البحث
أنا البراق
5767
2012/08/25
2024/11/04
المقال مترجم الى :
English
قبل الصوارخ وقبل الأقمار الصناعية بأكثر من ألف وثلثمائة سنة، كنت أنا ..البراق! اختلفت الروايات في وصفي وتحديد شكلي ونوعي. والمهم أنني من صنع الله، خالق الأرض والسموات، سبحانه إنه على كل شيء قدير.
ركبني الأنبياء عليهم السلام ولكن لي مع محمد عليه الصلاة والسلام معجزة فريدة، وقصة كلها حقيقة... وان كانت أغرب من الخيال.
كانت اثنتا عشرة سنة مضت منذ نزل الوحي على محمد ولقي في هذه السنوات الكثير من العذاب. توفي عمه وتوفيت زوجته وهاجر أصحابه ولم تنجح رحلته إلى الطائف، ولكنه ظل على إيمانه يسأل الله العون والصبر.
بعد هذه السنوات من الأحداث حدثت معجزتي مع الرسول، حدثت رحلة الاسراء والمعراج، وكانت ليلة ال 27 من رجب.
وفيها ذهب جبريل عليه السلام إلى دار الرسول وأتى به إلى البيت الحرام حيث كنت أنتظر. وبعد أن غسل جبريل قلب الرسول من ماء زمزم ملأ قلبه بالحكمة والإيمان. ثم ركبني الرسول وانطلقنا وفي صحبتنا جبريل إلى بيت المقدس في سرعة خاطفة.
وخارج مكة، مررنا بقافلة لقريش ضلت ناقة لها، فأرشدهم الرسول إلى مكانها ومررنابقافلة أخرى نفرت جمالها وكسرت ساق جمل منها. ومررنا بقافلة ثالثة في مقدمنها جمل فوقه كيسان أسودان.
وفي الطريق رأى محمد صلى الله عليه وسلم الكثير وكان يسأل وجريل عليه السلام يجيب.
راى فتاة جميلة في ثياب فاخرة، نادت: يا محمد. فلم يلتفت إليها، فقال له جبريل:” هذه هي الدنيا زينت لك”. فقال الرسول:”لا حاجة لي في الدنيا”.
وعندما وصلنا غلى يثرب، قال جبريل:”هذه يثرب ستهاجر إليها وتسمى المدينة المنورة ويتوفاك الله فيها”.
ومررنا على قوم يزرعون ويحصدون. وبعد الحصاد يعود الزرع كما كان. فسأل الرسول جبريل:”ما هذا؟” قال جبريل:”هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله، تضاعف له الحسنة إلى سبعمائة ضعف.
رأينا مناظر لعذاب تاركي الصلاة والزكاة. وهبت ريح طيبة تحمل رائحة كالعطر وسمعنا صوتا، فسال محمد صلى الله عليه وسلم: “ ما هذا يا جبريل؟” فأجاب جبريل : “هذا صوت الجنة تقول:” رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت غرفي وحريري وذهبي وفضتي وأكوابي وأباريقي وعسلي ولبني ومائي...آتني يا رب ما وعدتني به”...
وفي واد آخر شممنا رائحة كريهة وسمعنا صوتا منكرا. سأل الرسول :”ما هذا يا جبريل؟”. فأجاب جبريل :”هذا صوت جهنم تنادي:” رب آتني ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي واشتد حري فآتني ما وعدتني”.
ووصلنا القدس في لمح البصر، وامسك محمد بي- أنا البراق- وربطني في حلقة صخرة عالية ما زالت قائمة إلى يومكم هذا وقد بنى المسلمون فوقها قبة عالية. وتركني في مكاني ودخل المسجد الأقصى. وكان الأنبياء والرسل ينتظرونه فيه. فصلى بهم إماما لهم وهم صفوف من خلفه.
وبعد الصلاة قدم جبريل للرسول “معراجا” يصعد فيه إلى السماء في رحلة ثانية سميت المعراج.
وقد صعد الرسول إلى السماء الاولى، وكان فيها أبونا آدم الذي رحب بالرسول. وفي السماء الثانية قابل سيدنا عيسى بن مريم ويحيى وزكريا عليهم السلام. وفي السماء الثالثة قابل سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام. وفي السماء الرابعة قابل سيدنا إدريس. وفي السماء الخامسة قابل سيدنا هارون بن عمران. وفي السماء السادسة قابل سيدنا موسى بن عمران. وفي السماء السابعة قابل سيدنا إبراهيم الخليل. وكان كل منهم يستقبل النبي مرحبا قائلا:” مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح”. ثم رفع الله نبيه المصطفى إلى سدرة المنتهى، إلى الحضرة الإلهية العليا. فسجد الرسول لله الواحد حمدا وشكرا لانه أوصله إلى مكان لم يصل إليه أحد من الرسل غيره. وهنا شرع الله الصلاة على المسلمين، خمس صلوات في اليوم، وتكون الكعبة قبلتهم فيها فيتجهون فيها في صلاتهم.
وبعد ذلك نزل النبي إلى الصخرة الشريفة وودع الأنبياء والمرسلين ثم ركبني – أنا البراق – مرة أخرى عائدا إلى البيت الحرام، وتمت بذلك رحلة الإسراء والمعراج. ودعته وذهب إلى بيته . في اليوم التالي ذهب غلى الكعبة وقص على الناس قصة رحلته، قصة “ الاسراء والمعراج”. لم يصدقه كفار قريش وكان ابو جهل أكثرهم تكذيبا له، وقال واحد منهم: “ إننا نذهب إلى القدس في شهر كامل ونعود في شهر كامل، فكيف يذهب محمد ويعود في ليلة واحدة ؟!”
وفي هذه اللحظة وصل أبو بكر إلى الكعبة وجلس قريبا من الرسول وسمع من الكفار ما قاله الرسول عن رحلته، وسمع منهم تكذيبهم وعدم تصديقهم له.
وكان الجدال مستمرا بين الكفار وبين الرسول، وتحدوه في النهاية أن يصف لهم المسجد الأقصى، وهم يعرفون أنه لم يزره من قبل ولم يذهب إليه أبدا. فبدأ محمد الوصف وكأن المسجد الأقصى أمامه يراه وينظر إليه. وصفه جزءا جزءا بدقة أذهلت الجميع، وهتف أبو بكر: “ صدقت يا رسول الله. “
ثم زيادة على الوصف الدقيق، أضاف لهم الرسول اثباتات أخرى، فحدثهم عن القوافل التي رآها عند مشارف مكة. وبعد قليل من الوقت عادت هذه القوافل ووصلت مكة، وعادت معها الناقة التي كانت ضلت الطريق والجمل المكسور الساق والجمل الذي يحمل كيسين أسودين، تماما كما اخبرهم الرسول.
ذهل الكفار ولم يجدوا ما يقولونه وارتفع صوت أبي بكر يردد:” صدقتَ يا رسول الله وصدقتُ كل ما قلتَ.”
فقال له النبي الكريم:” أنت الصديق يا أبا بكر.”
ومنذ ذلك اليوم يلقب أبو بكر بالصديق.
هذه هي حكايتي – انا البراق – مع رسول الله في ليلة الإسراء والمعراج. حكاية صادقة حقيقية سبقت عصر الصواريخ والأقمار الصناعية بأكثر من ألف وثلثمائة عام.
"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"
صدق الله العظيم