البحث
وكان يدرك الصفات الخاصة التي يتمتع بها أصحابه
فكان يدرك ما يتمتع به كل واحد منهم من صفات تميزه عن الآخر، وهو القائل: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم على بن أبي طالب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح".
"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر" أي: أكثرهم رأفة أبو بكر؛ لأن شأنه العطف، والرحمة، واستعمال اللين مع الكبير والصغير.
"وأشدهم في أمر الله عمر" أي: أقواهم صرامة، وأصلبهم شكيمة، ووصف عمر بالقوة في الدين، فالشيطان لا يسلك الطريق الذي فيه عمر؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غي فجك".
وأصدقهم حياء عثمان" من الله ومن الخلق، فكان يستحي حتى من حلائله وفي خلوته ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن.
"وأقضاهم علي بن أبي طالب" أي: أعرفهم بالقضاء.
"وأقرضهم زيد بن ثابت" أي: أكثرهم علماً بمسائل قسمة المواريث، وهو علم الفرائض.
"وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب" أي: أعلمهم بقراءة القرآن، أو أنه أتقنهم للقرآن وأحفظهم له.
"وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل" أي: بمعرفة ما يحل ويحرم من الأحكام.
"وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" أي: يأتمنونه، ويثقون به، ولا يخافون غائلته، فهو أشدهم محافظة على الأمانة، وتباعدا عن مواقع الخيانة.
فخص النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي، ونحو ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر رضي الله عنه: "ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء، من ذي لهجة أصدق لهجة من أبي ذر، شبه عيسى ابن مريم عليه السلام".
فقال عمر بن الخطاب – كالحاسد-: يا رسول الله، أفتعرف ذلك له؟
قال: "نعم، فاعرفوه له".
وقال صلى الله عليه وسلم: "من شره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم؛ فلينظر إلى أبي ذر".