البحث
مفتاح الفرج {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}
آيةٌ في كتاب الله تعالى مَن تدبَّر معناها، وعمل بمقتضاها، استقامَت حياتُه في سعادةٍ وحُبورْ، وطُمَأنينةٍ وسرورْ، إنها التِّرْياقُ النَّاجع لكلِّ الهمومْ، ومِفتاحُ الفرَج لكلِّ الغمومْ. هي قوله سبحانه في سورة الطَّلاق: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. إنها سنَّةُ الله في خَلقِهْ، وقانونُه المطَّردُ في أرضِهْ، فيا مَن أثقلَت كاهلَيه الأشجانْ، وقيَّدت خُطواتِه الآلامُ والأحزانْ، لا تتلفَّت هاهنا أو هناك باحثًا عن مَخرَج، فإنَّ المَخرَج ميسَّرٌ أمامك، ولكن شمِّر عن ساعد الجِدِّ لتحقيق شرطه، ألا وهو لزومُ التَّقوى. وقد رُويَ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه قال: جعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليَّ هذه الآيةَ: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2] ثم قال: ((يا أبا ذَرٍّ، لو أنَّ الناسَ كلَّهم أخذوا بها لكفَتهُم))[2]. وتقوى الله: أن يجعلَ العبدُ بينه وبين ربِّه وقايةً ممَّا يُغضبه، ولا يكونُ ذلك إلا بامتثالِ أوامره واجتنابِ نواهيه، أي أن يراهُ الله حيثُ أمرَه، وأن يفقدَه حيثُ نهاه. ومن التقوى الفَيءُ إلى الحقِّ، والندمُ على الذَّنب، وكثرةُ الاستغفار، وقد رُويَ من حديث ابن عبَّاس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن أكثرَ الاستغفارَ جعل الله له من كلِّ همٍّ فرَجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مَخرَجًا، ورزقَه من حيثُ لا يحتسِب))[3]. وأخبر سبحانه: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، والاستغفار سببٌ للرزق والنعمَهْ، والمعاصي سببٌ للمصائب والنقمَهْ. أجل، إن الله ليَدفعُ عن المتَّقي المضرَّةَ بما يجعله له من المَخرَج، ويجلبُ له من المنفعة بما ييسِّره له من الرزق، والرزقُ يعُمُّ رزقَ الدنيا والآخرة. ومن هنا أن قالوا: ما افتقرَ تقيٌّ قطُّ. وإذن، إنَّ للتقوى فائدتين: أن يجعلَ الله للمتَّقي مَخرَجًا، وأن يرزقَه من حيثُ لا يحتسب. وإنما يُطلَب الخروجُ من الضِّيق والشدَّة، وهذا هو الفرَجُ والنصر والرزق، فبيَّن سبحانه أنَّ فيها النصرَ والرزق[4]. فاللهمَّ إنَّا نسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العُلا، أن تجعلَنا من المتَّقين حقَّ التقوى، وأن تفرِّجَ همومَنا وغمومَنا، وتجعلَ لنا من كلِّ ضيقٍ مَخرَجًا، يا أكرمَ الأكرمين. [1] كتبه: أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى، عضو رابطة الأدب الإسلاميِّ العالميَّة. [2] أخرجه أحمد في المسند (21591) الرسالة، 5 /178 الميمنيَّة، وابن ماجه (4220)، والدارمي (2725). وهو ضعيف الإسناد. [3] أخرجه أحمد في المسند (2234) الرسالة، 1/ 248 الميمنيَّة، وأبو داود (1518)، وابن ماجه (3819). وهو ضعيف الإسناد، صحيح المعنى. [4] انظر: مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيميَّة 16/ 52- 56.