البحث
الليلة الثالثه الجزء الأول من -معركة بدر
الليلة الثالثه الجزء الأول من -معركة بدر
السنة الثانية من الهجرة
معركة هي من أعظم المعارك في تاريخ الإسلام كيف لا؟ وقد سماها القرآن الكريم "يوم الفرقان" وقد قادها خير البرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جندها :المسلمون أفضل أمته من المهاجرين والأنصار .
في ذلك اليوم التقي الحق بالباطل والتوحيد بالشرك ,والإسلام بالوثنية ,وفي ذلك اليوم حطمت القوانين المادية فغلبت القلة الكثرة ,واستبان للمسلمين على مر التاريخ أن النصر للعقيدة وليس مع الكثرة ,وفي ذلك اليوم العظيم نزلت جنود الله التي يؤيد بها عباده الصالحين ,وتقطعت كل العلائق الدنيوية فقاتل الأب ابنه والأخ أخاه ,ولم يبق إلا رباط العقيدة يربط بين المسلمين ,وباع كثير من المسلمين روحه لله تعالى ليقبض الثمن العظيم ,نصر في الدنيا وجنة في الآخرة ,وحصلت أمور عظام وأحداث جسام.
لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر عير لقريش مقبلة من الشام فيها تجارة قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب ,خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من كان ظهره حاظراً ,ولم يستعد استعداداً بليغاً ,كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ,ولم يكن معهم سوى سبعين بعيراً ,فكان الرجلان والثلاثة يتعقبان البعير ,فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً ,فلما جاءت عقبة النبي صلى الله عليه وسلم قالا:نحن نمشي عنك –يطلبان منه أن لاينزل من على البعير- فقال صلى الله عليه وسلم :" ما أنتما بأقوى مني , ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما " فكان عليه الصلاة والسلام مثلهما يركب ويمشي ,وكان المسير بإزاء طريق القوافل إلى بدر ليس سفراً قاصداً ولا نزهة لطيفة ,فالمسافة بين المدينة وبدر تربو على مائة وستين كيلو ومع ذلك صبر الرسول وأصحابه على طول الطريق وصعوبته وقد كانوا في رمضان .
دفع النبي صلى الله عليه وسلم اللواء إلى مصعب بن عمير ,والراية الواحدة إلى علي بن أبي طالب ,والأخرى التي للأنصار إلى سعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين ,ولما كان بالروحاء على بعد أربعين ميلا من المدينة ,رد أبا لبابة بن عبد المنذر واستعمله على المدينة ,وسار الجيش الإسلامي لايبتغي إلا العير ,حتى وصلوا قرب الصفراء فأقام فيها وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم عيونه تتجسس أخبارها.
علم أبو سفيان بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى قريش ليمنعوه من محمد ,فخرج المشركين مسرعين وخرجوا جميعا لم يتخلف من أشرافهم احد,سوى أبي لهب خرج رجل مكانه ,وسرت قريش من ديارها كما قال الله تعالى :" بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله " سورة الأنفال : 47 ,وأقبلوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بِحدهم وحديدهم تحادوه وتحاد رسوله" ,علم النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش و بتغير طريق القافلة فإستشار الصحابة ,فتكلم المهاجرين فأحسنوا ,ثم استشار ثانية فتكلم المهاجرون ,ثم استشار ثالثاً ففهمت الأنصار أنه يعنيهم ,فبادر سعد بن معاذ فقال : يارسول الله كأنك تُعرِّض بنا ؟ وكان إنما يعنيهم ,لأنهم بايعوه على منعه من الأحمر والأسود في ديارهم ,فقال له سعد: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لاينصروك إلا في ديارها:فاظعن حيث شئت ,وصل حبل من شئت ,واقطع حبل من شئت ,وخذ من أموالنا ماشئت ,وأعطنا ماشئت ,وما أخذت منا كان أحب مما تركت ,وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك ,فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ,ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك,وقال المقداد : لانقول لك كما قال قوم موسى لموسى :" اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا هنا قاعدون, ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ,وهنا أشرق وجهه صلوات ربي وسلامه عليه وسره هذا القول الصادق والإيمان العظيم ,وقال :"سيروا وابشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين وإني قد رأيت مصارع القوم ".
لم يستعد أصحاب النبي صلى الله عليه سلم للخروج وقتال المشركين ,بل إنهم خرجوا لما سمعوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم ,مع أن الفتور أصاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما غيرت القافلة طريقها ,ولكن سرعان ماعادت الهمة والعزيمة عندما أمر النبي عليه الصلاة والسلام في الإستمرار في المسير وإقامة المعسكر قريبا من بدر ,انطلق الجميع مابين مهاجر باع في سبيل الله نفسه وماله وأنصاري ربط مصيره وحاضره بهذا الدين الذي افتداه وآوى أصحابه ,طلب الرسول عليه السلام المشورة مرة أخرى من أصحابه في المنزل ,فأشار الحباب بن المنذر:أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم:بل هو الرأي والحرب والمكيدة ! منتهى الادب من الصحابي ,أشار الحباب بتغيير المنزل والنزول عند آخر بئر تجاه العدو وتغوير الآبار التي وراءه وبناء حوض يملاء بالماء ليشرب المسلمين ولايشرب المشركين .فوافق النبي على ذلك .
في تلك الليلة تساقطت على المسلمين مطر خفيف طهرهم وأذهب الله به عنهم رجس الشيطان ووطأ به الأرض ,وصلب الرمل ,بنى الصحابة رضوان الله تعالى علهيم عريشاً للنبي صلوات ربي وسلامه عليه على تل ,وكان يتفقد الرجال .... ..نكمل المسير في الليلة الرابعة بإذن الله تعالى فكونوا قريبين