1. المقالات
  2. الجزء الثاني_زاد المعاد
  3. فصل في غزوة ذات السلاسل

فصل في غزوة ذات السلاسل

3717 2007/11/26 2024/10/16

 
فصل في غزوة ذات السلاسل


وهي وراء وادي القرى بضم السين الأولى وفتحها لغتان وبينها وبين المدينة عشرة أيام وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان قال ابن سعد بلغ رسول الله أن جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف المدينة فدعا رسول الله عمرو بن العاص فقعد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعهم ثلاثون فرسا وامره أن يستعين بمن مر به من بلي وعذرة وبلقين فسار الليل وكمن النهار فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بين الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث له سراة المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعا ولا يختلفا فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير فأطاعه أبو عبيدة فكان عمرو يصلي بالناس وسار حتى وطىء بلادقضاعة فدوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم ولقي في آخر ذلك جمعا فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم وذكر ابن إسحاق نزولهم على ماء لجذام يقال له السلسل قال وبذلك سميت ذات السلاسل قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن أبي عدي عن دواد عن عامر قال بعث رسول الله جيش ذات السلاسل فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب وقال لهما تطاوعا قال وكانوا أمروا أن يغيروا على بكر فانطلق عمرو وأغار على قضاعة لأن بكر أخواله قال فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال إن رسول الله استعملك علينا وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم فليس لك معه أمر فقال أبو عبيدة إن رسول الله أمرنا أن نتطاوع فأنا أطيع رسول الله وإن عصاه عمرو


فصل


وفي هذه الغزوة احتلم أمير الجيش عمرو بن العاص وكانت ليلة باردة فخاف على نفسه من الماء فتيمم وصلى بأصحابه الصبح فذكروا ذلك للنبي فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبره بالذي منعه من الاغتسال وقال إني سمعت الله يقول ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) ( النساء 29 ) فضحك رسول الله ولم يقل شيئا وقد احتج بهذه القصة من قال إن التيمم لا يرفع الحدث لأن النبي سماه جنبا بعد تيممه وأجاب من نازعهم في ذلك بثلاثة أجوبة أحدها أن الصحابة لما شكوه قالوا صلى بنا الصبح وهو جنب فسأله النبي عن ذلك وقال صليت بأصحابك وأنت جنب استفهاما واستعلاما فلما أخبره بعذره وأنه تيمم للحاجة أقره على ذلك الثاني أن الرواية اختلفت عنه فروي عنه فيها أنه غسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاه ثم صلى بهم ولم يذكر التيمم وكأن هذه الرواية أقوى من رواية التيمم قال عبد الحق وقد ذكرها وذكر رواية التيمم قبلها ثم قال وهذا أوصل من الأول لأنه عن عبد الرحمن بن جبير المصري عن أبي القيس مولى عمرو عن عمرو والأولى التي فيها التيمم من رواية عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص لم يذكر بينهما أبا قيس الثالث أن النبي أراد أن يستعلم فقه عمرو في تركه الاغتسال فقال له صليت بأصحابك وأنت جنب فلما أخبره أنه تيمم للحاجة علم فقهه فلم ينكر عليه ويدل عليه أن ما فعله عمرو من التيمم والله أعلم خشية الهلاك بالبرد كما أخبر به والصلاة بالتيمم في هذه الحال جائزة غير منكر على فاعلها فعلم أنه أراد استعلام فقهه وعلمه والله أعلم


 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day