1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وترك النبى ﷺ قتلهم لأجل مصالح كثيرة فى الإسلام:

وترك النبى ﷺ قتلهم لأجل مصالح كثيرة فى الإسلام:

الكاتب : محمد صالح المنجد
84 2024/07/17 2024/07/20
المقال مترجم الى : English

فرسول الله ﷺ لم يقتل أحداً من المنافقين ممن يخالط المجتمع تحصيلاً لمصالح الدعوة ، ومنها : سد ذرائع النفور فى الدعوة الإسلام. ويدل على ذلك 

حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال:

كنا فى غزاة (1) ، فكسع (2) رجل من اللمهاجرين رجلاً من الأنصار. فقال الأنصارى : ياللأنصار. وقال المهاجرى : ياللمهاجرين. (3) فسمع ذلك رسول الله ﷺ ، فقال: "مت بال دعوى الجاهلية؟ " . قالوا : يارسول الله ، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الانصار . فقال : " دعوها فإنها منتنة ". فسمع بذلك عبد الله بن أبى فقال : فعولها !!، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الأذل(4) ! فبلغ النبىﷺ . فقام عمر فقال : يارسول الله دعنى أضرب عنق هذا المنافق . فقال النبى ﷺ : " دعه ، لايتحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه " (5) .

زاد ابن إسحاق : فقال :

لا، ولكن أذن بالرحيل ، فراح فى ساعة ما كان يرحل فيها (6). فلقيه أسيد بن حضير فسألة عن ذلك فأخبره ، فقال : فأنت يارسول الله الأعز وهو الأذل " . وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبى ما كان من أمر أبيه ، فأتى النبى ﷺ فقال : بلغنى أنك تريد قتل أبى فيما بلغك عنه ، فإن كنت فاعلاً ، فمرنى به فأنا أحمل إليك رأسه . فقال : " بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقى معنا " (7) .

وفى رواية :

فقال له ابنه عبد الله : والله لا تنقلب إلى المدينة حتى تقر أنك الذليل ورسول الله ﷺ العزيز ، ففعل ( 8) . أى فأقر عبد الله بن أبى بأنه الذليل ورسول الله ﷺ العزيز.

 قال النووى رحمه الله : فيه : ما كان عليه ﷺ من الحلم.  وفيه : ترك بعض الأمور المختارة ، والصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه . 

 وكان ﷺ يتألف الناس ، ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين ، وغيرهم ، لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة، ويرغب غيرهم فى الإسلام، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك . ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ، ولإظهارهم الإسلام ، وقد أمر بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، ولأنهم كانو معدودين فى أصحابه ﷺ ، ويجاهدون معه إما حميه، وإما لطلب دنيا، أو عصبيه لمن معه من عشائرهم" (9) .  

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" الثالث - أى : من الشواهد على قاعدة سد الذرائع : أن النبى ﷺ كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحه ، لئلا يكون ذريعة إلى قول الناس أن محمداً ﷺ يقتل أصحابه، لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه، وممن لم يدخل فيه، وهذا النفور حرام " (10 ) . 

المراجع

  1. هى غزوة بنى المضطلق .
  2.  الكسع : ضرب الدبر باليد أو بالرجل. 
  3.  بالرغم أن اللفظ المستخدم لفظ إسلامى : " المهاجرون والأنصار " ، لكن لما استخدم استخداماً خاطئاً أنكر النبى ﷺ ذلك .
  4.  فى رواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلاً : فانكفاً كل منافق إلى عبد الله بن أبى فقالوا: كنت ترجى وتدفع، فصرت لا تصر ولا تنفع، فقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وسندها مرسل = = جيد ، كما قال إبن حجر فى الفتح [ ٦٤٩/٨]. وفى رواية ابن إسحاق : فقال عبد الله بن أبى : أقد فعلوها؟ نافرونا، وكاثرونا فى بلادنا، والله مامثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك. السيرة النبوية [٣٥٩/٤ ] لابن هشام. يقصد اننا آويناهم وأطعمناهم، فلما شبعوا وعز وا كاثرونا ، ونافسونا.
  5.  رواه البخارى [ ٣٥١٨ ] واللفظ له، ومسلم [ ٢٥٨٤].
  6.  والحكمة ظاهرة من أمره ﷺ بالرحيل فى وقت غير معتاد، وهى: أن تراك مثل هذا الخبر ينتشر فى الجيش يسبب بلبلة فى الأفكار ، ويثير القيل والقال مما يصرف أذهان الجند إلى مهارات كلامية، لا تحمد عقباها. فكانت مسيرة الجيش المتصلة ليلاً ونهاراً مما أجهدهم، حتى وقعوا نياماً ، فمسح النوم العميق بعد النصب الشديد آثار الفتنة. مرويات غزوة بنى المصطلق [١٩٠/١]. 
  7.  السيرة النبوية [ ٢٩١/٢] لابن هشام. 
  8.  رواه الترمذى [١٥٨٢]، وصححه الألبانى فى صحيح الترمذى [٢٣١٥]. 
  9.  شرح النووى على صحيح مسلم [١٣٩/١٦].
  10.  إقامة الدليل على إبطال التحليل [٤٧١/٣].




المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day