أسعدك أخي غدا إذا قدمت على ربك تبارك وتعالى فلقيت حسناتك مدخرة لك.. }وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا{ [الكهف: 49].
أخي: أظنك فكرت كثيرا أن يكون لك رصيد في البنك! ولكن أخي هل فكرت يوما أن يكون لك رصيد من الحسنات؟!
أخي: ما أيسر تجارة الحسنات إن طلبتها! فقراءة آيات قليلة من كتاب الله تعالى تضمن لك رصيدا كبيرا من الحسنات! فكيف إذا قرأت بعض السور الطوال؟! بل كيف إذا قرأت نصف القرآن؟!
بل كيف إذا قرأت القرآن كله؟!
بل كيف إذا قرأت القرآن كله مرات ومرات في عمرك؟!
بل كيف إذا واظبت على قراءة القرآن كله أيام عمرك كلها حتى لقيت الله تعالى؟!!
أخي المسلم: تلك هي السعادة الحقيقية.. وتلك هي التجارة التي لا تبور! }إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ{ [فاطر: 29، 30].
قال أبو موسى الأشعري (رضي الله عنه): "إني لأستحيي ألا أنظر كل يوم في عهد ربي مرة!".
وقال ابن عباس (رضي الله عنهما): "ما يمنع أحدكم إذا رجع من سوقه أو من حاجته فاتكأ على فراشه أن يقرأ ثلاث آيات من القرآن؟!"
أخي: أليس من الحرمان أن تمر على المسلم أيام! بل شهور! بل سنون وهو لا يقرأ آية من كتاب الله تعالى!
أخي: إني سائلك سؤالا فكن صادقا في جوابه، وسواء أجبت على هذا السؤال أم لم تجب! فلا أحد يعلم بذلك إلا علام الغيوب!
أخي: أتذكر آخر مرة ختمت فيها كتاب الله تعالى؟!
أخي: أتذكر كم جزء من القرآن قرأت في عامك الذي أنت فيه؟!
فإن كنت من المحافظين على تلاوته فلتحمد الله، واسأل الله المزيد من التوفيق.
وإن كنت غير ذلك فهلا سألت نفسك وحاسبتها.. ما هذه الغفلة؟! وما هذا التكاسل والتغافل عن كتاب الله تعالى؟!
مالك تتوالين عن فعل الخيرات؟! مالك تتأخرين عن عمل ينفعك يوم لا ينفع مال ولا بنون؟!
أخي: حاول أن تتعلم قراءة كتاب الله.
أخي: إن كنت ممن لا يستطيعون قراءة القرآن فلا تستح أخي من تعلم كتاب ربك تعالى، والحمد لله فإن سبل التعليم اليوم متوفرة، ولتعلم أخي أن خير ما تعلمته هو كتاب الله تعالى..
قال النبي : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» رواه البخاري.
أخي: عليك بالاجتهاد في تعلم كتاب الله تعالى حتى تتقن قراءته وتجويده فإن في ذلك أخي الثواب العظيم، ولا تنس أخي أن من اجتهد في تعلمه وهو شاق عليه له أجران!
قال رسول الله : «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة! والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران!» رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام القرطبي: "التتعتع: التردد في الكلام عيا وصعوبة، وإنما كان له أجران من حيث التلاوة ومن حيث المشقة، ودرجات الماهر فوق ذلك كله لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة! والله أعلم".
أخي في الله: لقد قسم النبي r الناس في قراءة القرآن إلى أقسام.. وها أنا أسوق لك هذه الأقسام، فانظر أخي في أي قسم أنت؟!
قال النبي r : «المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجَّة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر! ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث! وريحها مر!» رواه البخاري ومسلم [واللفظ للبخاري].
أخي: احرص على أن تكون ممن يقرءون كتاب الله تعالى.. وقد علمت أخي ما في ذلك من الأجر الكبير.. فكيف يطيب لنفسك أن يفوتك ذلك الأجر كله؟!