البحث
نظرات فيما يباح للصائم
تميزت الشريعة الإسلامية بنظام محكم من قواعد العبادات والمعاملات، كفلت للمسلم توازنًا روحيًا واجتماعيًا، حصر الرذيلة في أضيق حدودها.. وفي خضم هذه التشريعات، لم تغب قاعدة (التيسير) عن الساحة، وعن أداء دورها المتميز فيها، لتبرهن على أن الشريعة الإسلامية أبعد ما تكون عن التشدد والتطرف.
وفي هذا الشهر الكريم (شهر الصوم) نجد العديد من أحكام التيسير والرفق بالمسلم الصائم، فالنظرة السطحية تقف أمام مظهر الجوع والعطش، أما النظرة المتأملة تجد في الصوم الخير لديننا ولدنيانا، دون تعذيب للنفس أو حملها على جناح المشقة وهي لا تستطيع، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:«إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»[1]، وكان الإمام مالك رحمه الله يقول: "إذا كانت الضرورة فإن دين الله يسر".
السواك للصائم:
قال صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ»، وفي رواية «عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ»[2].
قال الحافظ ابن حجر: "يقتضي إباحته في كل وقت وعلى كل حال"[3].
وروى الطبراني عن عبد الرحمن بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل، أأتسوك وأنا صائم؟ قال: نعم. قلت: أي النهار؟ قال: غدوة وعشية. قلت: إن الناس يكرهونه عشية، ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، قال: "سبحان الله، لقد أمرهم بالسواك، وما كان بالذي يأمرهم أن ييبسوا أفواههم عمدًا، ما في ذلك من الخير شيء، بل فيه شر"[4].
وقال ابن سيرين: "لا بأس بالسواك الرطب، قيل: له طعم، قال: والماء له طعم، وأنت تمضمض به".
قال الشوكاني: وقد نقل الترمذي أن الشافعي قال: "لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره"، واختاره جماعة من أصحابه، منهم أبو شامة وابن عبد السلام والنووي والمزني، قال ابن عبد السلام في قواعده الكبرى: "وقد فضل الشافعي تحمل الصائم مشقة رائحة الخلوف على إزالته بالسواك مستدلًا بأن ثوابه أطيب من ريح المسك، ولا يوافق الشافعي على ذلك، إذ لا يلزم من ذكر ثواب العمل أن يكون أفضل من غيره، لأنه لا يلزم من ذكر الفضيلة حصول الرجحان بالأفضلية، ألا ترى أن الوتر عند الشافعي في قوله الجديد أفضل من ركعتي الفجر، مع قوله عليه الصلاة السلام: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» وكم من عبادة قد أثنى الشارع عليها وذكر فضيلتها وغيرها أفضل منها، وهذا من باب تزاحم المصلحتين اللتين لا يمكن الجمع بينهما، فإن السواك نوع من التطهر المشروع لأجل الرب سبحانه، لأن مخاطبة العظماء مع طهارة الأفواه تعظيم لا شك فيه، ولأجله شرع السواك، وليس في الخلوف تعظيم ولا إجلال، فكيف يقال إن فضيلة الخلوف تربو على تعظيم ذي الجلال بتطييب الأفواه؟"[5].
المضمضة والاستنشاق:
فعن عمر رضي الله عنه قال: هَشِشْتُ يَوْمًا (أي نشطت)، فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟» قُلْتُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَفِيمَ» (أي ففيم السؤال)[6].
وفيه إشارة إلى فقه بديع، وهو أن المضمضة لا تنقض الصوم، وهي أول الشرب ومفتاحه، فكذلك القبلة لا تنقضه، وهي من دواعي الجماع وأوائله التي تكون مفتاحا له، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع كما ثبت عند عمر رضي الله عنه أن أوائل الشرب لا تفسد الصيام كذلك أوائل الجماع لا تفسده.
إلا أنه يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»[7].
قال ابن قدامة: "وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عليه".
وقال عطاء: "إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس إن لم يملك".
وقد كره أهل العلم السعوط (وضع الدواء في الأنف) للصائم، ورأوا أن ذلك يفطر، وفي حديث لقيط ما يقوي ذلك.
التبرد بالماء في الحر:
يجوز للصائم صب الماء على رأسه من شدة الحر أو الاغتسال، لما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ"[8].
وبَوَّبَ البخاري في صحيحه بابًا بعنوان (اغتسال الصائم) وقال فيه: "وَبَلَّ ابن عمر رضي الله عنه ثوبا فأَلقى عليه وهو صائم، ودخل الشعبي الحمام وهو صائم، وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم، وقال أنس: إن لي أَبْزَنَ (حوضًا) أتقحم فيه وأنا صائم".
فإن دخل الماء في جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح.
المباشرة والقبلة لمن قدر على ضبط نفسه:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ"[9].
وعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ هَذِهِ» (لِأُمِّ سَلَمَةَ) فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»[10]، وفيه أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة.
وتقدم حديث عمر رضي الله عنه في القبلة للصائم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رجلًا سألَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن المباشَرةِ للصَّائمِ؟ فرخَّصَ لهُ، وأتاهُ آخرُ فنَهاهُ؛ فإذا الَّذي رخَّصَ لهُ شَيخٌ، والَّذي نَهاهُ شابٌّ"[11].
قال ابن المنذر: "رخص في القبلة عمر وابن عباس وأبو هريرة وعائشة وعطاء والشعبي والحسن وأحمد وإسحاق".
ومذهب الأحناف والشافعية أنها تكره على من حركت شهوته ولا تكره لغيره، لكن الأولى تركها ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك، والاعتبار بتحريك الشهوة وخوف الإنزال، وسواء قبل الخد أو الفم أو غيرهما، وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم القبلة.
الاغتسال لمن أصبح جنبًا:
فمن أدركه الفجر وهو جنب فليغتسل بعد الفجر ويصوم، وكذلك الحائض والنفساء إذا انقطع الدم في الليل ثم طلع الفجر قبل اغتسالهما صح صومهما، ووجب عليهما إتمامه سواء تركت الغسل عمدًا أو سهوًا بعذر أم بغيره، لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أَنَّ: "رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ"[12].
وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ»، فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ»[13].
الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين:
فهذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده، لأن العين ليست بمنفذ للجوف، فعن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل وهو صائم، وقال الحسن: "لا بأس بالكحل للصائم".
وإلى هذا ذهبت الشافعية، وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور، وروي عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى من الصحابة.
قال ابن تيمية: "أما الكحل والحقنة (أي الشرجية)، وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة (الجرح الذي يصل إلى جلدة الرأس)، والجائفة (الجرح الذي يصل إلى الجوف) فهذا مما تنازع فيه أهل العلم، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد بها الصوم لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه للأمة كما بلغوا سائر شرعه"[14].
الحجامة والفصد:
وهي أخذ الدم من الرأس، وكذا الفصد وهو أخذ الدم من أي عضو، فقد كانت من جملة المفطرات ثم نسخت، وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم، لما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أَفْطَرَ هَذَانِ»، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم[15].
قال الشيخ أحمد حطيبة: وأما ما رواه أبو داود عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»[16]، فالراجح أنه منسوخ بثبوت الرخصة في الحجامة[17].
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم[18].
إلا إذا كانت الحجامة تضعف الصائم فإنها تكره له، قال ثابت البناني لأنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف[19].
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، وَالْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ؛ إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا"[20].
تذوق الطعام:
وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا بأس أن يتذوق الخل والشيء يريد شراءه".
ويروى عنه أيضا قوله: "لا بأس أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه يمجه".
وكان الحسن يمضغ الجوز لابن ابنه وهو صائم.
أما مضغ العلك (اللبان) فإنه مكروه إذا كان لا يتفتت منه أجزاء، وممن قال بكراهته الشعبي والنخعي والأحناف والشافعية والحنابلة، ورخصت عائشة وعطاء في مضغه لأنه لا يصل إلى الجوف فهو كالحصاة يضعها في فيه، هذا إذا لم تتحلل منه أجزاء، فإن تحللت منه أجزاء ونزلت في الجوف أفطر.
ولا يفطر الصائم أيضا مما لا يمكن الاحتراز منه كبلع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والنخامة ونحو ذلك.
وقال ابن المنذر: أجمعوا على أنه لا شيء على الصائم فيما يبتلعه مما جرى مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على إخراجه.
التطيب والادهان:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا»[21].
قال ابن تيمية: "فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساما، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك دل على جواز تطيبه وتبخره واكتحاله"[22].
تحليل الدم والحقن التي في العضل أو في الوريد:
فكل هذا ليس من المفطرات لأنها ليست منصوصًا عليها ولا بمعنى المنصوص عليها.
قال الشيخ الحطيبة: "والراجح أيضًا أن الحقنة في العضل أو الوريد، وكذلك الأقماع الشرجية أو المهبلية لا تفطر، لأنها ليست طعامًا ولا في معناه، ولا تصل إلى المعدة، ويحتاج إليها المريض، وأما حقن التغذية التي يعيش عليها المريض كالمحاليل ونحوها، فتغني المريض عن الطعام والشراب، وتقوم مقام الغذاء، فالأحوط فيها أنها تفطر المريض الصائم، فيلزمه القضاء.
ويباح لمريض القلب والربو استعمال البخاخة المحتوية على غاز يستنشقه ليفتح الشعب الهوائية ليقدر على التنفس. وهو لا ينعقد جرمًا داخل الجوف، فلذلك لا يفسد صومه.
وأما الأقراص التي توضع تحت اللسان، فإن كانت تذوب في اللعاب وتنزل إلى المعدة فهي مفطرة، وإن كانت تذوب في الغشاء المخاطي المبطن للفم وتصل إلى الدم عن طريق الأوعية الدموية، فلا تفطر، والأولى أن يجتنبها الصائم[23].
إن المتأمل بعين الإنصاف في أحكام الشريعة ليدرك مدى الإتقان الرباني في بنائها وبعدها عن التعسف والتعنت، الأمر الذي جعلها أحاطت بالخير كله، فلم تدع منه شيء، ووضعت المسلم على طريق الرشاد في الدنيا والآخرة، فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
_______________
[1]- رواه البخاري عن أبي هريرة - كتاب الإيمان، رقم: [39].
[2]- رواه البخاري عن أبي هريرة - كتاب الجمعة، رقم: [838].
[3]- فتح الباري: [4/188].
[4]- تلخيص الحبير - العسقلاني، ج: [2]، ص: [202]، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: [3/168]، وقال: فيه بكر بن خنيس وهو ضعيف، وقال ابن حجر العسقلاني في الدراية: [1/282]: فيه أبو عبد الرحمن أظنه المصلوب، وهو من الوضاعين. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: [3/144]: إسناده جيد.
[5]- نيل الأوطار، للشوكاني: [1/103- 104].
[6]- رواه أحمد، مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم: [140]، وقال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: [2385].
[7]- رواه الترمذي - كتاب الصوم، رقم: [788]، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: [788].
[8]- رواه أبو داود - كتاب الصوم، رقم: [2365]، قال الشوكاني في تيل الأوطار [4/287]: "رجال إسناده رجال الصحيح"، والحديث صححه الألباني في تخريج أحاديث المشكاة [1953].
[9]- رواه مسلم - كتاب الصوم، رقم: [1106].
[10]- رواه مسلم - كتاب الصوم، رقم: [1108].
[11]- أبو داود - كتاب الصوم، رقم: [2387]، وقال الألباني في صحيح أبي داود [2387]: "حسن صحيح".
[12]- البخاري - كتاب الصوم، رقم: [1925].
[13]- أبو داود - كتاب الصوم، رقم: [2389]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود [2389].
[14]- مجموع الفتاوى - ابن تيمية، ج: [25]، ص: [233].
[15]- سنن الدارقطني - دار المعرفة / بيروت ج: [2]، ص: [182]، وقال: "رجاله كلهم ثقات ولا أعلم له علة". وقال ابن تيمية في حقيقة الصيام [76]: "لم يروه أحد من أهل الكتب المعتمدة" من مناكير (خالد بن مخلد). وقال ابن حجر في الفتح [4/210]: رواته كلهم من رجال البخاري إلا أن في المتن ما ينكر.
[16]- صحيح أبي داود - الألباني [2369] ونصه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان فقال: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ».
[17]- الجامع لأحكام الصيام وأعمال شهر رمضان، أحمد حطيبة ص: [129].
[18]- رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني، أنظر صحيح الترمذي: [776].
[19]- رواه البخاري - كتاب الصوم، رقم: [1940].
[20]- مسند أحمد - مسند الأنصار رضي الله عنهم - رجل من أصحاب النبي صلى اله عليه وسلم، رقم: [23554].
[21]- البخاري - كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.
[22]- مجموع الفتاوى، ج: [25]، ص: [242].
[23]- الجامع لأحكام الصيام وأعمال شهر رمضان - أحمد حطيبة، ص: [90].