1. المقالات
  2. الجزء الثاني_زاد المعاد
  3. فصل في سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار

فصل في سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار

3765 2007/11/26 2024/12/21

 
فصل في سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار


وكان أول لواء عقده رسول الله لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجره وكان لواء أبيض وكان حامله أبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي حليف حمزة وبعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش جاءت من الشام وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص فالتقوا واصطفوا للقتال فمشى مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفا للفريقين جميعا بين هؤلاء وهؤلاء حتى حجز بينهم ولم يقتتلوا

 

 

فصل
ثم بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في سرية إلى بطن رابغ في شوال على رأس ثمانية أشهر من الهجرة وعقد له لواء أبيض وحمله مسطح ابن أثاثة بن عبد المطلب بن عبد مناف وكانوا في ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري فلقي أبا سفيان بن حرب وهو في مائتين على بطن رابغ على عشرة أميال من الجحفة وكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال وإنما كانت مناوشة وكان سعد بن أبي وقاص فيهم وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله ثم انصرف الفريقان على حاميتهم قال ابن إسحاق وكان على القوم عكرمة بن أبي جهل وقدم سرية عبيدة على سرية حمزة

 

 


فصل


ثم بعث سعد بن أبي وقاص إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة أشهر وعقد له لواء أبيض وحمله المقداد بن عمرو وكانوا عشرين راكبا يعترضون عيرا لقريش وعهد أن لا يجاوز الخرار فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل حتى صبحوا المكان صبيحة خمس فوجدوا العير قد مرت بالأمس

 

 

فصل
ثم غزا بنفسه غزوة الأبواء ويقال لها ودان وهي أول غزوة غزاها بنفسه وكانت في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن عبادة وخرج في المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش فلم يلق كيدا وفي هذه الغزوة وادع مخشي بن عمرو الضمري وكان سيد بني ضمرة في زمانه على ألا يغزو نني ضمرة ولا يغزوه ولا أن يكثروا عليه جمعا ولا يعينوا عليه عدوا وكتب بينه وبينهم كتابا وكانت غيبته خمس عشرة ليلة

فصل
ثم غزا رسول الله بواط في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه سعد بن أبي وقاص وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن معاذ وخرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرا لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمائة بعير فبلغ بواطا وهما جبلان فرعان أصلهما واحد من جبال جهينة مما يلي طريق الشام وبين بواط والمدينة نحو أربعة برد فلم يلق كيدا فرجع

 

 

فصل
ثم خرج على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره يطلب كرز بن جابر الفهري وحمل لواءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أبيض واستخلف على المدينة زيد بن حارثة وكان كرز قد أغار على سرح المدينة فاستاقه وكان يرعى بالحمى فطلبه رسول الله حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وفاته كرز ولم يلحقه فرجع إلى المدينة

 


فصل


ثم خرج رسول الله في جمادي الآخرة على رأس ستة عشر شهرا وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وخرج في خمسين ومائة ويقال في مائتين من المهاجرين ولم يكره أحدا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرا يعتقبونها يعترضون عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام وقد كان جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها أموال لقريش فبلغ ذا العشيرة وقيل العشيراء بالمد وقيل العسيرة بالمهملة وهي بناحية ينبع وبين ينبع والمدينة تسعة برد فوجد العير قد فاتته بأيام وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام وهي التي وعده الله إياها أو المقاتلة وذات الشوكة ووفى له بوعده في هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة قال عبد المؤمن بن خلف الحافظ وفي هذه الغزوة كنى رسول الله عليا أبا تراب وليس كما قال فإن النبي إنما كناه أبا تراب بعد نكاحه فاطمة وكان نكاحها بعد بدر فإنه لما دخل عليها وقال أين ابن عمك قالت خرج مغاضبا فجاء إلى المسجد فوجدوه مضطجعا فيه وقد لصق به التراب فجعل ينفضه عنه ويقول اجلس أبا تراب اجلس أبا تراب وهو أول يوم كني فيه أبا تراب

 


فصل


ثم بعث عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة في اثني عشر رجلا من المهاجرين كل اثنين يعتقبان على بعير فوصلوا إلى بطن نخلة يرصدون عيرا لقريش وفي هذه السرية سمى عبدالله بن جحش أمير المؤمنين وكان رسول الله كتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ولما فتح الكتاب وجد فيه إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم فقال سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بذلك و بأنه لا يستكرهم فمن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع وأما أنا فناهض فمضوا كلهم فلما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه وبعد عبدالله بن جحش حتى نزل بنخلة فمرت بن عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة فيها عمرو بن الحضرمي وعثمان ونوفل ابنا عبدالله بن المغيرة والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ثم أجمعوا على ملاقاتهم فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل ثم قدموا بالعير والأسيرين وقد عزلوا من ذلك الخمس وهو أول خمس كان في الإسلام وأول قتيل في الإسلام وأول أسيرين في الإسلام وأنكر رسول الله عليهم ما فعلوه واشتد تعنت قريش وإنكارهم ذلك وزعموا أنهم قد وجدوا مقالا فقالوا قد أحل محمد الشهر الحرام واشتد على المسلمين ذلك حتى أنزل الله تعالى ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ) (البقرة 217 )

 

 

 

 يقول سبحانه هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرا فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن بيته وإخراج المسلمين الذين هم أهله منه والشرك الذي أنتم عليه والفتنة التي حصلت منكم به أكبر عند الله من قتالهم في الشهر الحرام وأكثر السلف فسروا الفتنة ها هنا بالشرك كقوله تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ( البقرة 193 ) ويدل عليه قوله ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) ( الأنعام 23 ) أي لم يكن مآل شركهم وعاقبته وآخر أمرهم إلا أن تبرؤوا منه وأنكروه وحقيقتها أنها الشرك الذي يدعو صاحبه إليه ويقاتل عليه ويعاقب من لم يفتتن به ولهذا يقال لهم وقت عذابهم بالنار وفتنتهم بها ( ذوقوا فتنتكم ) قال ابن عباس تكذيبكم وحقيقته ذوقوا نهاية فتنتكم وغايتها ومصير أمرها كقوله ( ذوقوا ما كنتم تكسبون ) ( الزمر 24 ) وكما فتنوا عباده على الشرك فتنوا على النار وقيل لهم ذوقوا فتنتكم ومنه قوله تعالى ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ) ( البروج 10 ) فسرت الفتنة هاهنا بتعذيبهم المؤمنين وإحراقهم إياهم بالنار واللفظ أعم من ذلك وحقيقته عذبوا المؤمنين ليفتتنوا عن دينهم فهذه الفتنة المضافة إلى المشركين وأما الفتنة التي يضيفها الله سبحانه إلى نفسه أو يضيفها رسوله إليه كقوله ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ) وقول موسى ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ) ( الأعراف 155 ) فتلك بمعنى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر بالنعم والمصائب فهذه لون وفتنة المشركين لون وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لون آخر والفتنة التي يوقعها بين أهل الإسلام كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية وبين أهل الجمل وصفين وبين المسلمين حتى يتقاتلوا ويتهاجروا لون آخر وهي الفتنة التي قال فيها النبي ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي وأحاديث الفتنة التي أمر رسول الله فيها باعتزال الطائفتين هي هذه الفتنة وقد تأتي الفتنة مرادا بها المعصية كقوله تعالى ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتي ) ( التوبة 49 ) يقوله الجد بن قيس لما ندبه رسول الله إلى تبوك يقول ائذن لي القعود ولا تفتني بتعرضي لبنات بني الأصفر فإني لا أصبر عنهن قال تعالى ( ألا في الفتنة سقطوا ) ( التوبة 49 ) أي وقعوا في فتنة النفاق وفروا إليها من فتنة بنات الأصفر والمقصود أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف ولم يبرىء أولياءه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام بل أخبر أنه كبير وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام فهم حق بالذم والعيب والعقوبة لا سيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك أو مقصرين نوع تقصير يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله فهم كما قيل


( وإذا الحبيب أتى بذنب واحد % جاءت محاسنه بألف شفيع )


 فكيف يقاس ببغيض عدو جاء بكل قبيح ولم يأت بشفيع واحد من المحاسن


فصل


ولما كان في شعبان من هذه السنة حولت القبلة وقد تقدم ذكر ذلك
 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day