البحث
وكان يبين لهم أهمية اقتران الغنى بالتقوى
عن عبد الله بن خبيب عن عمه قال:
كنا في مجلس، فطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسه أثر ماء.
فقلنا: يا رسول الله نراك طيب النفس.
قال: "أجل، والحمد لله". ثم خاض القوم في ذكر الغنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس بالغنى لمن اتقى الله عز وجل، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم".
فالغنى بغير تقوى هلكة، يجمعه من غير حقه، ويمنعه من حقه، ويضعه في غير حقه، فإذا كان هناك مع صاحبه تقوى ذهب البأس، وجاء الخير.
"والصحة لمن اتقى خير من الغنى" فإن صحة الجسد تعين على العبادة، فالصحة مال ممدود، والسقم عجز حاجز، والصحة مع العمر خير من الغنى مع العجز، والعاجز كالميت.
"وطيب النفس من النعيم" أي: انشراح الصدر المقتضى للشكر، والصبر المستوى عنده الغنى والفقر من جملة النعيم.
بهذا المال دنيانا تسير تدور به، وتفتتح الأمور
فحاول في مناكبها اتجارا وحصله، فأنت به جدير
وما صلح الغنى إلا بتقوى ولا محق الغنى إلا الفجور
ويعرف فضل أهل الفضل منهم رسول الله، فهو بهم بصير
يزورهم، ويأكل من قراهم ويراعاهم، ومرضاهم يزور
يذكرهم بتوصية، وبذل وثلث المال إن يبذل كثير
فإن تبذل جميع المال تندم وأنت عليه منكسر حسير
ويأمرهم إذا أعطوا بنيهم بميزان العدالة لا يجور
فظلم الأقربين أمر طعماً وظلم الناس ممقوت مرير
وأظهر نعمة الرحمن شكراً فكاتمها لنعمته كفور
وتاجر في سبيل الله تربح مع الله التجارة لا تبور
وينصحهم رسول الله نصحاً إذا هو في متاجرهم يسير
بإبداء العيوب بغير غش وفيه عليهم اشتد النكير
وإن يوصل بمعروف يكافئ كذلك يفعل البر الشكور
وليست كثرة الأموال تغني ولكن في غنى النفس السرور
وتقوى الله خير الزاد ذخراً تقودهم، ودربهم تنير