البحث
ذكر هديه صلى الله عليه وسلم في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم
ذكر هديه صلى الله عليه وسلم في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم
ثبت في الصحيحين عنه أنه كتب إلى هرقل بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون وكتب إلى كسرى بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس فلما قرىء عليه الكتاب مزقه فبلغ ذلك رسول الله فقال مزق الله ملكه
وكتب إلى النجاشي بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة أسلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي والسلام على من اتبع الهدى وبعث بالكتاب مع عمرو بن أمية الضمرى فقال ابن إسحاق إن عمر قال له يا أصحمة إن علي القول وعليك الاستماع إنك كأنك في الرقة علينا وكأنا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاض لا يجوز وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم وقد فرق النبي رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه بخير سالف وأجر ينتظر فقال النجاشي أشهد بالله أنه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب وأن بشاره موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من الخبر ثم كتب النجاشي جواب كتاب النبي بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين والثفروق علاقة ما بين النواة والقشر وتوفي النجاشي سنة تسع وأخبر رسول الله بموته ذلك اليوم فخرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه وكبر أربعا قلت وهذا وهم والله أعلم وقد خلط راويه ولم يميز بين النجاشي الذي صلى عليه وهو الذي آمن به وأكرم أصحابه وبين النجاشي الذي كتب إليه يدعوه فهما اثنان وقد جاء ذلك مبينا في صحيح مسلم أن رسول الله كتب إلى النجاشي وليس بالذي صلى عليه
فصل
وكتب إلى المقوقس ملك مصر والإسكندرية بسم الله الرحمن الرحيم من محمد الله عبد ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) ( آل عمران 64 ) وبعث به مع حاطب بن أبي بلتعة فلما دخل عليه قال له إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى فانتقم به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك فقال إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه فقال حاطب ندعوك إلى دين الله وهو الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له اليهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوارة إلى الإنجيل وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه وأنت ممن أدركه هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فقال المقوقس إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والإخبار بالنجوى وسأنظر وأخذ كتاب النبي فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقي وكنت أظن أن يخرج بالشام وقد وأكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك ولم يزد على هذا ولم يسلم والجاريتان مارية وسيرين والبغلة دلدل بقيت إلى زمن معاوية
فصل
وكتب إلى المنذر بن ساوى فذكر الواقدي بإسناده عن عكرمة قال وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته فنسخته فإذا فيه بعث رسول الله العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي وكتب إليه كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام فكتب المنذر إلى رسول الله أما بعد يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود فأحدث إلي في ذلك أمرك فكتب إليه رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى سلام عليك فإني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإني أذكرك الله عز وجل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني ومن نصح لهم فقد نصح لي وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا وإني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية
فصل
وكتب إلى ملك عمان كتابا وبعثه مع عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما وتظهر بنوتي على ملككما وكتب أبي بن كعب وختم الكتاب قال عمرو فخرجت حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا فقلت إني رسول رسول الله إليك وإلى أخيك فقال أخي المقدم علي بالسن والملك وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ثم قال وما تدعو إليه قلت أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله قال يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة قلت مات ولم يؤمن بمحمد ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كانت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام قال فمتى تبعته قلت قريبا فسألني أين كان إسلامك قلت عند النجاشي وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال فكيف صنع قومه بملكه فقلت أقروه واتبعوه قال والأساقفه والرهبان تبعوه قلت نعم قال انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من الكذب قلت ما كذبت وما نستحله في ديننا ثم قال ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي قلت بلى قال بأي شيء علمت ذلك قلت كان النجاشي يخرج له خرجا فلما أسلم وصدق بمحمد قال لا والله لو سألني درهما واحدا ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا قال هرقل رجل رغب في دين فاختاره لنفسه ما أصنع به والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع قال انظر ما تقول يا عمرو قلت والله صدقتك قال عبد فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه قلت يأمر بطاعة الله عز وجل وينهى عن معصيته ويأمر ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى عن الظلم والعدوان وعن الزنى وعن الخمر وعن عبادة الحجر والوثن والصليب قال ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا قلت إنه أن أسلم ملكه رسول الله على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم قال إن هذا لخلق حسن
وما الصدقة فأخبرته بما فرض رسول الله من الصدقات في الأموال حتى انتهيت إلى الإبل قال يا عمرو وتؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه فقلت نعم فقال والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا وقال فمكثت ببابه أياما وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعي فقال دعوه فأرسلت فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال تكلم بحاجتك فدفعت إليه الكتاب مختوما ففض خاتمه وقرأ حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته إلا أني رأيت أخاه أرق منه قال ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت فقلت تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور بالسيف قال ومن معه قلت الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الحرجة وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال قال دعني يومي هذا وارجع إلي غدا فرجعت إلى أخيه فقال يا عمرو إني لأرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي فانصرفت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه فأوصلني إليه فقال إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي وهو لا تبلغ خيله ها هنا وإن بلغت خيله ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى قلت وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل إليه قد أجابه فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا وصدقا النبي وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا لي عونا على من خالفني
فصل
وكتب النبي إلى صاحب اليمامة هوذة بن علي وأرسل به مع سليط بن عمرو العامري بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي سلام على من اتبع الهدى واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر فأسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يديك فلما قدم عليه سليط بكتاب رسول الله مختوما أنزله وحياه واقترأ عليه الكتاب فرد ردا دون رد وكتب إلى النبي ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله والعرب تهاب مكاني فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك كله على النبي فأخبره وقرأ النبي كتابه فقال لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت باد وباد ما في يديه فلما انصرف رسول الله من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال النبي أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي فقال قائل يا رسول الله من يقتله فقال له رسول الله أنت وأصحابك فكان كذلك وذكر الواقدي أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبي فقال جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام فلم أجبه قال الأركون لم لا تجيبه قال صننت بديني وأنا ملك قومي وإن تبعته لم أملك قال بلى والله لئن تبعته ليملكنك فإن الخيرة لك في اتباعه وإنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى بن مريم وإنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله