1. المقالات
  2. شبهات و ردود
  3. الرد علي شبهة الحرية الدينية في الاسلام

الرد علي شبهة الحرية الدينية في الاسلام

تحت قسم : شبهات و ردود
5590 2009/11/10 2024/11/03
المقال مترجم الى : Español

   

 الناس أحرار في أديانهم ومعتقداتهم حسب تصور الشريعة الإسلامية التي لا ترى وصاية على عقول الناس ومعتقداتهم، فلا إكراه في الدين، قال تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي)(البقرة: من الآية256) ولا يقبل كفر بالإكراه، ولا إيمان بالإكراه كذلك، فالأساس في الإيمان والكفر هو الحرية الإنسانية الكاملة بلا وصاية ولا إكراه، وبناء على الاختيار تكون المسئولية أمام الله تعالى يوم القيامة.

    

    لقد تعايش المسلمون في ظل سيادة الحضارة الإسلامية التي امتدت عبر مساحات زمنية ومكانية‏,‏ فلقد استمرت هذه الحضارة قرونا عديدة وانضوت تحت لوائها بقاع كثيرة من بلدان العالم ذات حضارة وثقافات وديانات‏.‏

    لم يتنكر المسلمون للديانات والثقافات الأخرى إنما تعايشوا معها بمودة واحترام شديدين تحت مظلة الإسلام الأمر الذي أثبته علماء الحملة الفرنسية في كتاب‏(‏ وصف مصر‏).‏

    

    

و قد كفل الاسلام  للشعوب التي خضعت لسيطرته حرية ممارسة شعائرهم الدينية كما ترك لهم الحق في أن يسيروا أمورهم بموجب قوانينهم الخاصة‏,‏ ولكن داخل إطار النظم الإسلامية‏,‏ولعل الديانة الإسلامية تدين بنجاحها السريع لهذا الاعتدال الحكيم أكثر مما تدين لقوة السلاح وحقوق الإنسان بمعناها الواسع الشامل عرفها المسلمون قبل أن تعرفها‏(‏ الأمم المتحدة‏)‏ ولقد عرفها المسلمون علي أرض الواقع بينما تعرفها الأمم المتحدة كنصوص فقط‏.‏

    

    روي يحيي بن آدم في كتاب الخراج أن عمر لما تداني أجله أوصي بأهل الذمة خيرا وأن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وألا يكلفهم فوق طاقتهم

    وورد في كتاب‏(‏ أهل الذمة في الإسلام‏)‏ لمؤلفه أ‏.‏س‏.‏ ترتون أن البطريرك عيشويابه الذي تولي منصبه‏647‏ ـ‏657‏ هـ كتب يقول‏:‏إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة علي العالم يعاملوننا كما تعرفون إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية‏,‏ بل يمتدحون ملتنا‏,‏ ويوقرون قديسينا وقسيسينا ويمدون يد المعونة إلي كنائسنا وأديرتنا‏.‏

    ويقول الكونت هنري دي كاستري في كتابه‏(‏ الإسلام خواطر وسوانح‏):‏لا توجد حضارة صانت حقوق الإنسان مثلما فعل الإسلام‏,‏ فلقد جعل الإسلام للنفس البشرية حرمة لا تدانيها حرمة أي شيء مقدس‏,‏ واعتبر الاعتداء عليها بالقتل بمثابة الاعتداء علي الناس جميعا يقول الله تعالي‏:‏ إنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا‏(‏ المائدة‏).‏

    

    وعن عبد الله بن عمر قال‏:‏ رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول‏:‏ ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك‏,‏ والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك‏,‏ ماله‏,‏ ودمه‏,‏ وأن نظن به إلا خيرا‏(‏ سنن ابن ماجه ج‏2‏ ص‏1297).‏

    

    ومما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع‏:‏ إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وتنسحب هذه الحرمة علي دم غير المسلم بغير حق‏.

    الحضارة الإسلامية في التاريخ الماضي مثل العباسيين والتيموريين والعثمانيين وحضارة الأندلس في قرطبة أثبتت للعالم أن المسلمين قادرون علي التعايش مع ثقافات أخري وأنه بإمكان الثقافات والديانات الأخرى أن تجد مكانا في حياتها اليومية وهذه حقيقة واقعة في تاريخنا‏.

    

    ‏ولكن في هذا القرن الذي يقود الغرب فيه هذا العالم لم يتمكن من النجاح في هذا الامتحان ولا أن يثبت للعالم قدرته علي احترام الثقافات والمفاهيم والديانات الأخرى‏.‏ ولنا مثل حقيقي في قرطبة حيث لا توجد غير ثقافة واحدة الآن‏,‏ بينما كان هناك مسلمون يتعايشون مع أقليات في الماضي‏.‏

    

    

واخيرا نورد  قصة رسالة أرسلت من  من جورج الثاني ملك انجلترا والنرويج‏418‏ ـ‏422‏ هـ إلي الخليفة هشام الثالث‏:‏

 (( أرسل الملك جورج الثاني ملك إنجلترا ابنة أخيه الأميرة دوبانت ورئيس ديوانه على رأسب عثة مكونة من ثماني عشرة فتاة من بنات الأمراء والإشراف إلى إشبيلية لما كان المسلمين يحكمون الاندلس لدراسة نظام الدولة والحكم وآداب السلوك الاسلامي وكل مايؤدي إلى تهذيب المرأة. ولقد أرسل رسالة معها هذا نصها:

 

 

من جورج الثاني ملك إنجلترا والغال  والسويد والنرويج إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام, وبعد التعظيم والتوقير فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركان, ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات أشراف الإنجليز تتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة وحدب من اللواتي سيتوافرون على تعليمهن . ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص .

    

    من خادمكم المطيع جورج ملك إنجلترا 

 

 

 

 


    جواب الخليفة الأندلسي هشام الثالث..


    ( بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه سيد المرسلين وبعد: إلى ملك إنجلترا وايكوسيا واسكندنافيا الأجل... أطلعت على التماسكم فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن، وعليه نعلمكم أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا لشخصكم الملكي. أما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد، وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية وهي من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم وفيها المغزى الكافي للتدليل على التفاتتنا ومحبتنا والسلام.

    خليفة رسول الله في ديار الأندلس هشام الثالث.)

    

    المصدر: كتاب الاستذكار لابن عبد البر- المجلد الأول
    كتاب "العرب عنصر السيادة في القرون الوسطى" للمؤرخ الإنجليزي السير جون دوانبورت

    

 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day