1. المقالات
  2. أعمال القلوب
  3. تنفير الأطفال من المساجد

تنفير الأطفال من المساجد

الكاتب : محمد علي يوسف
تحت قسم : أعمال القلوب
1568 2017/02/26 2024/11/18

طفلان لا يجاوز عمر أكبرهما الأعوام الأربعة ورجل بالغ عاقل (أو هكذا يفترض)..

الرجل يمسك بتلابيب الطفلين ويجرهما بقسوة مفرطة وهو يكيل إليهما ما تيسر من اللكمات والركلات..

يهب رجل آخر لينتزع أحد الطفلين ويسارع شاب مفتول لجذب الطفل الآخر؛ لا لينقذوهما من براثن الرجل الأول ولكن ليكيل كل منهما مزيدًا من اللكمات والركلات للطفلين!

كل ذلك قبل أن يصل باقي المصلين... نعم كما قرأتها!

المصلين!

جمع مصلٍ

إن أبطال الموقف مصلون يملأون مسجدًا ما في مكان ما..

ها قد وصل باقي المصلين ليلحقوا بوليمة الضرب والسباب التي يتوسط الطفلان مائدتها العامرة..

وقفت لوهلة وقد شلتني بشاعة المشهد قبل أن أجمع شتات نفسي وأحاول دفع هؤلاء القساة غلاظ الطباع الذين -للأسف- لم تنجح صلاتهم في تليين قلوبهم أو صقل أخلاقهم

ماذا تفعلون؟!

أجننتم؟!

أين ذهبت عقولكم؟!

إنهما طفلان

إنهما غران غير مدركين أو مميزين

مهما كانت الضجة التي أثاراها في المسجد بلعبهما أو بنزق طفولتهما فهما غير مسؤولين عن تصرفات الطفولة الخرقاء..

هل ذنبهما كونهما من أطفال الشوارع حيث لا ولي يدفع عنهما أو والد يعتذر عن نزقهما؟!

أم أن جريمتهما أنهما طفلين؟!

وهل الطفولة جريمة وهل بعض الضجة غير المقصودة تبرر هذه القسوة التي وصلت لجرح أحدهما ونزفه نتيجة ضربة مُصلٍ غاضب ضايقته تلك الضجة التي سببها المجرمان الصغيران؟!

أليس منكم رجل رشيد؟!

حتى كبيرهم يسارع لمكبر الصوت محذرًا من تكرار تلك الجريمة الشنيعة، أو تواجد المجرمين الصغار الذين يتسببون في جريمة إزعاجهم دون أن يكلف نفسه بملاحظة ما سينتج عن هذا التحذير، أو أن يتابع بعينيه ليرى مهزلة التنكيل بالصغيرين.

نجحت في الخروج بالطفلين بصعوبة وواسيت الجريح الباكي منهما قدر وسعي لكنهما لم يمهلاني حيث سارعا هاربين وكأنهما لا يصدقان نجاتهما

سارعا هاربين من المسجد!!

من بيت الله الذي يفترض أن يسع من ضاقت به الدنيا

بدلًا من أن يجذب الطفل ويرحب به في مكان ينبغي أن يترسخ حبه في قلبه منذ الصغر؛ إذا بنا نطردهم وننفرّهم لتكون غايتهم النجاة من البيت

بيت الله..

كيف سيلقى أولئك القساة ربهم؟!

وأين هم من فعال رسولهم صلوات ربي وسلامه عليه وهو الذي قطع خطبته ليحمل غلامًا يتعثر في ثوبه، ويخفف في صلاته حين يسمع بكاء رضيع، ويجالس صغيًرا باكيًا يواسيه ويلاعبه لينسيه فقد حيوانه الأليف..

فليمصمصوا الشفاة كثيرًا متحسرين على حال الشباب وبُعد كثير منهم عن الطريق؛ بل وإلحاد البعض ومروقه التام، وليوجهوا ألف إصبع اتهام لكل ما أدى ومن أدى لذلك الحال المزري متناسين ومتغافلين أن كثيرًا من تلك الأصابع ينبغي أن يشير إليهم وأن يتهم قسوتهم وغلظتهم وتنفيرهم..

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day