البحث
قصة إسلام الموسيقار الإنكليزي كانت ستيفنسيز (يوسف إسلام)
نشرت مجلة النورالكويتية في الثمانينات، نبأ إسلام الموسيقارالإنكليزي الشهير (كانت ستيفنسز)، وأتذكرصورتين له على غلاف المجلة المصورة في الأولى قد لبس الكابوي، الملابس التقليدية للشباب الطائش في أوربا وأمريكا، وهو بشعره الطويل الثاثر، ولحيتة الطويلة الكثّة الثائرة، وبيده الالة القيثارة الكبيرة وهو يغني، والصورة الثانية وقد إرتدى الجبة والعمامة، وبيده المُصحف، وقد تنوَّر وجهه الكالح بكلمات الله تعالى، وبنورالقران وهو يقول: كنت لا أُفارق الموسيقى، واليوم لا أُفارق القرآن.
كنت محتفظاً بهذا العدد من مجلة النور، ولكن لم أعثرعليها عندما نويت الكتابة عن حيات جمع من الذين فارقوا دينهم، والتحقوا بالقافلة الماركة. فكتبت ما كنت أحفظه من ذاكرتي..
وشاء الله تعالى وجدت الشيخ إبراهيم النعمة قد سبقني بالكتابة عنه، ولو بشكل مختصر، في كتابه روائع وطرائف[1] لذا اعتمدت على ما كتب فضيلته، إذ يقول: في إنكلترا رجلٌ بلغ القمَّة في الشُّهرة والغنى، وكان معروفاً لدى الخاص والعام، وكتب عنه الكتّاب وأكثروا..
وظن أن السعادة في أن يكون الإنسان غنياً فصارغنياً، وبدأ حياته الدينية كاثوليكياً يتردد على الكنيسة، ولكن الغنى لم يفض عليه السعادة، والكنيسة لم تشبع رغبته في التعرف على الحقيقة والوصول اليها، ووقع أسيرالقلق والإطراب، والأزمات النفسية القاتلة، وأنشب مرض السّل مخالبه فيه، فلم يجد العزاء في معتقده، ولم يسعفه ماله بالسعادة، وكاد ينتحر!
ثم القى بنفسه في أحضان البوذية، ثم الصينية ثم الشيوعية، ثم عاد إلى الكنيسة، ولكن بقي بينه وبين اطمئنان القلب وسكينة الأنفس وسعادة الروح بعد المشرقين! ولم يكن يعرف عن الإسلام والقران شيئاً...!!
وفي ذات يوم أهدى إليه رجل نسخة مترجمة من القران الكريم، فكانت نقطة التحول في حياته! لقد درس القران بقلب منفتح متحررمن التعصب، انه يقول: ((لقد لاحظت في القران شيئاً غريباً، فهو لايشبه بقي الكتب، ولم يكن على غلاف القران الكريم اسم مؤلف، ولهذا فهمت معى الوحي الذي أوحي إلى هذا النبي المرسل بهذا القران من الله تعالى..)) حاولت أن أبحث عن أخطاء في القران الكريم ولكني لم أجد...!
لقد أجاب القران عن كل تسؤلاتي، وبذلك شعرت بالسعادة: سعادة العثور على الحقيقة، ووجدت في القران كيف ان هذه السعادة هي الخالدة:
﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[2].
أما الس-ؤال الخالد على السنة البش-ر: من أن-ا؟
ولماذا أنا ه-نا؟ والى أين أنا ذاهب؟ وجواب ذلك في القران الكريم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعُونَ﴾[3] ، لو قرؤوها لهم الحقيقة! [4] ، وبعد قراءة القران الكريم كله خلال عام كامل، بدأت أطبق الأفكار التي قرأتها فيه، شعرت في ذلك الوقت انني المسلم الوحيد في العالم، ثم فكرت كيف أكون مسلماً حقيقياً؟
فاتجهت إلى مسجد (لندن)، وأشهرت إسلامي وقلت: أشهد أن لااله الا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله!
ويقول: ثبته الله وإيانا على الحق – حينها أيقنت أنَّ الإسلام الذي اعتنقته رسالة ثقيلة، وليس عملاً سهلا ينتهي بالنطق بالشهادتين..
لقد ولدت من جديد، وعرفت إلى أين أسيرمع إخواني من عباد الله المسلمين...
كانت أول مرة أقابل فيها إخواني المسلمين، ولم أقابل أحداً منهم من قبل! وغيّراسمه إلى (يوسف اسلام)!
ثم ينطق بحقيقة مؤلمة مؤسفة فيقول: لعلني قابلت مسلماً يحاول أن يدعوني
الى الإسلام أن أرفض دعوته، بسبب أحوال المسلمين المزرية، وما تشوهه أجهزة إعلامنا في الغرب...
لقد اتجهت إلى الإسلام من أفضل مصادره: وهو القران الكريم، ثم بدأت أدرس سيرة الرسول r...
وإذا كان يوسف إسلام يتالم لأحوال المسلمين اليوم فقد قال: في الحقيقة لن تمتعض إذا أخذت نظرتك أحدا ً إسلم من القران والسنة وليس من واقع المسلمين!!
وقد سئل عن تصوره – بعد إسلامه – في رأي الإسلام في الموسيقى، فقال يوسف إسلام: ((لقد نسيت الموسيقى، وسالت إخواني: هل أستمر؟ فنصحوني بالتوقف، والموسيقى أراها تشغل عن ذكر الله، وهذا خطر عظيم))!!
أقول[5] : ياليت الذي يقضون لياليهم في سماع الأغاني المحرمة، ومشاهدة ما يحرم من الأفلام - حتى إذا ناموا، ناموا مثقلة أجسامهم بالذنوب والخطاية – ياليتهم يسمعون هؤلاء الذين بلغوا القمة في الشهرة والغناء والموسيقى...!!
وقد يسال سائل: ما فعل يوسف إسلام بالملايين التي كسبها عن طريق الغناء؟
لقد أعلن في العراق أنه تبرع إلى إخوانه المسلمين في أفريقيا، وقال إنه سيكرّس نفسه ووقته للدعوة الإسلامية في الغرب، وسيعمل على نشر الإسلام، وإنقاذ الالآف من الناس التائهين قدراستطاعته!!
ومن أوائل أعماله ان مغني (الروك آند رول) افتتح مدرسة إسلامية لتعليم ابناء المسلمين!
وإذا كان لي أن أعقب بكلمة أقول: ياليت الحاملين والحاملات اسماء مسلمين من الغارقين في الشهوات والملذات يتعظون ويقتدون بيوسف إسلام، فيقلعوا عما هم فيه من إغراق أمتهم المثخنة بالجراح بأغانيهم المائعة، ولهوهم الحرام، ويتوبوا إلى الله، فقد كفى الأمة ما بها، وتعالى ربنا القائل: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلال مُبِينٍ﴾[6].
فعلى عقلاء هؤلاء أن يتعظوا، واللبيب من اتعظ بغيره.
[1] روائع وطرائف ص 13- 15
[2] سورة البقرة الآية 256
[3] سورة البقرة الآية 156
[4] نعم إن هذه الأسئلة قد حيرت عقول الفلاسفة وأصحاب العقول الكبيرة قبل الإسلام، ممن لا يؤمنون بالكتب السماوية الغير المحرفة، والقران قد أجاب عنها بكل وضوح الكريم. من أين جئنا؟ فأجاب عنه القران الكريم بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالةٍ مِنْ طِينٍ﴾.(المؤمنون: 12) ثم فصل القران بعد بيان أصل الإنسان، كيف يتكون، أو الأطوارالتي يمر بها الإنسان في بطن أُمه بقوله: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ *ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالقِينَ﴾. (المؤمنون:13-14) ولماذا جئنا؟ أي هل هناك سبب لوجودنا في هذه الدنيا؟ فأجاب القران الحكمة من وجودنا بقوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالأِنْسَ الا لِيَعْبُدُونِ﴾. (الذريات:56) وقطع القران الطريق أمام المشككين، في الحياة الآخرة بقوله: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ اليْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾. (المؤمنون:115) والى أين أين المصير، وبين أن مصير كل إنسان في هذه الحياة الموت، ثم الحياة الآخرة، أي الحياة ما بعد الموت، كما في قوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾. (ط-ه:55) ويستطيع الباحث الوقوف على الأجوبة بشكل واسع ببحث مستقل بطريقة علمية، والله تعالى أعلم.
[5] من كلام يوسف اسلام
[6] سورة الزمر الآية 22