البحث
قصة إسلام جِمّ JIM
يقول الأستاذ إمتياز أحمد: في الغرب تسير، عجلة الحياة بسرعة كبيرة، وبالرغم من سرعة هذه الحياة، يخصص الكثير من المسلمين شيئاً لمساعدة المساجد والمدارس الإسلامية. على سبيل المثال، إتفق مصلوا مسجد التوحيد في ديرويت Detroit في أحد الأيام على زيارة مسجد التوحيد في فارمنجتون هلز Farmington Hills بعد صلاة الفجر، فقد أردنا أن نقطع الأشجار الجافة بمنشارغازي، ونقطعها إلى قطع صغيرة، وكنا ننوي أن نحزم هذه القطع ونضعها على حافة الطريق لتأخذها بلدية المدينة، وبهذه الطريقة نُنظِّف المنطقة المحيطة بالمسجد...
وانطلقنا بعد صلاة الفجر للقيام بهذه المهمة في سيارتين، وكان جِمّ JIM مسلماً أمريكياً جديداً، وحديث الوجود في المسجد، فدعوته لمرافقتي في سيارتي، وفي الطريق سالته عن إسلامه، فأخبرني عن تاريخ حياته بالتفصيل قائلاً: إعتدت الذهاب إلى الكنيسة مع والديَّ اللذين كانا يدفعان 10 0/0 من دخلهما لهذه الكنيسة لحضورالصلاة فيها، ولم تَرُقْ لهما الممارسات الدينية لهذه الكنيسة، ولهذا انتقلا لكنيسة أُخرى يدفعان 8 0/0 فقط من دخولهما لحضور الصلاة، ولم يعترض والديَّ على ذلك، لأن كل الكنائس تقريباً تعمل بهذه الطريقة، أما أنا فلم أقتنع بهذه الممارسة، كيف لاتجبرنا الكنيسة على دفع المال ثمناً لحصولنا على مقعد، فقد توقفت عن الذهاب لأي كنيسة، لأني لم أقتنع بأفكارالكنائس التي تمارس هذه السلوكيات مع روادها...
وبعد أ تخرجت من الثانوية، التحقت بالدراسة الجامعية، وهناك التقيت بالكثيرمن الطلاب المسلمين من بلدان شتى فسالتهم: هل توجب عليكم إدارة مساجدكم مبلغاً من المال من أجل الحصول على مقعد في المسجد لأداء العبادة؟ فأجابوا: أبداً، إن لكل مسلم الحق في الخول إلى المسجد وأداء الصلاة فيه بكل حرية...
ومن المفيد أن أضيف هنا أن الحرم الجامعي في الغرب يقدم حرِّية واسعة لرغبات الطلبة.. ولكن القليل منهم يسيئون استخدام هذه الحرية فيحطِّمون مستقبلهم، ومعظمهم يتفاعلون مع زملائهم من أجل الرقي والبناء الفاعل، وهذا التفاعل الإيجابي أمر يحسدون عليه، فهم لا يجيبون على أسئلة الغير باختصارمخل، بحيث يترك السائل في حيرة من أمره، ولا بإسهاب ممل لا يحث السائل للسؤال مرة أُخرى.. وإضافة إلى ذلك، فهم لا يفرضون وجهات نظرهم على الآخرين، فتبقى علاقات الودِّ قائمة بينهم..
هذا النوع من التفاعل البناء يسري بين الطلبة طول الوقت، وهذا أمرربما استفاد منه وعاظنا.
واعتقد جِمّ JIM حقاً أنه من المنطقي أن لايجبر على أن يدفع ثمناً لاستخدام مكان للعبادة، فَلِمَ لا يكتشف تفاصيل أُخرى عن هذا الدين؟ وقصَّ جِمّ JIM بقية قصته قائلاً: وكنت أستأجر أنا وصديقي شقة نعيش فيها، وكانت بوذية تضع تماثيل بوذا في كل مكان من الشقة، مع أنها لم تكن مواظبة على عبادتها، كما لم أكن مسيحياً ملتزماً، وكنت تستنتج من كلامي اليومي أني أبحث عن حياة جديدة، وكان أحدنا يقبل الآخر كما هو، وأخيراً جاء عيد الميلاد.
وعيد الميلاد في الغرب مناسبة يتوقع منها كل شخص هدية من صديقه، بغضِّ النظرعن الإتجاهات الدينية والمعتقد...
مثلاً: اليهود لا يؤمنون أبداً بالمسيح، وهم عادة أول من يتبادل هدايا عيد الميلاد، ويزينون محلاتهم بشجرة عيد الميلاد الضخمة لجذب الزبائن... وأكمل جِمّ JIM : وأسرعت صديقتي البوذية إلى المتجر لتنتقي هدية عيد الميلاد لي، وهناك وقع في يدها كتاب بدا لها فلسفياً، فقالت في نفسها: ربما يحبُّ جِمّ JIM هذا الكتاب فهو يتبنى دائماً غريبة وغير مالوفة..
وبتُّ أقرأ هذا الكتاب الذي أهدته لي صديقتي البوذية، وكانت نسخة إنكليزية للقرآن الكريم، فأحببتُ قرآءته، فكنت أقرأه كل يوم، وأثارفي نفسي كثيراً من الأسئلة، وكان الطلبة المسلمون يجيبون عنها بشكل منطقي مما زاد رغبتي في اعتناق الإسلام.
وأخيراً كنت مرتاحاً تماماً لنمط حياة المسلمين، واتصلت بأعضاء من جمعية الطلبة المسلمين في جامعتي، فشرحوا لي كيف أدخل الإسلام؟ وماذا أقول؟ فدخلت في الإسلام وأنا مسرور والحمد لله.
عرفت جيداً أن الصلاة فريضة مهمة في الإسلام، فكنت أؤدي بعض صلواتي في الجامعة وبعضها في المنزل، فأخبرت صديقتي بأن تزيل كل التماثيل من غرفة الجلوس حيث أُصلي، فلم ترق لها ما طلبت منها، لأنه يُعدُّ تدخلاً في حرية الآخرين الدينية، وهذا ليس بالأمر البسيط، وعند ذلك أزالت التماثيل من غرفة الجلوس على مضض من أجل إرضائي فقط.
وبما أن إيماني وثقافتي الإسلامية قد رسِّخا، فقد بدأت أُبدي بعض اللامبلاة تجاهها، وقد اختلفنا مراراً بسبب ذلك، وكانت تقول: أنا أُقدِّم أفضل ما لديَّ لأُرضيك، وأنا لازلت على العهد على كل حال، ولكن ما الذي جعلك هكذا؟ لا تهتم بمشاعري بالرغم من وفائي لك؟ فقلت لها بجدية: كل ما قلتِهِ صحيح، ولكني الآن مسلم، ولا أستطيع الزواج من غير مسلمة.. وكانت تعرف أني شخص مهذب بطبعي، ولديَّ علاقة طيبة بأصدقائي، فلم تود مفارقتي بأي ثمن.. فسالتني: وبعد كل هذا، ما الذي عليَّ فعله لأحافظ على علاقتنا؟ فأخبرتها بأنها يجب أن تسلم..
فسالتني: ما هو الإسلام؟
فأعطيتها الخطوط العامة للإسلام في وقت قصير، فلم تستطع هضم كل الأفكار بشكل كامل، ولكنها قبلت الإسلام لترضيني، وأزالت كل التماثيل من الشقة بيدها. وبعد زواجنا إعتدنا زيارة المسجد المحلي، وسارت الحياة كالمعتاد، ولمست من زوجتي عدم المواظبة على صلاتها اليومية، فقلت لها: إنكِ لاتواظبين على صلواتكِ اليومية، أي مسلمة أنتِ؟
فأجابت: أنا أفعل ما في وسعي، فذكَّرتها مرة أُخرى بشدَّة، فبدأت تبكي، وشكت للنساء المسلمات من الجيران عن الخلاف بيننا.
منهم زعماؤنا المسلمون مشكلتنا فانتدبوا زوجين متعلمين للصلح بيننا... فأخبروني بأن زوجتي مسلمة جديدة، والإسلامينفذُ للقلب والروح تدريجياً ولا يجوزالتصرف معها بفظاظة، وهذا التصرف العقلاني من قبل المصلحين هدأني قليلاً من موقفي الحاد تجاهها. وقبل اعتناقي الإسلام كنت أقضي وقتاً لا بأس به مع شباب الجيران، وعندما كنا نجتمع معاً، كان المعظم منا يتكلم في وقت واحد بلا مراعاة لأفكار أو رغبات الآخرين، وكان المنزل بمثابة مسرح للمجانين، يصرخ كل واحد منا بوجه الآخر..
وبعد دخولي الإسلام كنت أحضر هذه التجمعات، وكان أقراني يستغربون من هدوئي، فكنت أتكلم عندما يصغي الآخرون، وكانوا يعجبون من هذا التغير الواضح والمفاجىء في أخلاقي وسلوكي، وكل ما كانوا يقولون، بأن شيئاً ما حصل لجِمّ JIM، ولكني سئمت من هذه الثرثرة والتشدق بالأقوال الفارغة والتي لا طائل تحتها، وما هي الا مضيعة للوقت، وكنت أتمنى الفرار من هذا النوع من الحياة الإجماعية، وحتى مع والدي لاختلاف بيننا في التفكير والإعتقاد، وكان من الصعب عليَّ العيش في هذا المكان، تحت هذه الضغوظ، فتمنيت الإنتقال إلى مكان آخر، لكي أستطيع تطبيق التعاليم الإسلامية الجميلة بتدبر وإخلاص..
وبالتالي تركت وطني، ووالديَّ وأصدقائي حتى صرت نزيل ديترويت Detroit. وبقيت زوجتي هناك لإكمال دراستها الجامعية...
وهناك التقيت بأصدقائي في الجامع ومنه الأخ أحمد مسؤول مكتب منظمة الطلبة الأندونيسيين والماليزيين المسلمين في أمريكا الشمالية.
علماً أنني لم آخذ معي في سفري اليهم سوى الملابس التي أرتديها، فزودني الأخ أحمد جميع ما أحتاجه من المأكل والملبس وجميع وسائل الراحة، ذهبت معه إلى المسجد، فوجدت فيه جواً روحانياً، لذا شعرت بالبهجة والسعادة فيه، وكان قراره أن يقيم في المسجد لبحث لنفسه عملاً... قدم الكثيرون من أصدقاءه للقاءه في المسجد عندما علموا بقدومه...
بدأ جِمّ JIM يبحث عن وظيفة في ديترويت Detroit، فوجدها سريعاً، يقول الأستاذ إمتياز: ثم أخبرني الأخ جِمّ JIMأنه يجب أن يترك الوظيفة، لأن صاحب العمل لا يسمح له الذهاب لصلاة الجمعة، هذا لأنه كان موظفاً مستجداً...
ويجب الإشارة هنا أن أصحاب العمل متعاونون جداً مع من يتعاملون معهم من المسلمين ويسمحون بأداءصلاةالجمعة خلال فترةاستراحةالغداء الطويلة تعلم جِمّ JIMالعديد من سور القرآن، وكانت قراءته جيدة جداً، فسالته: وهل ساعدك الأخ أحمد في ذلك؟
فقال: لا، بل في المنزل حاسوب أضع فيه قرصاً خاصاً بقراءة القران، وأعيده مراراً، وأتعلم السور بنفسي.!
سالني جِمّ يوماً: هل تستطيع أن تشتري نسخة من القران مترجمة من المسجد؟
فقلت له: إنها تعطى مجاناً للمسلمين الجدد..
قال: إنني أُريد إهداء نسخة لوالدتي أملاً في هدايتها لو قرأته، كما حصل لي، كما أنني أودُّ أن أرسل بضع نسخ لأصدقائي القدامى في في المدينة.
فأخبرته، أنه بإمكانه الحصول على النسخ التي يريدها من القران بلا باستئذان...
وفي هذا الأثناء التقى جِمّ بجماعة الدعوة والتبليغ، وهذه الجماعة تستقبل المسلمين الجدد بحرارة بالغة، ويعلمونهم العادات الإجتماعية والإسلامية، والمباىء الأساسية للإسلام...
وتعدٌّ جماعة الدعوة في الطليعة بين الجماعات الإسلامية الأخرى في هذا المجال. إنضم جِم ّلهذه الجماعة ورحل معهم لمختلف الولايات الأمريكية لتدريس طرائق التعليم وللدعوة للإسلام...
واعتاد زيارة ديترويت ليلة أو أكثربعد سفر يستغرق عدة شهور، وبهذه الطريقة كان يتسنى لنا لقاؤه مدة قصيرة...
لقد كرَّس جِم حياته وشبابه لخدمة الإسلام : أسال الله أن يبارك له في عمله للإسلام، وأن يتقبل منه تفانيه ووفاءه وخدمته للإسلام... أمين[1].