1. المقالات
  2. رِحْلتِي فِي ظِلَالِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ
  3. كلمة حول فكرة جمع السُّنَّة

كلمة حول فكرة جمع السُّنَّة

الكاتب : صالح أحمد الشامي

كلمة حول فكرة جمع السُّنَّة

 

ظهرت في أيامنا هذه فكرة جمع السنة المطهرة، وهي فكرة جليلة تستحق التقدير والاحترام.

وقد انتقل بعضهم بهذه الفكرة من المجال النظري إلى الميدان العملي. . . 

وهناك أكثر من مشروع وضع لإنجاز هذا العمل، ولكننا - وحتى كتابة هذه الأحرف - وبعد مضي أكثر من ثلاثين عاماً. . لم تصل تلك المشاريع إلى غايتها المرجوة. 

ويرجع في نظري عدم نجاحها إلى أكثر من سبب.

من ذلك: عدم تصور الهدف والغاية التي تجمع السنة من أجلها. .

ومن ذلك" أن هذه المؤسسات لم تستأنس بآراء أهل الخبرة والدراية.

إن مسألة "جمع السُّنَّة" تحتاج إلى تحديد الهدف والغاية أولاً، ثم وضع الخطوات التي توصل إلى ذلك؛ ولا بد أن يكون ذلك صادراً عن رأي جماعي يشترك في وضعه العلماء وأصحاب الخبرة في هذه الميادين. 

ومن أجل الوصول إلى ذلك، فإني أرى من واجبي المشاركة في إبداء الرأي ووضع التصور الذي توصلت إليه بين أيدي أساتذتنا من العلماء، وهو جهد المقل، وعسى أن يبارك الله فيه.

إن فكرة "جمع السُّنَّة" ليست جديدة على العلماء، وقد بذلت جهود كثيرة من أجلها، وهي جميعها تصب في الوصول إلى هذا الهدف. ومن هذه الجهود: 

أولاً: الجهود التي بذلت في جمع كتابين أو أكثر في كتاب. . كـ"جمع الصحيحين" ، و "جامع الأصول". . وغيرها، فإنها كانت تهدف إلى تقليل عدد الأحاديث وعدم تكرار الحديث الواحد. . وبالتالي تقليص مساحة البحث في "جامع الأصول"، ربما كان الحديث في كتابين أو ثلاثة من كتب الجامع، ومع ذلك فإنه يذكره مرة واحدة، وبهذا تضيق مساحة البحث، ويتوفر الوقت. 

ثانياً: تلا ذلك الجهود التي عملت على استخراج الزائد في كتاب ما، على ما في كتاب آخر، والتي أطلق عليها اسم "كتب الزوائد". 

إن جمع كتابين، أو عدة كتب، في كتاب واحد، أو استخراج الزائد في كتاب على كتاب آخر، أو عدة عدة كتب، يسَّر على الباحثين عملهم، ووفر عليهم بعض أوقاتهم. وهو - في الوقت نفسه - خطوة على طريق "جمع السُّنَّة" إذ غايته تصغير مساحة البحث. 

وإذاً ففكرة "حذف المكرر" قد سعى إليها العلماء، وبذلوا من وقتهم وجهدهم الكثير لتحقيقها.

والذي أراه أن الغاية من جمع السًّنَّة هو تقريبها من أيدي المسلمين، بحيث يتوفر لكل مسلم ما هو بحاجة إليه من العلم، وإذا كان المسلمون ليسوا في مستوى واحد من حيث حاجتهم - فحاجة العالم غير حاجة طالب العلم، وحاجة الباحث والمجتهد غير حاجة العالم - فالواجب مراعاة ذلك. 

وبناءً على ذلك، فالذي أراه أن كتب السًّنَّة يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: وتضم الكتب التسعة وهي: "موطأ الإمام مالك"، و"المسند" للإمام أحمد، و"الجامع الصحيح" للإمام البخاري، و"صحيح الإمام مسلم"، و"سنن أبي داود"، و"جامع الترمذي"، و"سنن النسائي"، و"سنن ابن ماجه"، و"سنن الدارمي". 

والمجموعة الثانية: وتضم ما وراء ذلك من كتب السنة، وهي كثيرة.

إن المجموعة الأولى: تضم من الأحاديث ما فيه تلبية لحاجة طالب العلم، والعالم، وعامة الناس. 

وقد يسر الله جمع أحاديثها في كتاب واحد تحت عنوان: "جامع الأصول التسعة من السنة المطهرة" الأمر الذي جعل طالب العلم يحصل على مبتغاه في سهولة ويسر. 

وقد بلغ عدد أحاديث الكتب التسعة بعد حذف المكرر (16646)، - بما في ذلك معلقات البخاري - وأما عدد أحاديثها قبل ذلك فهو (67453) والرقم الأول يعدل أقل من ربع الرقم الثاني. وبهذا يتبين حجم توفير الجهد والوقت.

وأما المجموعة الثانية: وهي التي تضم ما رواء الكتب التسعة من كتب الحديث، فهي ما يحتاجه الباحثون والمجتهدون، وهي كثيرة كثيرة، حتى ما يكاد العالم المتخصص أن يلم بها. . فإن جمعها يحتاج إلى جهد وصبر وتعاون. 

ومن أجل إيجاد هذا الكتاب الذي يضم هذه المجموعة، أرى أن تستخرج الأحاديث الزائدة على ما في الكتب التسعة من هذه الكتب مع مراعاة ما يلي: 

1- اشتراك العلماء بهذا العمل بحيث يأخذ الواحد منهم كتاباً أو أكثر، فيستخرج زوائده على الكتب التسعة. 

2- توحيد المخطط من حيث العناوين في الكتب والفصول والأبواب. . وحتى يسهل فيما بعد تنسيق المجموع. 

3- الاقتصار على الأحاديث المرفوعة وما في حكمها دون الآثار. وإن رغب القائمون على العمل بجمع الآثار، فلتكن في عمل آخر مواز للعمل الأول ومستقل عنه. 

4- إذا استكمل العمل؛ يتم التنسيق بين حصيلة هذه الكتب بحيث يحذف المكرر منها.

5- اختيار لجنة من العلماء للحكم على هذه الأحاديث صحة وضعفاً. 

وفي اعتقادي أن هذا الكتاب الذي سيجمع هذه الحصيلة لن يكون كبيراً. ولبيان ذلك بلغة الأرقام أقول:

- مجموع أحاديث "صحيح ابن خزيمة" (3079) وعدد الأحاديث الزائدة فيه على الكتب     التسعة (296) حديثاً بما في ذلك الآثار. أي: بنسبة تقل عن عشرة في المائة. 

- مجموع أحاديث "صحيح ابن حبان" (7491) وعدد الأحاديث الزائدة فيه على الكتب التسعة     (531) حديثاً بما في ذلك الآثار. أي بنسبة تقل عن ثمان في المائة. 

- وإذا أضفنا إلى ذلك حدف الأحاديث المشتركة بين الكتابين - وهي بحدود خمسين حديثاً - فإن العدد سيقل.

- وإذا حذفنا الآثار أيضاً، فسيقل العدد مرة أخرى. 

هذا ما رأيت أن أضعه بين أيدي العاملين في هذا الميدان المبارك، عسى الله أن ينفع به. 

اللهم وفقنا لخدمة سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واجعلنا من العاملين بها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day