البحث
كم مرة سأختم القرآن الكريم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن تلاوة القرآن الكريم من أجل الأعمال في شهر رمضان المبارك، ففيه أنزل الله تعالى القرآن الكريم، قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
وملازمة التلاوة في هذا الشهر الكريم سنة عظيمة من أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «كان يَعرِضُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآنَ كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرَضَ عليهِ مرَّتينِ في العامِ الذي قُبِضَ فيه، وكان يَعْتَكِفُ كلَّ عامٍ عَشرًا، فاعْتَكَفَ عِشرينَ في العامِ الذي قُبِضَ فيهِ» (البخاري)، فعلى المسلم أن لا يستسلم لضغوط الحياة، بل يكرس نفسه لهذه الفضيلة العظيمة، ويعزز من رصيد الحسنات، ويكثر من التلاوات، وورد في الحديث الشريف فضلٌ كبير في قراءة القرآن الكريم؛ فعن عبدالله بنِ مسعودٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ ولامُ حرفُ وميمٌ حرفٌ» (سنن الترمذي؛ برقم: [2910]، وصححه الألباني).
لو طالعنا سيرة السلف في ختم القرآن الكريم في شهر رمضان لأصابنا العجب والحسرة، فعن إبراهيم النخعي قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين (السير:4/51)، وكان قتادة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة (السير:5/276) وعن مجاهد أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلة (التبيان للنووي:ص/74) وقال: إسناده صحيح، وعن مجاهد قال: كان علي الأزدي يختم القرآن في رمضان كل ليلة (تهذيب الكمال:2/983)، وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة (السير:10/36)، وقال القاسم ابن الحافظ ابن عساكر: كان أبي مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن الكريم، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم (السير:20/562) [1]. وعلى المسلم أن يحرص على تدبر كلام الله العليم الحكيم، فالقرآن الكريم سبيل لأولى الألباب لاتباع الموعظة والعلم والحكمة والهداية، قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص:29].
شهر رمضان فرصة كبيرة للقرب من الله تعالى من خلال تلاوة القرآن الكريم، وتدبر آياته حق التدبر، فلنحسن الاستعداد، ولنتزود بخير الزاد، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن الكريم، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، من هُم؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ» (ابن ماجه والألباني).
والحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.