1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. ولا يرضى من أحد أن يتكلم فيهم بسوء

ولا يرضى من أحد أن يتكلم فيهم بسوء

الكاتب : محمد صالح المنجد
318 2023/05/30 2024/04/25
المقال مترجم الى : English

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

كان بين خالد بن الوليد، وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه".

المد: مكيال يقدر بملء الكفين، ويعادل ربع الصاع.

ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مداً، ولا نصف مد.

وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال، بخلاف غيرهم، ولأن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم،

وقد قال الله تعالى:

{ لَا يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَٰتَلَ ۚ أُولَٰٓئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً}

[الحديد: 10]

وذلك أن الإنفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيماً لشدة الحاجة إليه وقلة المعتنى به بخلاف ما وقع بعد ذلك؛ لأن المسلمين كثروا بعد الفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم.

هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة، والتودد، والخشوع، والتواضع، والإيثار، والجهاد في الله حق جهاده.

وفضيلة الصحبة، ولو لحظة لا يوازيها عمل، ولا تنال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخذ بقياس، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

والمراد بقوله "أصحابي" أصحاب مخصوصون، وهم من أسلم قبل الفتح ممن طالت صحبته، وقاتل معه، وأنفق وهاجر ونصر.

فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل من سائر الصحابة.

ويدل على ذلك أن المخاطب بذلك هو خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك.

قال ابن حجر: "ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى".

فإذا كان هذا نهيه لخالد بن الوليد وأمثاله من مسلمة الحديبية، فكيف يكون حال من ليس من أصحابه بحال مع أصحابه!!

قال الإمام النووي: "واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب، متأولون، وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر، ولا يقتل.

وقال بعض المالكية: يقتل. قال ابن كثير: "فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين أتبعوهم بإحسان: فيا ويل من أبغضهم، أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وخيرهم وأفضلهم، أعني الصديق الأكبر، والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة، ويبغضونهم ويسبونهم، عياذا بالله من ذلك، وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة".

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day