البحث
فكان النبى ﷺ يذكر صفاتهم ، ليعلمهم الناس ، ويحذروا منهم
فمن صفات المنافقين التكاسل عن صلاة الفجر والعشاء :
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :
قال النبى ﷺ : " ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبواً "
(1).
قال بن رجب : " وإنما ثقلت هاتان الصلاتان فى المساجد على المنافقين أكثر من غيرهما من الصلوات ،
لأن المنافين كما وصفهم الله فى القرآن :
وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلٗا ،
[ النساء : 142 ] .
والمرائى إنما ينشط للعمل إذا رآه الناس ، فإذا لم يشاهدوه ثقل عليه العمل . وقد كان النبى ﷺ يصلى هاتين الصلاتين فى الظلام ، فإنه كان يغلس بالفجر غالباً ، ويؤخر العشاء الآخرة ، ولم يكن فى مسجده حينئذ مصباح ، فلم يكن يحضر معه هاتين الصلاتين إلا مؤمن يحتسب الاجر فى شهودهما ن فكان المنافقون يتخلفون عنهما ، ويظنون أن ذلك يخفى على النبى ﷺ " (2).
ومن صفاتهم : تأخير الصلاة إلى آخر وقتها :
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :
سمعت رسول الله ﷺ يقول : " تلك الصلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان قام فنقرها أربعاً ، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً "
(3).
" بين قرنى الشيطان " قيل : هو على حقيقته وظاهر لفظه ، والمراد أنه يجاذيها بقرنيه عند غروبها ، وكذا عند طلوعها ، لأن الكفار يسجدون لها حينئذ ، فيقارنها ، ليكون الساجدون لها فى صورة الساجدين له ، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له .
وقيل: هو على المجاز ، والمراد بقرنه وقرنيه : علوه وأرتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبته واعوانه ، ومعناه ان تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه . والصحيح الأول (4).
ومنها : الكذب وخلف الوعد والخيانة :
عن أبى هريرة رصى الله عنه
عن النبى ﷺ أنه قال :" آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان "
(5).
وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه
عن النبى ﷺ قال : "أربع من كن فيه كان منافقاً ، أو كانت فيه خصله من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ،وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر
(6) "(7).
ومنها : أنه لا يجتمع فى أحدهم حسن سمت ولا فقه دين :
عن أبى هريرة رضى الله عنه
عن النبى ﷺ أنه قال :" خصلتان لا يجتمعان فى منافق : حسن سمت ، ولا فقه فى الدين "
(8).
"حسن سمت " أى : تحرى طرق الخير ، والتزيي بزى الصالحين ، مع التنزه عن المعائب الظاهرة ، والباطنة .
" ولا فقه فى الدين " حقيقة الفقه فى الدين ماأورث الخشية والتقوى ، أما الذى يتدراس أبواباً منه ليتعزر به ويتأكل به فإنه بمعزل عن الرتيه العظمى، لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه (9).
ومن صفاتهم : التذبذب والتبعية المذمومة:
عن ابن عمر رضى الله عنه
عن النبى ﷺ قال: " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، إلى هذا مرة "
(10).
قال السندى : " " العائرة "أى : المترددة بين قطيعين من الغنم، وهى التى تطلب الفحل فتتردد بين قطعيعين ، ولا تستقر مع إحداهما ، والمنافق مع المؤمنين بظاهرة ، ومع المشركين بباطنه تبعاً لهواه وعرضه الفاسد ، فصار بمنزلة تلك الشاه ، وفيه سلب الرجوليه عن المنافقين "(11).
وصفات المنافقين الذميمة كثيرة ، وسورة التوبة مليئة بفضائحهم وصفاتهم التى كشفها الله للمؤمنين ، للحذر منهم ، ومنها .
المراجع
- رواه البخارى [ ٦٥٧ ] ومسلم [ ٦٥١].
- فتح البارى لابن رجب [٢٣/٥].
- رواه مسلم [٦٢٢ ].
- شرح النووى على صحيح مسلم [١٢٤/٥ ].
- رواه البخارى [ ٣٣ ]،ومسلم [ ٥٩ ].
- أى : مال عن الحق ، وقال الباطل والكذب . قال أهل اللغة : وأصل الفجور الميل عن القصد . شرح النووى على صحيح مسلم [٤٨/٢ ].
- رواه البخارى [ ٢٤٥٩ ] واللفظ له ، ومسلم [٥٨ ].
- رواه الترمذى [ ٢٦٨٤ ] وصححه الالبانى فى صجيج الجامع [٣٢٢٩ ].
- تحفه الأحوذى [٣٧٨/٧ ].
- رواه مسلم [٢٧٨٤ ] .
- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح [١٣٠/١ ].