1. المقالات
  2. نَظَراتٌ فِي هُمُومِ المَرأةِ المُسْلِمَة
  3. أهل الجنة وأهل النار

أهل الجنة وأهل النار

الكاتب : صالح أحمد الشامي

أهل الجنة وأهل النار

 

قال: أليس أكثر أهل النار النساء؟

قلت: بلى.

قال: أليس هذا دليلاً على نقصهن؟

قلت: لا.

قال: وكيف ذلك؟ 

قلت: إنها قضية إحصائية، أطلعنا الله عليها بواسطة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، اطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ) (1). وهذا لا يعني أن كل امرأة مصيرها إلى النار، كما لا يعني أن كل فقير مآله إلى الجنة. 

على أنها ليست القضية مجرد معلومة يقدمها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الناس، وإنما وراءها التوجيه والنصح الذي يؤدي بالناس رجالاً ونساءً إلى ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة. 

فقد حذر النبي الكريم أصنافاً من الرجال من النار، لا باعتبارهم رجالاً، وإنما بسبب الأعمال التي يقترفونها. . فمن ذلك: 

ما رواه أبو هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. .) (1). 

ثم ذكر الحديث الرجل الذي تعلم العلم وقرأ القرآن لغير الله، وكذلك الذي أنفق المال لغير الله فكان مصيرهما مصير الأول. 

وهكذا يبين الرسول صلى الله عليه وسلم الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى النار، وبالتالي فليس كل شهيد أو عالم أو منفق كذلك. . وإنما كان البيان للبعد عن طريق هؤلاء القوم الذي هو طريق الرياء. 

وقد جاءت أحاديث أخرى بتحذير الولاة والحكام الذي لا ينصحون رعيتهم، وأحاديث أخرى بتحذير الولاة والحكام الذين لا ينصحون رعيتهم، وأحاديث أخرى بتحذير القضاة الذين لا يعدلون.. 

فهذه مهمة الرسول والأنبياء من قبله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. . .) (1). 

وإذا كان النساء نصف الناس كان لا بد من إرشادهن إلى الخير الذي يوصلهن إلى الفوز، وتحذيرهن من الشر حتى يبتعدن عنه. 

وهذا ما أشار إليه الحديث السابق.

وقد بين النبي الكريم سبب هذه الكثرة في أحاديث أخرى. 

منها: ما رواه أبو سعيد الخدري إذ قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى صلاة عيد. . 

فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) (2).

وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عن صنفين من أهل النار فكان منهما

(. . . وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) (1). 

ففي هذه الأحاديث الشريفة بيان لبعض السبل التي تؤدي بالنساء إلى النار، والتحذير منها إنما هو النصح لهن. 

فقد يكثر على ألسنة بعضهن اللعن، وهو مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، بل قد جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ) قَالَ عِمْرَانُ حصين - وهو يروي الحديث فيما بعد-: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ. . (2).

والمرأة بسبب غلبة العاطفة عليها، قد يحصل بينها وبين زوجها خلاف عارض، فتنسى كل إحسان سابق. . وهو ما وصفه الرسول الكريم بقوله ليجلي الأمر ويوضحه:  (لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ) (1). 

فالغاية النصح للمرأة في مثل هذا الموقف ألا تسارع فتساير هواها وتنكر إحسان الزوج كله، الأمر الذي يزيد في شقة الخلاف. . . وقد وصف الرسول الكريم الصرعة: بأنه الذي يملك نفسه عند الغضب. 

وأما ما جاء بشأن الكاسيات العاريات فهو أمر مشاهد، وهو من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره عن المستقبل مما يحدث بعده. 

فحديثه صلى الله عليه وسلم شأنه شأن الطب الوقائي في هذه المسألة. 

فحينما يتوجه هذا الطب إلى فريق من الناس بالابتعاد عن أشياء تضر بهم بسبب قابلية أجسامهم لها، فذلك لا يعني انتقاصهم أو وصفهم بالمرض. 

فهو صلى الله عليه وسلم حين وجه النصح إلى النساء وحذرهن من أمور عندهن القابلية لها، فإنما يضع لهن لوحات حمراء على أماكن الخطر. 

ومع ذلك فقد وجههن - إضافة إلى الابتعاد عنها - إلى المسارعة إلى الصدقة تعويضاً عما قد يبدر من بعضهن عفواً دون قصد. . من باب: إن الحسنات يذهبن السيئات. 

وإذن، فقضية إخباره عليه الصلاة والسلام بأن أكثر أهل النار النساء، لا يدخل في باب الانتفاص ولا في باب التكريم. . ولو كان الأمر كذلك لكان الأغنياء أيضاً أكثر أهل النار كما هو مفهوم الحديث، ولم يقل أحد بذلك. 

وليست القضية في ميزان الله تعالى قضية رجال أو نساء، وإنما هي قضية عمل صالح وعمل غير صالح. 

قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124].

المراجع

  1. متفق عليه.
  2.  أخرجه مسلم برقم (1905).
  3.  أخرجه مسلم برقم (1844).
  4.  متفق عليه، والرواية الثانية عند مسلم.
  5.  أخرجه مسلم (2128).
  6.  أخرجه مسلم (2595).
  7.  متفق عليه.
المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day