البحث
الباعث والمنطلق
الباعث والمنطلق
سألني أحد الإخوة الذين كنت ألتقي معهم على درس في "الفرائض" عن حديث..، فقلت: يغلب على ظني أنه ضعيف.
ولما عدت إلى البيت رجعت أبحث عن "الحديث" فإذا به في "الصحيحين". واتصلت بالأخ السائل وأبلغته أن الحديث في الصحيحين.
كان ذلك عام 1410هـ في مدينة "عرعر" في المملكة العربية السعودية، وعدت إلى نفسي أسائلها عن سبب هذا الجهل الفاحش؟!
فأنا إنسان من خريجي كلية الشريعة في الجامعة السورية - كما كانت تُسمى يومئذ - ومن المتفوقين فيها - بحمد الله - وسبق لي أن عملت مدرساً في سوريا لمدة عشرين عاماً، وعملت مدرساً في المملكة حتى يومئذ مدة عشر سنوات.
ومع ذلك أجهل حديثاً في الصحيحين؟ إنه أمر غير معقول. . وظللت أياماً وأنا منشغل الفكر بهذا الأمر..
ولكننا في كلية الشريعة - وكذلك كل كليات الشريعة - لم ندرس البخاري ولا مسلماً، وكل ما هنالك كنا ندرس نصوصاً من "سبل السلام" و "نيل الأوطار" وهي في جملتها إنما تحسب على مادة الفقه، أو الفقه المقارن، وإن كانت في الأصل في مادة الحديث.
ولم يتح لي دراسة البخاري بعد ذلك، إن كنت قرأت بعض مختصر الزبيدي.
وإني لا أخلي نفسي من المسؤولية وإن كانت هناك عوامل أخرى كثيرة تشارك في ذلك لست بصدد الحديث عنها.
وبعد أيام من انشغال الفكر بهذا الأمر تبادر لذهني أنه لا بد من كتاب يجمع بين الصحيحين يكون قريباً من الأيدي، مثله في ذلك مثل الأربعين النووية.
ولكن كيف نحصل على مثل هذا الكتاب؟
وأُخبرت بأن الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة تحقق مخطوطة لجامع بين الصحيحين، واتصلتُ هاتفياً بأحد هؤلاء المحققين، فأكد صحة الخبر، ولكنه قال: إن العمل متوقف هذا العام، لأن الجامعة لم ترصد له المال اللازم.
فرأيت أن انتظار خروج هذا العمل أمر غير مجد، وهو من ضياع الوقت.
فقررت أن أقوم بهذا العمل النفسي فأحقق كتاباً في الموضوع، أو أجمعه.
وكانت إجازة الصيف قد حان وقتها، فسافرت إلى الرياض وعشت أياما في مكتبة المخطوطات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ونظرت في عدد من المخطوطات، منها، "الجمع بين الصحيحين" للحميدي، وهو المشهور بين جوامع الصحيحين، والجامع بين الصحيحين، لأبي نعيم الحداد الأصبهاني، وجامع عبدالحق الإشبيلي وجامع أبي حفص الموصلي، وجامع الصاغاتي. . وغيرها، مما ذكرته في مقدمة الجامع بين الصحيحين.
فلم أجد في هذه الجوامع ما يلبي حاجة العصر، إذ كل مؤلف محفوف بأجواء الزمن الذي يعيش فيه، فعزمتُ على القيام بهذا العمل مستعيناً بالله سبحانه وتعالى.
كانت الغاية مما عزمتُ عليه، هي أن أضع بين يدي ما أزيد به الجهل الذي أنا فيه.