البحث
تعامل الدول العالمية آنذاك مع أسرى الحرب
3975
2012/06/06
2024/12/21
المطلب الثاني: تعامل الدول العالمية آنذاك مع أسرى الحرب:
لم يختلف وضع الدول العالمية عن سابقه في تعاملهم مع الأسرى؛ إذ كان مصير الأسير أن يُذبح أو يُقدَّم قرابين للآلهة، ثم رُؤِىَ بعد ذلك الانتفاع بهم، فحَلَّ الاسترقاق محل القتل، وصار الأسرى يُستعبدون، ويُتَّخَذُون للبيع والشراء!!
ومن أمثلة الأمم التي عاملت الأسرى بقسوة لا هوادة فيها: الفُرْس والإغريق؛ فقد كانوا يُنَكِّلون بأسراهم، ويعرّضونهم للتعذيب والصلب والقتل[1].
ولقد منح القانون الروماني للمالك الحق في إماتة عبده أو استحيائه، وكَثُرَ الرقيق في عهدهم حتى ذكر بعض مؤرخيهم أن الأرقاء في الممالك الرومانية يبلغون ثلاثة أمثال الأحرار[2].
أما العجيب فهو أنهم (أي الرومان) كانوا يستخدمونهم أيضًا كوسائل للترفيه والتسلية؛ فكانوا يضعون هؤلاء الأسرى مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترسهم[3]!!
والأنكى من ذلك ما حدث - على سبيل المثال - في عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حيث حاصر الرومانُ اليهودَ في القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت في سبتمبر سنة 70 ميلادية، ثم سقطت المدينة في أشدّ هزيمة مُهينة عرفها التاريخ؛ حيث أمر الرومان اليهودَ أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم، وقد استجاب اليهود لهم من شدّة الرعب، وطمعًا في النجاة!! ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديّين، ومن يَفُزْ بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أُبِيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينجُ منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة[4]!!
وفي الهند كان الأسير يقع ضمن الطبقة الرابعة والأخيرة في تقسيم طبقات المجتمع عندهم، وهي طبقة شودر، وهم المنبوذون، والذين هم أَحَطُّ من البهائم، وأذل من الكلاب، ويُصَرِّحُ القانون بأنّه من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة (طبقة الكهنة والحكام) دون أَجْر!! وكفَّارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة مثل كفارة قتل الشودر سواء بسواء!![5].
----------------
[1] العميد محمد سعد الدين زكي: الحرب والسلام ص205، عبد العزيز علي جميع وزميلاه: قانون الحرب ص 208، د. عبد المنعم البدراوي: القانون الروماني ص66، نقلا عن د.عبد اللطيف عامر: أحكام الأسرى والسبايا في الحروب الإسلامية ص91.
[2] أحمد أمين: فجر الإسلام ص88 .
[3] د/ محسن محمد صالح: الطريق إلى القدس ص40.
[4] الدباغ: بلاد فلسطين 9/68-70.
[5] الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص75.