تعامل المسلم المبتلى بالطاعات:
أصل الابتلاء بالطاعة هو تقلد الإنسان عهدة التكليف بالأمانة، يقول اللّه تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا} [الأحزاب:72]. وبقبول هذه العهدة وحملها يتعرض الإنسان للثواب إن أطاع، وللعقاب إن عصى، وهذه سنة اللّه عز وجل في خلقه {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب:62].
قد يظن الطائع أنه بمنأى عن الاختبار أو الابتلاء الذي يتعرّض له غيره من العصاة، وهذا اعتقاد خاطئ لأن الإنسان كما أخبرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد يعمل بعمل أهل الجنة حتى يكون ما بينه وبينها إلّا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وهنا أيضا نجد مجموعة من الخطوات لا بد أن يتحلّى بها الطائعون من أهمها:
1- الخطوة الأولى: أن يعلم يقينا أن الطاعة هي من توفيق اللّه عز وجل وبمشيئته، ولو شاء سلبها منه، وعليه أن يردد دائما قول اللّه: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].
2- الخطوة الثانية: أن يتحلى بالخوف من اللّه عز وجل وأن يرجوه قبول طاعاته، فقد كان السلف رضوان اللّه عليهم كما أخبر الحسن البصري قد عملوا بالطاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إيمانًا وخشية، والمنافق جمع إساءةً وأمنًا.
3- الخطوة الثالثة: ألّا يأمن الطائع مكر اللّه تعالى فينقلب بهذا الأمن من العصاة وهو لا يدري، وقد كان صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر من الدعاء: «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك».
4- الخطوة الرابعة: ألّا يمن بطاعته على اللّه تعالى، قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:17].
5- الخطوة الخامسة: أن يحذر الوقوع في البدعة فيعبد اللّه بغير ما أمر أن يعبد به.
6- الخطوة السادسة: أن ينأى عن التطرّف والتشدّد في أمر الدين فإنه لن يشاد الدين أحد إلّا غلبه.
7- الخطوة السابعة: أن يعلم أن هناك عدوًّا هو الشيطان يتربّص به الدوائر ويريد الإيقاع به، وأنه قد يدخل عليه من بابِ الطاعة فيجعله مغترًّا بها، متكبرًا على غيره من العصاة، جاعلًا نفسه في مكانه فوقهم.
(من كتاب: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم)