البحث
معجزات نبينا أظهر من معجزات الرسل
معجزات نبينا أظهر من معجزات الرسل
ومعجزات نبينا صلى الله عليه وسلم أظهر من سائر معجزات الرسل بوجهين:
أحدهما : كثرتها، وأنه لم يؤت نبي معجزةً إلا وعند نبينا مثلها، أو ما هو أبلغ منها، وقد نبه الناس على ذلك، وأما كونها كثيرة فهذا القرآن، وكله معجز، وأقل ما يقع الإعجاز فيه عند بعض أئمة المحققين سورة : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، أو آية في قدرها، وذهب بعضهم إلى أن كل آية منه كيف كانت معجزة، وزاد آخرون أن كل جملة منتظمة منه معجزة.
ثم إعجازه ـ كما تقدم ـ بوجهين : طريق بلاغته، و طريق نظمه، فصار في كل جزء من هذا العدد معجزتان ، فتضاعف العدد من هذا الوجه.
ثم فيه وجوه إعجاز أخر من الإخبار بعلوم الغيب، فقد يكون في السورة الواحدة من هذه التجزئة الخبر عن أشياء من الغيب، كل خبر منها بنفسه معجز، فتضاعف العدد كرة أخرى.
ثم وجوه الإعجاز الأخر التي ذكرناها توجب التضعيف، هذا في حق القرآن وحده، فلا يكاد يأخذ العد معجزاته، ولا يحوي الحصر براهينه.
ثم الأحاديث الواردة، والأخبار الصادرة عنه صلى الله عليه وسلم في هذه الأبواب وعما دل على أمره مما أشرنا إلى جمله يبلغ نحواً من هذا.
الوجه الثاني : وضوح معجزاته صلى الله عليه وسلم، فإن معجزات الرسل كانت بقدر همم أهل زمانهم، وبحسب الفن الذي سما فيه قرنه، أما معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة القرآن الكريم فهي متجددة ومناسبة لأهل كل زمان ومكان، فالقرآن الكريم كما ذكرنا لا تنقضى عجائبه، فإن كانت معجزات الرسل قد انقرضت بانقراضهم، وعُدمت بعدم ذواتها، فإن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم لا تبيد ولا تنقطع، وآياته تتجدد ولا تضمحل، ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث أبي هريرة الذي ذكرناه في أول الفصل: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو أني أكثرهم تابعاً يوم القيامة).