البحث
لا أبرح
في يوم الجمعة تذكر وأنت تقرأ سورة الكهف:
وليتذكر كل مجاهدٍ ومرابط ومتألم لأوجاعه وأوجاع أُمته، إلى أهل حلب والموصل والقدس وغزة، والصابرين والمرابطين والأسرى.
عندما تقرأ قوله تعالى حاكيًا عن قول عبده وكليمه {لَا أَبْرَحُ} الكهف [جزء من الآية: 60] يعني لا أزال أسير وأسافر {حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} [جزء من الآية: 60] وهي جهته لطلب علمٍ أو نفعٍ أو نصرٍ أو هداية أو تصحيح لمسار التاريخ فأبلغ هدفي.. {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [جزء من الآية: 60] أو أبقى أسير سنين طويلة، قال مجاهد: سبعين عامًا، وقال غيره: دهرًا، بهذا العزم تطلب النجاة، والفلاح، وتطلب العز لأمتك والجهاد في سبيل عزتها.
إذا نظرت في واقعك وواقع أًمتك فوجدت في طريقك مشقات أو عوائق، ووجدت في طريق أمتك آلامًا وامتحانات؛ فاعلم أن هذا الطريق نفيسٌ وعزيزٌ، وغالٍ.. واعلم أن الوعد صادقٌ لا يخلفه الله، واعلم أن معية الله لم تغب ووعده لا يُخلَف ورحمته ورأفته حاضرة وأن حكمته خلف كل حدث لازمة..
إن الطريق صادقة، وموصلة، وأنت على الدرب، لكن الطريق فريدٌ ونفيس فهو موصلٌ إلى حيث لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وإلى أبدٍ وخُلْد بجوار رب العالمين، والمطلوب للطريق عزم كمثل عزم موسى {لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ فتبلغ هدفك} {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} أو تبقى على الطريق عمرك طالباً له، وستصل بإذن الله.
(يا مخنَّثَ العزم أين أنت؟ والطريقُ طريقٌ تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوبُ، وزاد على المقداد بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم .. إن مزارها قريبٌ، ولكن دون ذلك أهوالُ).. (ابن قيم الجوزية: الفوائد)
سلام الله على أهل حلب والموصل، سلام الله على أهل غزة والقدس، سلام الله على الأسرى والمجاهدين والمرابطين، والشهداء والمصابين وأهلنا جميعًا..