البحث
هل انتشر الإسلام بحد السيف
كثيرة هي الدعاوى الغربية التي تزعم أن الإسلام قد أنتشر بالسيف!.. على أن حقائق التاريخ ـ وهي صلبة عنيدة ـ وشهادات العلماء غير المسلمين من الشرقيين والغربيين تدحض هذه الدعاوى والافتراءات..
فضحايا كل حروب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عشرين غزوة على امتداد تسع سنوات ـ هم على سبيل الحصر 386ـ 203 من المشركين و183 من المسلمين ـ !.. على حين أحصى "فولتير" (1694 ـ 1778م) ضحايا الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا يقال بأنهم عشرة ملايين ـ أي 40% من شعوب وسط أوروبا!ـ..
وجميع معارك الفتوحات الإسلامية كانت ضد جيوش الاستعمار الروماني والفارسي ـ تلك التي استعمرت الشرق وقهرته ـ دينيًا.. وثقافيًا.. ولغويًا.. وسياسيًا.. وحضاريًا ـ عشرة قرون!.. ولم تدر معركة واحدة بين الجيوش الإسلامية وبين أهل البلاد الشرقية.. على حين بلغ ضحايا الحربين الاستعماريتين الغربيتين ـ الأولى والثانية ـ في القرن العشرين ـ وحدهما ـ نحو ستين مليونًا!..
وعندما حررت الفتوحات الإسلامية الأرض، حررت معها ضمائر الشعوب وعقائدهم.. فبعد الاضطهاد الديني الذي مارسه الرومان ضد النصرانية الشرقية ـ والذي تضرب به الأمثال وتؤرخ به الكنائس الشرقية لعصر الشهداء حتى الآن ـ ترك الإسلام الناس أحرارًا وما يدينون.. ويكفي أن نعلم أن نسبة المسلمين في الدولة الإسلامية بعد الفتح الإسلامي بمائة سنة لم تتعد 20% من السكان!.. وفي الدولة العثمانية ـ دولة الخلافة الإسلامية ـ كانت نسبة السكان غير المسلمين 49.8% من جملة السكان!..
وإذا كانت هذه مجرد "عينة" من وقائع التاريخ ـ الصلبة العنيدة ـ فإن شهادات العلماء غير المسلمين على الانتشار السلمي للإسلام تملأ المجلدات.. ومنها:
قول المستشرق الإنجليزي "جورج جميل" (1697 ـ 1736م) ـ وهو الذي ترجم القرآن إلى الإنجليزية ـ : "لقد صادفت شريعة محمد ترحيبًا لا مثيل له في العالم.. وإن الذين يتخيلون أنها انتشرت بحد السيف إنما ينخدعون انخداعًا عظيمًا"!..
وقول العلامة الانجليزي "سير. توماس ارنولد (1864 – 1920) ـ وهو أعظم من أرخ لانتشار الإسلام في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) ـ : "إن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق.. إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى.. ولقد قيل إن "جستنيان" (483 ـ 565م) ـ الإمبراطور الروماني ـ أمر بقتل مائتي ألف من القبط في مدينة الإسكندرية، وإن اضطهادات خلفائه قد حملت كثيرين إلى الالتجاء إلى الصحراء.
وقد جلب الفتح الإسلامي إلى هؤلاء القبط حياة تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها من قبل ذلك بقرن من الزمان.. وليس هناك شاهد من الشواهد على أن ارتدادهم عن دينهم القديم ودخولهم في الإسلام على نطاق واسع كان راجعًا إلى اضطهاد أو ضغط يقوم على عدم التسامح من جانب حكامهم الحديثين.. بل لقد تحول كثير من هؤلاء القبط إلى الإسلام قبل أن يتم الفتح، حين كانت الإسكندرية ـ حاضرة مصر يومئذ ـ لا تزال تقاوم الفاتحين، وسار كثير من القبط على نهج إخوانهم بعد ذلك بسنين قليلة..."..
تلك "عينة" من شهادات العلماء ـ غير المسلمين ـ تنضم إلى "عينة" الحقائق والوقائع التاريخية، لتقول للمغرضين ـ الذين يهرفون بما لا يعرفون ـ ويدعون أن الإسلام قد انتشر بالسيف! إن هذه الدعاوى لا علاقة لها بالحقيقة ولا بالموضوعية ولا بالإنصاف!