1. المقالات
  2. نَظَراتٌ فِي هُمُومِ المَرأةِ المُسْلِمَة
  3. الميثاق الغليظ

الميثاق الغليظ

الكاتب : صالح أحمد الشامي

الميثاق الغليظ

الميثاق: معناه العقد والعهد.

والغليظ: هو القوي والمتين. 

وقد ورد هذا التعبير في قوله تعالى:

{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا}

[النساء:21]

في صدد تذكير الرجال بحق النساء عليهم.  

وقد اتفق المفسرون على أن المراد بـ"الميثاق الغليظ هنا: عقد النكاح. 

والأصل في العقود كلها أن تكون بين طرفين متساويين في اختيار إبرام العقد على أساس من الرضا والقبول، بحيث يأخذ كل طرف منهما الميثاق على الآخر بالوفاء. 

وعقد الزواج واحد من هذه العقود التي لا تتم إلا برضى الطرفين.

وذلك أمر معلوم للجميع. 

ولكن الذي يلفت النظر في الآية الكريمة، هو قوله تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم} فجعل النساء هن الآخذات لهذا الميثاق من الرجال وكأنه عقد بتوثق به طرف واحد هو النساء. 

وإن صياغة الآية بهذه الصورة توحي بأن الذي أخذ الميثاق هو الجانب الضعيف الذي يخاف من الحيف والظلم، فكان الميثاق بيده حفظاً لحقوقه. 

وهذه هي طريقة الإسلام في مراعاة الجانب الضعيف. 

ففي كل عقد طرفان، وعادة ما يكون أحدهما أقوى من الآخر، فالبائع أقوى من المشتري، والمؤجر أقوى من المستأجر، والدائن أقوى من المدين. 

فجاء الشرع ليتوثق للجانب الضعيف. 

فقد نصت آية المداينة على أن إملاء نص عقد الدين من حق المدين - وهو الجانب الضعيف - حتى لا بيغي عليه الدائن، فقال تعالى:

{وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ}

[البقرة: 282].

وهنا جعل آخذ الميثاق هو النساء لأنهن الجانب الضعيف في هذا العقد. 

وقد رجعت إلى التفاسير التي بين يدي، فلم أجد فيها من استوقفته كلمة {وَأَخَذْنَ مِنكُم} وإنما انصب اهتمامها على تفسير "الميثاق الغليظ" بعد النكاح. 

ومما يؤكد المعنى الذي ذهبت إليه كثرة أحاديثه صلى الله عليه وسلم بالوصية بالنساء ومنها قوله في حجة الوداع:

(فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ)                                                                                              

           [مسلم: 1218].

إن المرأة هي الجانب الضعيف في المعادلة على مر العصور، وقد جاء الإسلام بالعدل لكل الناس - وهو دين العدل - فكانت التشريعات التي لا حصر لها في سبيل إعادة المرأة إلى مكانتها الحقة، ورفع الحيف والظلم عنها. 

وما الآية الكريمة التي نحن بصدد الحديث عنها إلا التأكيد على هذا الخط الذي انتهجه الإسلام العظيم. 

إن قوله تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا} تذكير وتحذير للرجل عندما يحيف أو يظلم.

  فليت كل فتاة هيأت نفسها للانتقال إلى بيت الزوجية تكتب هذه الآية الكريمة في لوحة، وتحملها معها وتعلقها في صدر بيتها، فإذا اشتط الزوج في يوم ما، ذكرته بالآية الكريمة بإشارتها إليها. . فإن ذلك سيضعه على جادة الصواب إن كان ممن تنفعه الذكرى، وإن لم يكن كذلك فلتحصد سوء اختيارها واختيار أهلها وتفريطهم في المواصفات التي نصح الإسلام بملاحظتها عند الموافقة على الخاطب.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day