1. المقالات
  2. حماية الرسول صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد
  3. المبحث الثالث: دعوة رسول الله صالح عليه الصلاة والسلام

المبحث الثالث: دعوة رسول الله صالح عليه الصلاة والسلام

الكاتب : محمد بن عبدالله زربان

بعثه الله تعالى إلى ثمود، وكانوا بعد عاد، وكانوا يعبدون الأصنام، وكانت مساكنهم في وادي الحجر شمال الجزيرة العربية بين المدينة والشام، وهي مجاورة لمدينة العلا وتابعة لها.وقد مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيره إلى غزوة تبوك عام ثمانية من الهجرة النبوية، ونهى أصحابه أن يشربوا منها أو يستقوا، وأمرهم أن يهريقوا الماء وأن يعلفوا العجين الذي عجنوه بمائها للدواب.

عن ابن عمر رضي الله عنهما:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما نزل بالحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء"

وعنه رضي الله عنه أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود، الحجر، واستقوا من بئرها واعتجنوا به، "فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كان تردها الناقة"

وعنه رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم" ثم تقنع بردائه وهو على الرحل"

وكانت ثمود كما سبق ذكره يعبدون الأصنام كما كان أسلافهم عاد، فأرسل الله إليهم نبيه ورسوله صالحاً عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما هم عليه من عبادة غيره، وكان يذكرهم بأسلافهم عاد وكيف كانت نهايتهم، وكيف أن الله تعالى أورثهم الأرض من بعدهم، وأغدق عليهم النعم الكثيرة، ولكنهم ردوا دعوته، وأعلنوا معارضته، وتحدوه بطلب آية من الله عز وجل تدل على صدقه، وقد جاءت قصة صالح عليه السلام مع قومه في مواضع كثيرة من كتاب الله عز وجل.


وفيما يلي أهم المواقف في دعوته عليه السلام

١ - بدء دعوته عليه السلام

بدأ صالح عليه الصلاة والسلام دعوته قومه بالدعوة إلى التوحيد ونبذ ما هم عليه من الشرك وعبادة غير الله عز وجل من الأصنام وغيرهم فكان يذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم ويحذرهم وينذرهم عاقبة الذين كذبوا الرسل من قبل وما حصل لقوم عاد،

قال الله تبارك وتعالى:

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}

فقد بدأهم بالدعوة إلى التوحيد الذي انحرفوا عنه، كما دعا إليه من قبله من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.- موقف قومه من دعوته:كانت ثمود من الأمم المفرطة في اللذات من مطعم ومشرب ومسكن، وبلغوا في ذلك الترف مبلغاً أوقعهم في السرف والعصيان والتمرد على كل دعوة حق لظنهم أن ما هم فيه دائم لا يزول، فعاثوا في الأرض فساداً وسخروا من صالح عليه السلام ودعوته ومن آمن معه، وناصبوهم العداء وأعرضوا عن الصراط المستقيم الذي جاء به.

قال الله عز وجل:

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}

كما قال سبحانه:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ}

ومع تلطفه في دعوته طمعاً في هدايتهم، وتذكيره لهم بنعمة الله تعالى عليهم، ومكانته المعروفة لديهم واشتهاره بينهم بالصدق والأمانة وحسن الخلق فيهم مع ذلك كله اتهموه بالسحر، والسفه، وسخروا منه ومن دعوته، وأنهم كان لهم فيه رجاء وطمع قبل أن يظهر عليهم بهذه الدعوة الجديدة، وهذا منطق أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً من قبل صالح عليه السلام ومن بعده.

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}

{قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

واستمر عليه السلام في دعوته يلح عليهم ويخوفهم عذاب الله ولم يتبعه منهم إلا القليل المستضعفون فلما رأوا ذلك منه طلبوا منه آية، فأسل الله تعالى الناقة آية وابتلاءاً لهم وحذرهم وأخذ عليهم المواثيق، أن لا يمسوها بسوء٤، وأنذرهم أن عذابهم مرتبط بذلك وحذرهم أشد التحذير، ولكنهم خالفوه وعصوا أمره وعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم.

نهاية قوم صالح

طلب قوم صالح أن يأتيهم بآية تحدياً له وتعللا في رد دعوته، فأرسل الله تعالى لهم الناقة فتنة لهم، وبين لهم أن لها شرب يوم ولهم شرب يوم وحذرهم من المساس بها بأي نوع من أنواع السوء، وأنهم إن فعلوا ذلك فإن العذاب واقع بهم. ولكنهم خالفوا ذلك وارتكبوا ما نهاهم الله عنه وعقروا الناقة فجاءهم العذاب صيحة من السماء ورجفة من الأرض فاضت بها أرواحهم وزهقت لها نفوسهم وهلكوا جميعاً إلا صالحاً ومن آمن معه، وهكذا انتهوا إلى هذه النهاية الأليمة جزاء تكذيبهم وردهم لدعوته إلى الله تعالى، وهي نهاية كل مشرك مكذب، ولعذاب الآخرة أكبر.

قال الله جل شأنه:

{وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ}

هكذا نزل بهم ما حذرهم منه رسولهم صالح عليه السلام، فكانت نهايتهم الأليمة وعاقبتهم الوخيمة عبرة وعظة لكل معتبر متعظ، فتلك ديارهم خاوية على عروشها باقية إلى زماننا هذا. فليحذر أهل الشرك والضلال أن يحل بهم ما حل بأولئك فإن الله يمهل ولا يهمل، فإذا أخذ الظالم لم يفلته.

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}

آيات وعبر من دعوة صالح عليه السلام

البدء في دعوته بالتوحيد كما هي دعوة الرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام

- أن نعم الله عز وجل على عباده إذا لم تصرف في طاعته سبحانه وطاعة رسله فإنها تنقلب نقمة وعذاباً على أهلها.

- أن الله تعالى ناصر رسله وأتباعهم وإن كانوا قلة مستضعفين، وأن الكثرة لا قيمة لها ولا عبرة بها إذا لم تكن على الحق.

- أن طلب المعجزات والآيات إذا لم يتبعه الإيمان الصادق فإن العقوبة على ذلك تنزل عاجلة.

- أن آثار المعاصي والآثام قد تمتد إلى أزمنة بعيدة ليتعظ بها من بعدهم.

- أن آثار المعاصي والآثام قد تصل إلى الأراضي والمياه وغيرها، ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عن دخول أرضهم إلا وهم باكون، ونهاهم عن الشرب من مائها، والأكل مما عجن بذلك الماء.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day