1. المقالات
  2. مَوَاعِظُ الشيخ عَبْدالقَادِر الجيلاني
  3. دع ما يريبك

دع ما يريبك

الكاتب : صالح أحمد الشامي

دع ما يريبك

قال أبو محمد:

قال صلى الله عليه وسلم:  (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) (1).

دع ما يريبك إذا اجتمع مع ما لا يريبك، فخذ بالعزيمة التي لا يشوبها ريب ولا شك، ودع ما يريبك.

دع ما في أيدي الخلق فلا تطلبه، ولا تعلق قلبك به، ولا ترجو الخلق ولا تخافهم، وخذ من فضل الله عز وجل، وهو ما لا يريبك.

وليكن لك مسؤول واحد، ومعطٍ واحد، ومرجو واحد، ومخوف واحد، وموجود واحد، وهو ربك عز وجل، الذي نواصي الملوك بيده، وقلوب الخلق بيده، وأموال الخلق له عز وجل.  [39]

الأصنام كثيرة

قال أبو محمد:

ليس الشرك عبادة الأصنام فحسب.

بل هو متابعتك هواك.

وأن تختار مع ربك شيئاً سواه من الدنيا وما فيها والآخرة وما فيها.

فما سواه عز وجل غيره.

فإذا ركنت إلى غيره فقد أشركت به عز وجل غيره.

فاحذر ولا تركن.

وخف ولا تأمن.

وفتش، فلا تغفل فتطمئن.  [17]

الرضا بالحال

قال أبو محمد:

قال الله تعالى:

{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِۦٓ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [طه: 131] 

فهذا تأديب منه عز وجل لنبيه المختار صلى الله عليه وسلم في حفظ الحال والرضى بالعطاء. . وترك الالتفات إلى ما سواه.

لأنه لا يخلو: إما أن يكون قسمك، أو قسم غيرك، أو أنه لا قسم لأحد، بل أوجده الله فتنة.

فإن كان قسمك وصل إليك، شئت أم أبيت، فلا ينبغي أن يظهر منك سوء الأدب والشره في طلبه، فإن ذلك غير محمود في قضية العلم والعقل.

وإن كان قسم غيرك، فلا تتعب فيما لن تناله، ولا يصل إليك أبداً.

وإن كان ليس بقسم لأحد، بل هو فتنة، فكيف يرضى العاقل ويستحسن أن يطلب لنفسه فتنة، ويستجلبها لها؟[19]

الناس أربعة

قال أبو محمد:

الناس أربعة رجال:

رجل لا لسان له ولا قلب.

وهو العاصي الغرُّ، الغبي، لا يعبأ الله به ولا خير فيه. وهو وأمثاله حثالة لا وزن لهم، إلا أن يعمهم الله عز وجل برحمته، فيهدي قلوبهم للإيمان به، ويحرك جوارحهم بالطاعة له عز وجل.

فاحذر أن تكون منهم، ولا تكترث بهم. . فإنهم أهل العذاب والغضب والسخط، سكان النار وأهلها، نعوذ بالله عز وجل منهم.

إلا أن تكون من العلماء بالله عز وجل ومن معلمي الخير. . فدونك فأتهم وادعهم إلى طاعة الله عز وجل. .

الرجل الثاني رجل له لسان بلا قلب.

فينطق بالحكمة ولا يعمل بها، يدعو الناس إلى الله، وهو يفر منه عز وجل.

يستفتح عيب غيره، ويدوم هو على مثله في نفسه.

يظهر للناس تنسكاً، ويبارز الله عز وجل بالعظائم من المعاصي، إذا خلا كأنه ذئب عليه ثياب.

وهو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:

( أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ) (1)

.نعوذ بالله من هذا، فابتعد منه، وهرول لئلا يختطفك بلذيذ لسانه.

والرجل الثالث قلب بلا لسان وهو مؤمن.

ستره الله عز وجل من خلقه، وأسبل عليه كنفه، وبصره بعيوب نفسه، ونور قلبه وعرفه غوائل مخالطة الناس. .

فهذا رجل ولي الله عز وجل. . فالخير كل الخير عنده، فدونكه ومصاحبته ومخالطته.

والرجل الرابع المدعو في الملكوت بالعظيم.

كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(من تعلَّم وعلَّم كتب في ملكوت السماوات عظيماً) (1)

وهو العالم  بالله عز وجل وآياته. . اصطفاه واجتباه.

فهذه هي الغاية القصوى في بني آدم، لا منزلة فوق منزلته إلا النبوة، فعليك به، واحذر أن تعاديه. .فقد قسمت لك الناس، فانظر لنفسك، إن كنت ناظراً، واحترز لها إن كنت محترزاً. . هدانا الله وإياك لما يحبه ويرضاه. [57- 59] 

المراجع

  1. رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5727)
  2.  رواه ابن عدي في الكامل 3/ 970.
  3. كنز العمال (28850).
المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day