1. المقالات
  2. كيف تعامل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع الناس؟
  3. مراعاة الطبيعة البشرية : حسن الاستماع

مراعاة الطبيعة البشرية : حسن الاستماع

الكاتب : فاطمة محمد عبدالمقصود العزب

 

يتحدَّث الدعاة عن فنِّ احتواء القلوب، ويضعون حُسن الاستماع إلى الآخَر أوَّلَ الخطوات إلى كسب وتأليف القلوب، وها هو سيِّد الدعاة يعلمنا في أحد المواقف كيف نستمع إلى الآخر بكل حبٍّ، حتى وإن أغلظ في القول أو بدا غير مهذَّب.

"بعثت بنو سعد بن بكر ضِمامَ بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقَله، ثم دخل المسجد ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - جالسٌ في أصحابه، وكان ضِمام رجلاً أشعرَ ذا غديرتين، فأقبل حتى وقف على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أصحابِه، فقال: أيُّكم ابن عبدالمطلب، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا ابنُ عبدالمطلب))، قال: محمَّد، قال: ((نعَم))، قال: ابنَ عبدالمطلب، إني سائلُك ومغلظ في المسألة، فلا تجدنَّ في نفسك، قال: ((لا أجد في نفسي، فسَلْ عمَّا بدا لك))، قال: أنشدُك باللهِ إلهِك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ بعثَك إلينا رسولاً؟ قال: ((اللهمَّ نعَم))، فقال: أنشدُك بالله إلهِك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن تأمرنا أن نعبده لا نشرك به شيئًا، وأن نخلع هذه الأندادَ التي كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال: ((اللهمَّ نعَم))، قال: فأنشدُك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن تصلِّي هذه الصلوات الخمس؟ قال: ((اللهمَّ نعَم))، قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضة: الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها، يناشده عند كلِّ فريضة كما ناشده في التي قبلها.
فلمَّا فرغ قال: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وسأؤدِّي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص، قال: ثم انصرف راجعًا إلى بعيره،
قال: فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين ولَّى: ((إنْ صدق ذو العَقيصتين يدخل الجنة))، قال: فأتى بعيرَه فأطلق عِقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللاَّت والعزَّى، قالوا: مَهْ يا ضِمامُ، اتق البرص والجذام، اتق الجنون، قال: ويلكم، إنهما والله ما يضرَّان ولا ينفعان؛ إن الله قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال: فوالله ما أمسى في ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا، قال: يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد قومٍ أفضلَ من ضِمام"([1]).
---------------------
[1] - الراوي:  عبدالله بن عباس، المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 1/294.

 

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day