1. المقالات
  2. أعمال القلوب
  3. في محراب الصلاة

في محراب الصلاة

الكاتب : د. عبدالسميع الأنيس
تحت قسم : أعمال القلوب
1879 2017/08/04 2024/11/09


1- خطَر لي في صلاة المغرب أنَّ من جماليات الصلاة تلك الصفوف التي نقف فيها بين يدي الله سبحانه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: ((ألا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكة عند ربها؛ يُتمون الصلاة بالصفوف الأول، ويَتراصون في الصف))[1].

2- من أعظم فوائد الصلاة أن المسلم يُجدد إسلامه في كل ركعتين منها، بقوله: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فما أعظَمها من فائدة!

3- امتناع اﻹنسان عن السجود إهانة لكل ذرات الكون الساجدة لله سبحانه، وإهانة للوظيفة التي خُلِق من أجلها، وصدق الله القائل: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].

4- "‏ليست الصلاة مجرد تعبير عن موقف الإسلام من العالم، إنما هي أيضًا انعكاس للطريقة التي يريد الإسلام بها تنظيمَ هذا العالم"[2].

5- ‏الصلاة وأثرها في التربية والسلوك:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإن استطعتُم ألا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعَلوا)).

قال ابن القيم: "فالصلاة فيها مجاهدة، ‏مَن قرَّت عينه بصلاته في الدنيا، قرَّت عينه بقُربه مِن ربه في الآخرة، ومَن قرَّت عينه بالله، قرَّت عينه بكل شيء".

6- ‏عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: "إن كنتَ مُجيبَ دعوةٍ، فأَجِبْ داعيَ الله"[3].

ما أعظمَ هذه الدعوةَ! وما أجملها! وما أعظمَ هذه المواسم! وما أكرمَ هذه المناسباتِ!

7- قال الشعبي رحمه الله: "إذا فرَغت من التشهد، فادعُ لآخرتك ودنياك ما بدا لك"[4].

8- ‏من جميل اﻷقوال:

ما أجملها من علاقة! إن الصلاة تَحفظ القرآن من التفلُّت، وإن القرآن يَحفظ الصلاة من التشتُّت! قلت: اللهم اجعلنا ممن يتلذَّذ بتلاوة كتابك في اﻷسحار، وفي آناء الليل وأطراف النهار.

9- ‏صلى الإمام ابن عساكر الدمشقي الظهر، ثم قال: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، ثم قال: (وعليكم السلام)، فعلِمنا أنه حضرتْه الملائكة، ثم مات[5]!

10- ‏قال مكحول رحمه الله: "رأيتُ رجلًا يبكي في صلاته، فاتَّهمتُه بالرياء، فحُرِمت البكاءَ سنةً".

11- من جميل الشعر:

يا نائمًا والحزنُ يُوقِظُ عينَه
فكأنَّه للفاجعاتِ أسيرُ
فُكَّ القيودَ بسجْدةٍ وبدمْعةٍ
ناجِ الذي بالنازلاتِ خبيرُ

12- ‏قال ابن رجب: (احفَظ الله يَحفظْك)؛ يعني: احفظ حقوقَه، وأعظمُ ما يجب حفظُه: الصلاةُ؛ قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34][6].

13- ﴿ ‏وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64]، "قدَّم السجود على القيام، وإن كان متأخرًا في الفعل؛ لأنه أشدُّ أركان الصلاة تقربًا إلى الله، وهو نهاية الخضوع"[7].

14- يُحكى أن فأرةً رأت جملًا فأعجبَها، فجرَّت خِطامه فتَبِعها، فلما وصلت إلى باب بيتها، وقف الجمل متأملًا صِغَرَ باب بيت الفأرة مقارنةً بحجمه الكبير جدًّا، فنادى الجمل الفأرة قائلًا: إما أن تتخذي دارًا تليق بمحبوبك، أو تتخذي محبوبًا يليق بدارك!

قال ابن القيم: "بعد أن أورَد هذه القصة الرمزية: "إما أن تُصلي صلاةً تليق بمعبودك، أو تتخذ معبودًا يليق بصلاتك"[8].

15- الحضور في الصلاة ولغة الأرقام: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبد ليُصلي الصلاة، ما يُكتَب له منها إلا عُشرها، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبعها، ثُلثها، نِصفها))[9].

وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... حتى تُكتب صلاتُه تامَّة))[10].

16- أجور الصلاة والصيام ولغة اﻷرقام: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلين كانا متواخيين، فاستُشهِد أحدُهما وبقي الثاني بعد المستشهد سنةً، قال طلحة: فرأيتُ الآخر من الرجلين دخل الجنة قبل المستشهد، فحدَّثتُ الناس بذلك، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أليس هو صام بعده رمضان، وصلى بعده ستة آلاف ركعة ومائة ركعة، يعني: صلاة السنة))[11].

17- ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125].

خطر لي وأنا أقرأ هذه الآية أن الصلاة من أعظم صور إسلام الوجه لله سبحانه، أليس نقرأ في افتتاح الصلاة: "وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا".

وعليه فمَن حافَظ على صلاته - وكان محسنًا - دخل في مفهوم قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾.

18- كل صلاة نؤديها هي بمثابة ولادة جديدة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - مُكفرات ما بينهنَّ إذا اجتنَب الكبائر))[12].

19- نعم الله أكبر من كل شيء:

تكبيرات الانتقال في الصلاة رسائل تُنبه العبد المصلي للحضور بين يدي الله سبحانه، وترك أحاديث النفس التي تَشغله عن صدق المناجاة.

20- أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصلاة الضحى:

عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات، ثم تقول: "لو نُشِر لي أبواي ما تركتهنَّ"[13].

يعني: لو أُحْيِيَ أبواي بعد أن ماتا ما تركتهنَّ، وهي صيغة مبالغة في المحافظة على هذه الصلاة.

21- ‏تواضَعْتُ ذُلًّا وانخفاضًا لعزِّها *** فشرَّفَ قدْري في هواها التواضعُ

ما أجمل هذا البيت! وما أجمل أن يكون شعور المسلم هكذا وهو ساجد بين يدي الله تعالى!

وصدق رسول الله القائل: ((أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ)).

والعبد كلما خضَع لله سبحانه وذلَّ، ارتفَع.

22- قال جعفر الخلدي: رأيت الجنيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟

قال: "طاحَت تلك العبارات، وطارَت تلك الإشارات، وفنِيت تلك العلوم، ودرَست الرسوم، فما نفَعنا إلا ركعات كنا نَركَعُها في السَّحَر"[14].

23- قال ابن تيمية: "فمن لم يجد قُرة عينه وراحة قلبه في الصلاة، فهو منقوص الإيمان!"[15].

24- ‏تعظيم الصلاة في وقت العمل: "كان الإمام إبراهيم الصائغ (ت131هـ) إذا رفع المِطْرقة فسمِع النداء، ترَكها"[16].

25- سُئل أبو عمرو الزجاجي: ما بالك تتغيَّر عند التكبيرة اﻷولى في الفرائض؟

فقال: ﻷنني أخشى أن أَفتتِحَ فريضتي بخلاف الصدق، فمَن يقول: الله أكبر وفي قلبه شيء أكبرُ منه، أو قد كبَّر شيئًا سواه على مرور اﻷوقات - فقد كذَّب نفسَه على لسانه"[17].

26- ‏ سُئل الإمام أحمد بن حنبل: ‏ما معنى وضْع اليمين على الشمال في الصلاة؟

‏فقال: "ذلٌّ بين يدي عزيزٍ"[18].



[1] أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة.

[2] كتاب اﻹسلام بين الشرق والغرب؛ لعلي عزت بيجوفيتش.

[3] مصنف ابن أبي شيبة (3490).

[4] مصنف ابن أبي شيبة (3044).

[5] سير أعلام النبلاء، 189/22.

[6] جامع العلوم والحكم، ص549.

[7] البقاعي.

[8] بدائع الفوائد.

[9] أخرجه أبو داود (796)، وأحمد في مسنده، 4/ 321 (19100).

[10] رواه النسائي في السنن الكبرى (617).

[11] رواه ابن ماجه برقم (3923)، وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والبزار في مسنده (855)، واللفظ له.

[12] رواه مسلم.

[13] رواه مالك في الموطأ رقم (520).

[14] صفة الصفوة، 2 /230.

[15] الفتاوى، 541/11.

[16] تهذيب التهذيب، 173/1.

[17] الرسالة القشيرية، ص 212.

[18] طبقات الحنابلة، 1/ 81.

 

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day