البحث
هل أنت من الباكين إذا قرءوا كتاب ربهم تبارك وتعالى؟!
أخي المسلم: لقد اشتمل هذا الكتاب العزيز على عجائب وحكم وأمثال وأخبار لو خوطبت بها الحجارة لتشققت! }وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{ [البقرة: 74].
أخي: عجيب أمر هذه القلوب التي قست حتى أصبحت لا يؤثر فيها القرآن!
يالله من قلوب سيطرت عليها الغفلة! وسكنها حب الدنيا!
أخي: إن لم يُبْكِ هذه العيون كتاب الله فأي شيء يبكيها؟!
أخي: هل تذكر يوما جرت فيه دموع عينيك وأنت تتلو كتاب الله تعالى؟!
فإن لم يحدث! فهل حاسبت نفسك؟!
أخي: اسأل نفسك: لماذا لا تدمع عيني إذا تلوت كتاب الله تعالى؟!
لماذا لا يرق قلبي؟!
لماذا لا يوجل قلبي؟!
من أين أتت هذه القسوة؟!
أخي: سأخبرك عن سبب هذه القسوة! فقف.. ولتحضر قلبك..
- الإعراض عن تلاوة كتاب الله! فالكثيرون لا يتلون كتاب الله، إلا بعد زمن طويل! فمن أين لهذا أن يرق قلبه إذا قرأ القرآن؟!
- غياب القلب عند تلاوة القرآن! فهو قارئ ولكن قلبه في مكان آخر!
- غياب التدبر والخشوع! فإن من تدبر كلام الله تعالى وأحضر قلبه فإن قلبه حتما سيرق.
- الانغماس في الدنيا والانشغال بها حتى أصبح هَمُّ الكثيرين إذا أصبحوا وإذا أمسوا هو التفكير في هذه الدنيا الفانية!
- طول الأمل! فالكثيرون يعقدون الآمال الطوال حتى ينسى أنه سيموت!
- المعاصي والذنوب! وهو أخطر الأسباب في قسوة القلوب!
أخي في الله: إذا أردت أن يجري دمعك وأنت تتلو كتاب الله تعالى..
- تذكر أخي أن صدق الإيمان وتزكية النفس عن أدرانها من أقوى الأسباب في رقة القلوب وتحريك الدموع!
- ولتقرأ كتاب الله تعالى قراءة خائف لوعيده!
- ولتتذكر أنك تقرأ كلام ملك الملوك ومن لا يعذب كعذابه أحد!
- وإذا مررت بذكر النار فتذكر هل أنت قادر على تحملها؟!
- وإذا مررت بآيات ذكر القيامة وأهوالها! فكأنما أنت في عرصاتها لا تدري أين يذهب بك! إلى جنة أم إلى نار؟!
أخي: بقي أن أقف وإياك عند هذه المعالم الزاهية لترى حال الصالحين وهم يتلون كتاب الله تعالى لتعلم الفرق بين من انتفع بكتاب الله وبين من لم ينتفع به!
- هذا هو الصالح المخبت عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) كان إذا أتى على قوله تعالى: }أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ{ [الحديد: 16]
بكى (رضي الله عنه) حتى يبل لحيته من البكاء! ويقول: "بلى يا رب".
- وهذه الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها وعن أبيها) قرأ عليها مسروق (رحمه الله): }فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ{ [الطور: 27]
فبكت! (رضي الله عنها) وقالت: "رب مُنَّ وَقِنِي عذاب السموم".
- وهذا صادق الصحبة تميم الداري (رضي الله عنه) قرأ ليلة قوله تعالى: }أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ{ [الجاثية: 21]
فصار (رضي الله عنه) يرددها ويبكي حتى الصباح!
- وهذا سريع الدمعة، حفيد الصالحين عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) قرأ عليه رجل ـ وعمر يومها أمير على المدينة ـ }وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا{ [الفرقان: 13]
فبكى عمر (رحمه الله) حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه! فقام من مجلسه فدخل بيته وتفرق الناس.
أخي: رزقني الله تعالى وإياك رقة قلب، ودمعة عين.. لتكونان سببا لنجاتنا وأمننا يوم الفزع الأكبر..
..