البحث
فصل في قضائه في الصداق بما قل وكثر
فصل في قضائه في الصداق بما قل وكثر وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج من
ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها كان صداق النبي لأزواجه ثنتي عشرة ونشا فذلك خمسمائة
وقال عمر رضي الله عنه ما علمت رسول الله نكح شيئا من نسائه ولا أنكح شيئا من على أكثر من ثنتي عشرة أوقية قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى
والأوقية أربعون درهما
وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي قال لرجل تزوج ولو بخاتم من حديد
وفي سنن أبي داود من حديث جابر أن النبي قال من أعطى في صداق ملء كفيه سويقا أو فقد استحل ..وفي الترمذي أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله رضيت من ومالك بنعلين قالت نعم فأجازه قال الترمذي حديث حسن صحيح
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي إن أعظم النكاح أيسره مؤونة ..وفي الصحيحين أن امرأة جاءت إلى النبي فقالت يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك طويلا فقال رجل يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال رسول الله عندك من شيء تصدقها إياه قال ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله إنك إن إزارك جلست ولا إزار لك شيئا قال لا أجد شيئا قال فالتمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا رسول الله هل معك شيء من القرآن قال نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها رسول الله قد زوجتكها بما معك من القرآن ..وفي النسائي أن أبا طلحة خطب أم سليم فقالت والله يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك كافر وأنا امرأة مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذاك مهري وما أسألك فأسلم فكان ذلك مهرها قال ثابت فما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم فدخل بها فولدت له ..فتضمن هذا الحديث أن الصداق لا يتقدر أقله وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين تسميتها مهرا وتحل بها الزوجة ..وتضمن أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره وتضمن أن المرأة إذا رضيت بعلم الزوج وحفظه للقرآن أو بعضه من مهرها جاز ذلك وكان يحصل لها من انتفاعها بالقرآن والعلم هو صداقها كما إذا جعل السيد عتقها صداقها انتفاعها بحريتها وملكها لرقبتها هو صداقها وهذا هو الذي اختارته أم سليم من بإسلام أبي طلحة وبذلها نفسها له إن أسلم وهذا أحب إليها من المال الذي الزوج فإن الصداق شرع في الأصل حقا للمرأة تنتفع به رضيت بالعلم والدين وإسلام الزوج وقراءته للقرآن كان هذا من أفضل المهور وأجلها فما خلا العقد عن مهر وأين الحكم بتقدير المهر بثلاثة دراهم أو من النص والقياس إلى الحكم بصحة كون المهر ما ذكرنا نصا وقياسا وليس هذا بين هذه المرأة وبين الموهوبة التي وهبت نفسها للنبي وهي خالصة له من دون فإن تلك وهبت نفسها هبة مجردة عن ولي وصداق بخلاف ما نحن فيه فإنه نكاح وصداق وإن كان غير مالي فإن المرأة جعلته عوضا عن المال لما يرجع إليها من ولم تهب نفسها للزوج هبة مجردة كهبة شيء من مالها بخلاف الموهوبة التي خص بها رسوله هذا مقتضى هذه الأحاديث
وقد خالف في بعضه من قال لا يكون الصداق إلا مالا ولا تكون منافع أخرى ولا علمه تعليمه صداقا كقول أبي حنيفة وأحمد في رواية عنه ومن قال لا يكون أقل من ثلاثة كمالك وعشرة دراهم كأبي حنيفة وفيه أقوال أخر شاذة لا دليل عليها من كتاب سنة ولا إجماع ولا قياس ولا قول صاحب ومن ادعى في هذه الأحاديث التي ذكرناها اختصاصها بالنبي أو أنها منسوخة أو أن أهل المدينة على خلافها فدعوى لا يقوم عليها دليل والأصل يردها وقد زوج سيد المدينة من التابعين سعيد بن المسيب ابنته على درهمين ولم ينكر عليه أحد بل عد في مناقبه وفضائله وقد تزوج عبدالرحمن بن عوف على صداق خمسة دراهم وأقره النبي ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشرع