1. المقالات
  2. مقالات و خواطر
  3. الله القيوم - اعذار وإنذار

الله القيوم - اعذار وإنذار

تحت قسم : مقالات و خواطر
1111 2020/04/19 2020/04/19

{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ}
فسر كثير من أهل العلم النذير بأنه الشيب، أحد علامات رحمة الله بالإنسان، فمن الرحمة تذكير الطالب بقرب الامتحان، والمسافر بقرب موعد الرحيل. 

وفي زمن كثر فيه موت الفجأة وموت الشباب في ريعانهم.. يأتي نذير جديد.. صغير لا تراه العين.. فينعزل الناس في بيوتهم، كإجازة من حروب المال، والهاءات التكاثر، ولهاث التفاخر.. ليعيدوا دراسات الجدوى وحسابات الخسائر والارباح... فيتوب من أجل توبته... ويكتب وصيته من ظن ان الموت على بعد سنوات منه.. ويلحظ الشيب في شعره من لم يلحظه.

لعل توبة من أحدهم او أداء نافلة او التزام في فريضة... تغير مصيره من نار قعرها يهوي فيه المرء سبعين خريفًا لجنه سقفها عرش الرحمن.

انعزل الجميع في مخابئهم.

ذلك الذي كان يخرج وجسده مزين بالذهب وذلك الذي كان لا يجد ما يحميه من البرد... 
ذلك الذي ان يسافر على الدرجة الأولى وذلك الذي يمشي للعمل ليوفر ثمن المواصلات..

ذلك الذي كان يأمر... والذي كان يؤمر.
أولئك الذين تساووا في صفوف في المساجد
وأولئك الذين فضلوا عليها صفوف صرف المرتبات.
يحرمون اليوم جميعًا من المساجد.
كأن صاحب النذير يذكرهم بيوم يقال فيه " وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون"

 يأتينا النذير ليذكرنا بقيومته وقدرته تعالي, فها هي مقاليد الأمور ومعايير القوى تتغير في العالم, وقد ظننا انها لن تتغير إلا بحرب عالمية, وها هم الأوروبيين يهربون كمهاجرون غير شرعيين في دول أفريقية خوفا من العودة إلى بلادهم الموبوءة.

و ها هو قول الذي لا ينطق عن الهوى يتحقق حينما قال (لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا).

يأتي النذير ليذكرنا بأن الله هو مسبب الأسباب وما نحن إلا ممتحَنون فمنا من ينجح فينجو ومنا دون ذلك. وما كان "الروتين" الذي تذمرنا منه من قبل إلا نعمة حبانا بها من يعلم مستقرنا ومستودعنا.

وإن ظن أصحاب الحصون انهم مانعتهم حصونهم من أي بلاء ينزل على عوام الناس, فها هو الفيروس الذي لا يرى حتى بالميكروسكوب العادي ولكن لابد وان نستخدم له ميكرسكوبا خاصًا, لم توقفه الجدران ولا المسافات. 

وإن ظن أصحاب العلم التجريبي انهم بلغو فيه مبلغه فها هي نسخة متحورة من فيروس نعرف كل شيء عنه ( بما فيها شفرته الجينية) قد سجن المليارات في بيوتهم يا يجرؤون على الخروج للشوارع.

فإن لم نجأر من قبل مستعيذين بالله من فجأة نقمته وتحول عافيته، فآن لنا ان نفعلها.

رأينا الأخ يفر من أخيه خوفًا من العدوى.. والملياردير يتملق العمال حتى لا تنهار إمبراطورتيه... رأينا الشوارع فارغة من الناس ورأينا القلوب ملآي بالخوف..

كأن مناديًا قد نادى فلم يسمعه إلا من كان له قلب ... "لمن الملك اليوم"

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day