البحث
المستشرق:فنسنك ، أرنت _ محمد صلى الله عليه وسلم اعتمد على اليهود في مكّة
محمد صلى الله عليه وسلم اعتمد على اليهود في مكّة
الرد
قول فنسنك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان قد اعتمد على اليهود في مكّة، فهذا ما لم يقله ولم ينقله لنا أيّ مؤرخ، سواء كان من المسلمين أم من غيرهم. بل الذي ورد هو العكس، حيث أن اليهود كانوا أوّل وأشدّ من نصب العداء ومارس تأليب مشركي قريش والتآمر على رسول الله(ص) ودعوته الاسلامية، حتى نزل في ذلك قرآن قال فيه الله تعالى: (لَتَجدنَّ أشدَّ الناسِ عداوةً للذينَ آمَنُوا اليهودَ والّذينَ أشركوا ولتجدنَّ أقربَهُم مودةً للذينَ آمَنوا الذين قالوا إنّا نصارى)
أمّا قوله: "وبذلك استطاع ان يخلص من يهوديّة عصره ليصل حبله بيهودية ابراهيم" ففيه:
أولاً: ان اليهودية المدعاة التي كانت على عصر الرسول صلى الله عليه وسلمهي انحراف عن الدين الحق الذي بعث الله تعالى به انبياء بني اسرائيل وعلى رأسهم موسى صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك قال الله تعالى في محكم قرآنه الكريم: (مِنَ الذينَ هادُوا يُحرّفونَ الكَلِمَ عن مواضِعِهِ...)، وقوله تعالى ايضاً: (أفَتَطمَعونَ أن يُؤمِنُوا لكُم وقد كانَ فريقٌ منهُم يَسمَعونَ كلامَ اللهِ ثُم يحرّفُونَهُ من بعدِ ما عَقَلوهُ وَهُم يَعلَمونَ).
ثانياً: ان الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن بحاجة لأن يصل حبله باليهودية المدعاة، لأن الأصل في الاديان هو الاسلام، وقد توالى بعث الرسل والانبياء من الله تعالى للتبشير به وردّ التحريف عنه والدعوة له قبل خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، أمّا النصرانية واليهودية المدعَيتان فما هي إلاّ انحراف عن الاصل الاسلامي، وبدعة أملتها عليهم أهواؤهم ودنياهم، وفي ذلك قول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَإذ أخَذَ اللهُ ميثاقَ الّذينَ أوتُوا الكِتابَ لَتُبيِّنُنَّهُ للنّاسِ ولا تَكتُمُونَهُ فَنَبَذوهُ وراءَ ظُهُورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يَشتَرون). وهذه هي العقيدة التي دعا لها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذكرها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: (شَرَعَ لَكُم مِنَ الدّينِ ما وصّى بهِ نُوحاً والّذي أوحينا إليكَ وما وَصّينا بهِ إبراهيمَ وموسى وعيسى أن أقيموا الّدينَ ولا تَتَفرقوا فيه كَبُرَ على المشركينَ ما تَدعُوهُم إليه اللهُ يجتبي إليهِ من يشاءُ ويهدي إليه من يُنيبُ* وما تَفَرَّقُوا إلاّ مِن بعدِ ما جاءهُم العلمُ بغياً بينهُم ولولا كلمةٌ سَبَقَت من ربِّكَ إلى أجلٍ مُسمّىً لقُضيَ بينهم وإنَّ الذين أُورِثوا الكتابَ مِن بعدِهِم لفي شكٍ مريبٍ* فَلِذلكَ فادعُ واستقِم كَما اُمرتَ ولا تَتَّبع أهواءَهُم وقُل آمَنتُ بما أنزلَ اللهُ من كتابٍ وأُمرتُ لأَعدلَ بينكُم اللهُ ربُّبنا ورَبُّكم لنا أعمالُنا ولكُم أعمالُكُم لا حُجَّةَ بيننا وبينكُم اللهُ يجمعُ بينَنا وإليهِ المصيرُ).
ثالثاً: ان نبي الله ابراهيم صلى الله عليه وسلم لم يكن يهودياً، لما قلنا من ان الأصل في الاديان المبشّر بها هو الاسلام، وكيف يكو ابراهيم صلى الله عليه وسلم يهودياً أو نصرانياً حسب دعواهم وقد نزلت التوراة والانجيل من بعده بزمن مديد؟ وهو قول الله تعالى في قرآنه الكريم: (يا أهلَ الكِتابِ لِم تُحاجُّونَ في إبراهيمَ وما أُنزلت التّوراةُ والإنجيلُ إلاّ من بعدهِ أفَلا تَعقلونَ* ها أنتُم هؤلاءِ حاججتُم فيما لَكُم بهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحاجُّونَ فيما لَيسَ لَكُم بهِ علمٌ واللهُ يعلمُ وأنتُم لا تَعلَمونَ).
ثم ينفي الله عزّو جلّ اليهودية والنصرانية المدعيتين عن ابراهيمصلى الله عليه وسلم ويثبت كونه حنيفاً مسلماً لا غير، وذلك قوله عزّ من قائل في الكتاب الكريم: (ما كانَ إبراهيمُ يهوديّاً ولا نصرانيّاً ولكن كانَ حنيفاً مُسلِماً وما كانَ مِنَ المُشرِكين).
إذن فلو كانت هناك وصلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بابراهيمصلى الله عليه وسلم فهي وصلة الاسلام، ذلك الدين الحق الذي قال فيه الله تعالى في قرآنه المجيد: (هُوَ الّذي أرسلَ رَسُولَهُ بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظهرهُ على الدينِ كُلّهِ ولو كَرهَ المُشرِكونَ).
ويستمر "فنسنك" في إبرام شبهته هذه فيقول تحت المادة نفسها: "واشتقاق كلمة (صلوطا) الآرامية واضح كل الوضوح، فالأصل "صلأ" في الآرامية يعني الانحناء والانثناء والقيام ... وتستعمل في كثير من اللهجات الآرامية للدلالة على الصلاة الشرعية ... وقد نقل محمد صلى الله عليه وسلم كلمة الصلاة بهذه المعنى من جيرانه.
ويكشف نظام الصلاة عند المسلمين عن تشابه كبير بصلاة اليهود والمسيحيين ... ومن البيّن أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم تكن بين يديه أول الأمر المادة الوافية لهذه الشعيرة؛ ولقد كانت تعوزه النصوص التي يتلوها ويرتّلها اليهود والمسيحيون في صلاتهم".
ويستمر "فنسنك" تحت المادة نفسها قائلاً: "ومن ثمّ فنحن نجد فجأةً الصلاة الوسطى تظهر في السور المدنية وهي البقرة، الآية 237. ولابد إذن أن تكون هذه الصلاة قد أُضيفت في المدينة إلى الصلاتين المعتادتين، ويرجّح أن يكون ذلك قد تمّ محاكاة لليهود الذين كانوا يقيمون أيضاً صلاتهم (ثقلاه) ثلاث مرات كل يوم".
ويقول أيضاً: إن "جولد صيهر "gold ziher" وفي معرض ردّه على "هوتسما" في كيفية تقرير الصلوات الخمس يرى عكس ما يراه الأخير ويذهب إلى القول بوجود اثر فارسي في تقرير الصلوات الخمس.
وعن عدد الركعات في الصلوات الخمس يقول "فنسنك" تحت مادة "الصلاة": "... إن الحديث [النبوي] يقول أيضاً إن الصلاة كانت في الأصل من ركعتين وإن هذا العدد نفسه عمل به في صلاة السفر ... ويفترض "متفوخ" وجود التأثير اليهودي في الاختيار الأصلي للركعتين".
أقوال "فنسنك" المتعددة تحت مادة "الصلاة" يرد عليها جميعاً ما أوردناه على "هيك" تحت مادة "سحر" فقد أشرنا هناك أن من الطبيعي وجود مشتركات بين أديان نبعت من مصدر واحد، ونضيف إليه:
1–قوله: "ويبدو أن كلمة صلاة لم تظهر في الآثار الأدبية السابقة على القرآن..." فيرد عليه ما أوردناه على "ر. باريه" تحت مادة "أمة" من أن مجرد وجود شبه لفظي في حرف أو حرفين من كلمة عربية مع كلمة من لغة أخرى لا يمكن أن تعد دليلاً ناهضاً على الأخذ والاستقاء إذ بهذه الطريق سوف نهدم الكثير من صيغ الوضع اللفظي للغات، إلاّ إذا ساق المدّعي دليلاً أو قرينة معتبرة على مدّعاه. مع تأكيدنا على بطلان ما ادعاه، فإن كلمة صلاة وردت في الشعر العربي الجاهلي قبل نزول القرآن الكريم، كما في قول أعشى قيس:
يراوح في صلواته لمليك طوراً سجوداً وطوراً جوار
ومعنى الصلاة لغة الدعاء والاستغفار؛ فقد قال الأعشى أيضاً:
لها حارس لا يبرح الدهر بيتها فإن ذبحت صلى عليها وزمزما
أي دعا لها، وقال أيضاً:
وقابلها الريح في دنّها وصلى على دنّها وارتسم
أي دعا لها أن لا تحمض ولا تفسدَ. والصلاة من الله تعالى: الرحمة، قال عدي بن الرقاع:
صلّى الإله على امرئ ودّعتهُ وأتمّ نعمته عليه وزادها
وقال:
صلّى على عزّة الرحمن وابنتها ليلى، وصلّى على جاراتها الأُخر
وأصل الاشتقاق في الصلاة من اللزوم من قوله: تصلى ناراً حامية، والمصدر الصلا، ومنه اصطلى بالنار إذا لزمها، والمصلِّي الذي يجيء في أثر السابق للزوم أثره، ويقال للعظم الذي في العجز صلاً، وهما صلوان.
أمّا في اصطلاح الشريعة الإسلامية فهي عبارة عن العبادة الخاصة التي شرعها الإسلام والمشتملة على الركوع والسجود على وجه مخصوص وأركان وأذكار مخصوصة.
وقيل أنها سمّيت صلاة لأن المصلي متعرّض لاستنجاح طلبته من ثواب الله ونعمه مع ما يسأل ربه فيها من حاجاته.
2–قوله: إن نظام الصلاة عند المسلمين يشابه بدرجةٍ كبيرة صلاة اليهود والمسيحيين... وإن الصلاة الوسطى ظهرت فجأة في سورة البقرة المدنية، وإنها أُضيفت إلى الصلاتين المعتادتين فأصبحت ثلاثة، ثم يفرع عليها رجحان أن ذلك قد تمَّ محاكاة لصلاة اليهود (ثقلاه) التي تقام ثلاث مرات كل يوم.
يرد عليها أن التشابه يكون مرة بعدد الصلوات، وأخرى بشكلية الصلاة من قيام وركوع وسجود وأمثالها، وثالثة بمضامين الصلاة من قراءات وأذكار، أما الجانب الأوّل فإن الصلاة التي شرعها الإسلام هي خمس صلوات وليس ثلاث صلوات كما لدى اليهود حسب قول "فنسنك" نفسه، وليست سبعاً كما لدى المسيحيين وهي "صلاة" البكور وصلاة الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة والحادية عشرة والثانية عشرة ثم صلاة منتصف الليل". والصلوات الإسلامية الخمسة هذه محددة أوقاتها بموجب آيتين قرآنيتين نزلتا على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مكة المكرمة وليس في المدينة المنوّرة، وهما في سورة الإسراء في قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً)، وفي سورة هود في قوله تعالى: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفاً من الليل...).
وفي بيان دلالة هاتين الآيتين، روي عن زرارة مسنداً قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام عمّا فرض الله عزّ وجل من الصلاة، فقال: خمس صلوات في الليل والنهار، فقلت: هل سمّاهنّ الله وبيّنهن في كتابه؟ قال: نعم، قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) ودلوكها زوالها، وفيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات، سماهنّ الله وبيّنهنّ ووقّتهنّ، وغسق الليل هو انتصافه، ثم قال تبارك وتعالى: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) فهذه الخامسة، وقال تبارك وتعالى في ذلك: (أقم الصلاة طرفي النهار) وطرفاه: المغرب والغداة (وزلفاً من الليل) وهي صلاة العشاء الآخرة...".
وفي تفسير الآية الأولى قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة: "دلوكها زوالها، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام... وقال الجبائي: غسق الليل ظلمته، وهو وقت العشاء... وقال الحسن: "لدلوك الشمس" لزوالها: صلاة الظهر، وصلاة العصر إلى "غسق الليل" صلاة المغرب والعشاء الآخرة، كأنه يقول من ذلك الوقت إلى هذا الوقت على ما يبين لك من حال الصلوات الأربع، ثم صلاة الفجر، فأفردت بالذكر".
أمّا الصلاة الوسطى الواردة في سورة البقرة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فقد جاء في معنى الآية: الحث على مراعاة الصلوات، ومواقيتهن، وألاّ يقع فيها تضييع وتفريط.
وجاء في روايات متعددة أن الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر، منها ما روي مسنداً عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال: "وقال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) وهي صلاة الظهر".
وعليه فلا يضر أن تكون هذه الآية مدنية لأنها لم تكن بصدد أصل تشريع الصلوات الخمس، بل جاءت للحث على مراعاة الصلوات ومواقيتهن وخصوصاً الصلاة الوسطى منهن والتي سبق تشريعها في الآيات المكية السالفة الذكر، وبهذا تبطل دعوى فنسنك" بأنها أُضيفت في المدينة إلى الصلاتين المعتادتين، ويبطل أيضاً قوله بأنها ثلاث صلوات أو ثلاث مرات والتي يفرع عليها دعوى محاكاتها لصلاة اليهود "ثقلاه"، كما يبطل مشابهتها لصلوات المسيحيين من هذه الناحية لثبوت أن الصلوات المشرعة هي خمس وليست ثلاثاً كما عند اليهود، وليست سبعاً كما لدى المسيحيين كما أسلفنا.
أمّا الجانبان الثاني والثالث من التشابه المدّعى ففيه أنه ورد "أن الأصل في جميع صلوات المسيحيين إنما هو الصلاة الربانية التي علّمها السيد المسيح، والأصل في تلاوتها أن يتلوها المصلي ساجداً. وقد تكون الصلاة لفظية، بأن تتلى بألفاظ منقولة أو مرتجلة، وتكون عقلية بأن تنوى الألفاظ ويكون الابتهال قلبياً محضاً".
ثم يحكي لنا مصدر آخر كيفية تطوّر صلواتهم قائلاً: "نشر [الرهبان] الفرنسسكان عادة (طريق الصليب) أو (مواضعه) وهي التي تقضي بأن يتلو المتعبّد صلوات أمام صورة أو لوحة من لوحات أو صور أربع عشرة تمّثل كل منها مرحلة من مراحل آلام المسيح؛ فكان القساوسة والرهبان والراهبات وبعض العلمانيين ينشدون أو يتلون أدعية الساعات القانونية وهي: أدعية، وقراءات، ومزامير، وترانيم صاغها البندكتيون وغيرهم وجمعها "ألكوين alcuin" و(جريجوري السابع) في كتاب موجز.
وكانت هذه الأدعية تطرق أبوابها السماء... كل يوم وليلة في فترات، بين كل واحدة والتي تليها ثلاث ساعات".
وعن مضامينها يقول المصدر نفسه: "وأقدم الصلوات المسيحية هما: الصلاة التي مطلعها "أبانا الذي في السماوات" والتي مطلعها "نؤمن بإلهٍ واحد"، وقبل أن ينتهي القرن الثاني عشر بدأت الصلاة التي مطلعها: "السلام لك يا مريم" تتخذ صيغتها المعروفة. وكانت هناك غير الصلوات أوراد شعرية من الثناء والتضرع،... وكثيراً ما كانت الصلوات الرسمية التي تُنلى في الكنائس توجَّه إلى الله الأب، وكان عدد قليل منها يوجّه إلى الروح القدس؛ ولكن صلوات الشعب كانت توجّه في الأغلب إلى عيسى ومريم، والقديسين".
أمّا صلاة اليهود فقد ورد عنها القول: "أما اليهود فليس في التوراة ما يدل دلالةً صريحة على كيفية إقامة الصلاة عندهم، والظاهر أنهم إنما كانوا يتلونها وقوفاً إلاّ في الاحتفالات الكبرى، حيث كانوا يسجدون، وكان لها ثلاثة أوقات قانونية: الصبح والظهر والمساء".
أما الصلوات في الإسلام فقد ذكر الفقهاء كيفيتها استناداً على الأدلّة الشرعيّة من القرآن الكريم والسنة الشريفة فقالوا: "... فهي تتكون من ركعات، والحد الأقصى من الركعات في الصلاة أربعة، كصلاة العشاء مثلاً، والحد الأدنى من الركعات في الصلوات الواجبة ركعتان كصلاة الصبح، وفي الصلوات المندوبة ركعة واحدة وهي ركعة الوتر.
وعلى العموم فالركعات هي: الوحدات والأجزاء الأساسية التي تتكون منها الصلاة، ويستثنى من ذلك الصلاة على الأموات، فإنها مكوّنة من تكبيرات لا من ركعات، وليست هي صلاة إلاّ بالاسم فقط".
وهناك شروط يجب توافرها في كل صلاة وهي على قسمين: أحدهما شروط للمصلي، والآخر شروط لنفس الصلاة، وأهمها أن يكون المصلي على وضوء وطهارة وأن يكون بدنه طاهراً وكذلك ثيابه وأن يستقبل القبلة (وهي الكعبة المشرفة) وأن يقصد بالصلاة القربة إلى الله تعالى.
وقد وردت روايات كثيرة عن الكيفية وعن مضامينها وأجزائها وشروطها، ذكرتها كتب الحديث في باب الصلاة.
بعد هذا الاستعراض نرى بالمقارنة بين الصلوات لدى اليهود ولدى المسيحيين وبين الصلوات في الإسلام وجود اختلافٍ أساسي بينها في العدد وفي الأوقات وفي شكلياتها ومضامينها. فمن أين استنتج "فنسنك" التشابه الكبير بينها ومحاكاة بعضها لبعض وأمثال ذلك في المقولات والدعوات الجزافية التي لا دليل ولا شاهد عليها؟ هذا مع العلم أننا نلحظ من خلال سوقنا لما نقل عن صلاة اليهود وصلوات المسيحيين أن يد التغيير البشرية قد طالت الأصل وأحدثت فيه الشيء الكبير، إذ نجد أن مفرداتها ـ وخصوصاً صلوات المسيحيين ـ غدت مشبّعة بمبدأ التثليث الذي هو من مقولات الشرك بالله سبحانه وتعالى، بخلاف مبدأ التوحيد والإخلاص لله وحده لا شريك له في العبادات الإسلامية الذي تعبر عنه جميع مفرداتها وخصوصاً الصلاة منها التي يشترط فيها كما أسلفنا نيّة التقرّب لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وهذا ما يؤكد حقيقة التحريف في الديانتين اليهودية والمسيحية وفي كتابيهما التوراة والإنجيل، والتي لا نعدم وجود تشابه في أُصولهما قبل التحريف بين الأحكام الواردة فيهما والتي لم تنسخ، وبين نظائرها من الأحكام الواردة في القرآن الكريم والسنة الشريفة لأنها من سراجٍ واحدٍ.